واضح أن المؤشرات فى الواقع السياسى الآن تجرنا إلى تحالف بين العسكر والجيش وإن كان الأمر قد بدأ منذ فترة.. من خلال تنسيق عام بين الطرفين.. ولم يصل الأمر بين الطرفين إلى الخلاف أبدا.. وإن وصل فى أحيان إلى أى خلاف باتفاق طرف آخر أو انحيازه إلى رؤيته مع قوى ثورية ما إن يعود الطرفان مرة أخرى إلى الاتفاق. وقد بدأ ذلك منذ استفتاء 19 مارس على الترقيعات الدستورية التى تبناها المجلس الأعلى للقوات المسلحة مخالفة أهداف الثورة التى طالبت بدستور جديد لا إدخال تعديلات أو ترقيعات على دستور 1971، وهنا وقف الإخوان ومن معهم من التيار الإسلامى، سواء الجماعات السلفية أو الجماعة الإسلامية مع هذا الاستفتاء، وتنازلوا عن هدف رئيسى من مطالب ثورة 25 يناير العظيمة، واستمر هذا الأمر.. وكان المجلس الأعلى يستخدم الإخوان ومن معهم فى مواجهة مطالب القوى الثورية من ضرورة اعتماد الشرعية الثورية فى تنفيذ أهداف الثورة فى انتقال المجتمع عبر خريطة طريق واضحة إلى مجتمع مدنى ديمقراطى حديث.. ولعل انصياع الإخوان ومن معهم لمطالب الجيش فى عدم مشاركتهم فى المليونيات والمظاهرات التى يدعو إليها ائتلاف شباب الثورة والحركات والقوى الثورية ضد استمرار سياسة التباطؤ والتواطؤ للمجلس العسكرى فى تحقيق أهداف الثورة والالتفاف حول تلك المطالب فى مقابل استجابة المجلس الأعلى إلى مطالب الإخوان، التى كان آخرها الانصياع لرفض الوثيقة الدستورية الحاكمة على غير ما تبناه المجلس الأعلى من قبل، وتكليف الحكومة بوضع تلك الوثيقة والحوار مع كل القوى السياسية بما فيها قوى «الفلول» والإخوان أنفسهم، الذين وافقوا عليها فى البداية مقابل الخروج من جدل الانتخابات أولا والدستور أولا، هكذا قال الإخوان فى بيانهم الموقع عليه.. ومع هذا وصلوا عبر طريقتهم إلى الحصول على مكاسب صغيرة.. ثم تكبير هذه المكاسب ليكون فى النهاية قرارهم برفض تلك الوثيقة بشكل كامل.. فيستجيب إليهم المجلس العسكرى فى مقابل عدم مشاركتهم فى التظاهرات ضد المجلس العسكرى والتغاضى عن موقفهم القانونى.. فبالله عليكم.. هناك جماعة بمكتب إرشاد وتنظيم دون أى ترخيص فى ظل وجود حزب مرخص للجماعة.. ناهيك أيضا بالتغاضى عن تمويل الجماعة والحزب.. ونحن نرى فى حملتهم الانتخابية حجم الأموال التى صرفوها، خصوصا أن قوائمهم ومرشحيهم ليس من بينهم من هو معروف عنه أنه صاحب أموال.. أيضا حجم المقرات التى حصلت عليها الجماعة، وكذلك حزب الجماعة فى كل محافظات مصر.. فمن أين لهم ذلك؟ فى الوقت الذى يجرى اتهام جماعات حقوقية مدنية بالتمويل وتشكيل لجنة تقصى الحقائق عن تمويل تلك الجمعيات المدنية وإحالتها إلى النائب العام. واضح تماما أنه ليس هناك خلاف بين الإخوان والمجلس الأعلى.. ففى الوقت الذى خرجت فيه الملايين لاستعادة الثورة ونادوا بسقوط حكم العسكر.. التزم الإخوان الصمت التام رغم سقوط الشهداء فى شارع محمد محمود. وبمراجعة تصريحات كل من المشير طنطاوى وكذلك تصريحات المرشد العام محمد بديع، ستجد الكثير من التطابق، ولم لا وهما ينتميان إلى مؤسسات محافظة، وليس لهما علاقة بالثورية. .. فها هو ذا طنطاوى الذى ظهر كثيرا خلال الأيام الماضية بالتوازى مع مطالب التحرير برحيله وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى يتفق عليها الثوار.. فاستمر فى عناده ويعيد إنتاج نظام مبارك حتى بدت بياناته وكلامه صورة طبق الأصل من تصريحات مبارك على سبيل المثال «لن نسمح للقلة بالعبث بالاستقرار» وقيادات المجلس العسكرى يستعيدون كلام رموز النظام من أن ميدان التحرير ليس كل مصر.. وهو كلام سبق وأن ردت عليه الجماهير فى ثورة 25 يناير.. وهو الميدان الذى صدّر الثورة إلى دول قريبة وأخرى بعيدة.. ومع هذا هم لا يرون أو يعون.. وإنما تخيلوا أنهم أصحاب سلطة.. ولكن لجهلهم السياسى يستعلون على الشعب الذى حماهم وليس هم الذين حموا الشعب. الموقف لا يختلف كثيرا عند المرشد العام للإخوان الذى فاجأنا بحوار تليفزيونى على قناة الإخوان، بأن يفضح الجماعة بأنها كانت تأخذ أوامرها بالنزول إلى الميادين من جهات رسمية.. ففى تعليق على ما جرى يوم السبت 19/11 من اعتداء قوات الشرطة والجيش على المعتصمين بعد جمعة الإخوان، والسلفيين 18/11 قال: «إن دعوات وجهت إلى الإخوان المسلمين من بعض المسؤولين للنزول إلى الميدان، بل النزول فى بعض عواصم المحافظات..». ويقول: «إن مطالبة بعض المسؤولين لنا بالنزول إلى الميادين على خلاف المرات السابقة حيث كان طلبهم باستمرار عدم النزول إلى الميادين». يعنى المرشد العام يعترف أنه كان ينزل بأوامر من المسؤولين الذين لم يكشف عنهم.. فهل هناك مسؤولون فى هذا البلد غير المجلس العسكرى؟ فالمرشد والمشير.. وجهان لعملة واحدة من الاتفاق والتحالف.. وربنا يسترها على هذا البلد من جماعاتهما!!