رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    السعودية توجه تحذير شديد اللهجة لمن يحاول الحج دون ترخيص    فلسطين.. 75 شهيدًا جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر الجمعة    رابط نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام    تامر حسني يقدم تجربة موسيقية تفاعلية غير مسبوقة في القاهرة    10 سنوات على انطلاق البرنامج.. أفكار الخبراء لتطوير «تكافل وكرامة»    أسماء المقبولين بمسابقة 30 ألف معلم.. تعليم الشرقية تعلن النتائج    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    حبس ميكانيكي طعن سائق في شبين القناطر    اليوم.. نظر دعوى الفنانة انتصار لزيادة نفقة أبنائها    اليوم| أولى جلسات محاكمة «القنصل» أكبر مزور شهادات جامعية و16 آخرين    ضبط 2.5 طن أعلاف مخلوطة بالقمح المحلي في التل الكبير بالإسماعيلية    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    الفيلم الفلسطينى كان ياما كان فى غزة يفوز بجائزة أفضل ممثل بمهرجان كان    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    الضرائب: أي موظف يستطيع معرفة مفردات المرتب بالرقم القومي عبر المنظومة الإلكترونية    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة "كريت" اليونانية    اليونيسف: دخول 107 شاحنات لغزة أمر لا يكفي مطلقا إزاء الوضع الكارثي بالقطاع    حريق هائل في شارع سوق السلاح بالدرب الأحمر.. وشهود عيان: يوجد ضحايا    واشنطن ترفع العقوبات عن موانئ اللاذقية وطرطوس والبنوك السورية    ردا على من يشكك في دور مصر.. خبير عسكري ل"أهل مصر": امتلاك الاقتصاد والمال لا يعني النفوذ والتأثير بالمنطقة    بن شريفة: بنتايج من أفضل لاعب في مركزه.. ومصدق مستقبل الدفاع المغربي    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    النسخة الأفضل مِنكَ    اليوم.. منتدى القاهرة ل«التغير المناخى» يحتفل بمرور 100 عام على فعالياته بين مصر وألمانيا    استشارية أسرية: الحب مجرد تفاعل هرموني لا يصمد أمام ضغوط الحياة    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 24 مايو 2025    وزير الزراعة: صادرات مصر الزراعية إلى السعودية تتجاوز 12% من إجمالي صادراتها للعالم    صور عودة 71 مصريا من ليبيا تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي    ترامب والشرق الأوسط.. خطط مخفية أم وعود حقيقية؟!    الأرصاد الجوية: طقس الغد شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    وول ستريت تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبى    ننشر أسماء المقبولين في وظيفة «معلم مساعد» بالمنوفية| صور    أسماء المقبولين في مسابقة 30 ألف معلم الدفعة الثالثة بالشرقية (مستند)    إسقاط كومو لا يكفي.. إنتر ميلان يخسر لقب الدوري الإيطالي بفارق نقطة    "الظروف القهرية يعلم بها القاصي والداني".. بيراميدز يوضح تفاصيل شكواه للمحكمة الرياضية بشأن انسحاب الأهلي أمام الزمالك    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    يوريشتش يستقر على تشكيل بيراميدز أمام صن داونز.. يجهز القوة الضاربة    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    ارتفاع حالات الحصبة في الولايات المتحدة وسط مخاوف من انتشار واسع    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    حزب الإصلاح والنهضة: نؤيد استقرار النظام النيابي وندعو لتعزيز العدالة في الانتخابات المقبلة    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    بحضور انتصار السيسي، "القومي لذوي الهمم" ينظم احتفالية "معًا نقدر"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير المفوضين عن قطع الاتصالات المثير للجدل.. والأسئلة
نشر في التحرير يوم 15 - 08 - 2011

حصلت «التحرير» على تقرير هيئة مفوضى الدولة الذى أثار جدلا واسعا طوال الأيام الماضية، وهو واحد من التقارير التى تبحث عن المسؤول عن قرار قطع الاتصالات والإنترنت قبل يوم جمعة الغضب فى 28 يناير الماضى والأيام التالية، وذلك قبل أن تفصل المحكمة الإدارية العليا فى جلستها فى الثالث من أكتوبر القادم، برئاسة المستشار مجدى العجاتى، بين ما جاء فى تقرير هيئة مفوضى الدولة والحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بتغريم مبارك والعادلى ونظيف 540 مليون جنيه، باعتبارهم هم وحدهم المسؤولين عن قطع الاتصالات.
لم تتوقف هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها المثير للجدل عند حد إعفاء مبارك ونظيف والعادلى من 540 مليون جنيه، وإنما أيدت أيضا اتهام مبارك للجنة التى شكلها نظيف، وضمت فى عضويتها 7 وزراء ومسؤولين بإصدار قرار قطع الاتصالات عن الثوار وتنفيذه.
فقد جاء فى التقرير فى الصفحة رقم 33: أن الثابت من مستندات القضية أنه نتيجة لما حاق بالبلاد فى مطلع العام الحالى من قيام المظاهرات فى نواحٍ متفرقة من البلاد، والتى كانت تندد بنظام الحكم وبالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مطالبة بالتغيير وتحسين الأوضاع التى توشجت بعديد من الاعتصامات فى عدد من الميادين المعروفة بالدولة حتى وصل الأمر إلى المطالبة برحيل رئيس الدولة، وخلال هذه الموجة -والكلام لهيئة المفوضين- أصدرت الجهة الإدارية ممثلة فى «رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف والمشير طنطاوى وأحمد أبو الغيط وحبيب العادلى وأنس الفقى وطارق كامل وعمر سليمان واللواء سعد زغلول أمين عام مجلس الوزراء» قرارا بقطع خدمة الاتصالات والإنترنت عن الثوار فى ميدان التحرير، اعتبارا من ظهر يوم الثلاثاء الموافق 25 يناير وحتى صباح الأربعاء الموافق 26 يناير، وأصدرت أيضا قرارا آخر بالقطع الذى أعقبه يوم الخميس الموافق 27 يناير وحتى صباح الجمعة 28 يناير بالنسبة لخدمات المحمول فى محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية والسويس والغربية، إضافة الى قرار آخر بقطع خدمات الإنترنت على مستوى الجمهورية اعتبارا من الخميس 27 يناير وحتى 2 فبراير.
ما ذكره تقرير المفوضين يتطابق مع ما قاله مبارك حرفيا فى الصفحة رقم 18 من طعنه الذى قدمه المحامى عادل محمد عبد الوهاب نيابة عنه إلى المحكمة الإدارية العليا، مؤكدا أن قرار قطع الاتصالات وخدمات الإنترنت صدر من لجنة تم تشكيلها بواسطة رئيس الوزراء دون أن يصدر بذلك أمر منه باعتباره رئيسا للدولة، سواء كان كتابيا أو شفويا، مضيفا أن التشكيل الخاص بتلك اللجنة ليس وزاريا فقط حتى يسأل عنها باعتباره رئيسا للدولة، خصوصا أن تلك اللجنة ضمت كلا من عمر سليمان رئيس المخابرات العامة، وأمين عام مجلس الوزراء سعد زغلول، وهما ليسا من أعضاء السلطة التنفيذية، حسب مبارك، وبالتالى تسقط عنه (مبارك) أى مسؤولية سياسية، وإنما تقع على ما صدر من تلك اللجنة ما دام أنه لم تصدر أى قرارات أو توجيهات أو أوامر بتشكيلها، وإنما يندرج ضمن أعمال السلطة التنفيذية التى تتصل بإدارة الدولة من الناحية الإدارية وتسيير مرافقها العامة، بل صدر من رئيس الوزراء باعتباره رئيس الحكومة، وبالتالى «يجب الفصل بين مسؤوليتى -والحديث على لسان مبارك- ومسؤولية رئيس الوزراء» باعتباره من قام بتشكيل اللجنة التى أصدرت القرار.
تقرير المفوضين تجاهل الحديث عن أى مسؤولية لمبارك عن قرار قطع الاتصالات، وإنما استطرد فى تأكيد أن قرار قطع الاتصالات قرار إدارى يخضع لرقابة القضاء الإدارى عليه، فذكر التقرير فى صفحاته رقم 30 و31 و32 و33، أنه بالنسبة لدفاع مبارك ونظيف والعادلى فى ما يتعلق بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل فى القرار لكونه عملا من أعمال السيادة بحسب أن القرار الصادر بقطع خدمات الاتصالات والإنترنت عن الهواتف المحمولة للشركات الثلاث (فودافون -موبينيل – اتصالات) وخدمات الإنترنت، اعتبارا من 28 يناير ولمدة 5 أيام كاملة، أصدرته الحكومة بوصفها سلطة حكم وليست جهة إدارية، إضافة إلى أن القرار حسب المطعون ضدهم يدخل فى إطار مسألة من مسائل القانون الخاص يحكمها قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 والعلاقة العقدية بين هذه الشركات والجهة الإدارية، ومن ثم فإن القرار يمثل منازعة مدنية تدخل فى اختصاص المحاكم العادية وينحسر عنها اختصاص محاكم مجلس الدولة. هيئة المفوضين ردت على تلك الدفوع بأن ما هو مستقر عليه أن أعمال السيادة هى استثناء يمثل خروجا على مبدأ المشروعية، وأن القائمة القضائية لما يعد من قبيل هذه الأعمال يسير فى اتجاه مضاد لاتساع دائرة الحقوق والحريات العامة، مضيفة أن نظرية أعمال السيادة فى مصر ذات أساس تشريعى، فقد أقرت نصوصا صريحة فى صلب التشريعات المتعاقبة بأنها هى «الأعمال التى تصدر عن الدولة بما لها من سلطة عليا وسيادة داخلية وخارجية، مستهدفة تحقيق المصالح العليا للجماعة والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها من الداخل والخارج»، لافتة الى أن قرار اللجنة بقطع الاتصالات يعد إفصاحا من جانب الجهة الإدارية بوصفها سلطة إدارية فى الشكل الذى يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح، ومن ثم يكون قرارا إداريا مكتمل الأركان صادرا عن سلطة وطنية ويخضع لرقابة القضاء الإدارى عليه، مضيفا أنه بالنسبة لشرعية القرار فإنه لا شك أن قرار اللجنة التى أصدرت قرار قطع الاتصالات وخدمات الإنترنت وباشرت تنفيذه هو قرار إدارى يخضع لرقابة القضاء الإدارى عليه، وهو قرار غير قانونى يستوجب الإلغاء. تقرير المفوضين أيد مطالب مبارك ونظيف والعادلى فى عدم دفع 540 مليون جنيه تعويضا للخزانة العامة للدولة، فالهيئة قالت فى صفحتى رقم 34 و35 من تقريرها إن حكم القضاء الإدارى قضى بما لا يطلبه الخصوم، فالمحامى محمد عبد العال مقيم دعوى القضاء الإدارى والمتضامنين معه لم يطلبوا تعويض الخزانة العامة للدولة بالمبلغ الذى حددته المحكمة، لأنهم ليس لهم صفة فى ذلك، إضافة إلى أن هيئة قضايا الدولة التى تنوب عن الخزانة العامة للدولة لم تطلب هذا الأمر، بل طالب بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته والمتضامنين معه من جراء قرار قطع الاتصالات، على أن يتم تخصيص مبلغ التعويض المقضى به لإنشاء مؤسسة أهلية يقومون على إدارتها بغرض تطوير التعليم والبحث العلمى والتكنولوجى فى مصر، ومن ثم -والكلام ما زال لتقرير المفوضين- لا يجوز لمحكمة القضاء الإدارى أن تحكم على مبارك والعادلى ونظيف بما لم يطلبه الخصوم، لأنه إذا كانت الخزانة العامة للدولة تضررت من قرار قطع الاتصالات، فعليها أن تلجأ إلى إقامة دعوى قضائية منفردة.
الهيئة ذكرت أن طلب إلغاء القرارات الإدارية لمجاوزتها الشرعية -حسب هيئة المفوضين- هو طعن موضوعى عام مبنى على المصلحة العامة التى يجب أن تسود الأعمال الإدارية، وفى ما يتعلق بتقدم مواطنين عاديين بالطعن على قرار قطع الاتصالات، فهو حسب الهيئة أمر مقبول، لأن قطع الاتصالات يتعلق بحجب الطيف الترددى، بوصفها حيز الموجات التى يمكن استخدامها فى الاتصال اللا سلكى، وهو حق لكل مواطن باعتبار تلك الموجات أحد الموارد الطبيعية المملوكة لجموع الشعب وجميع المستخدمين لخدمات الاتصالات والإنترنت، ومن ثم يكون حسب هيئة المفوضين لكل مستخدم لخدمات الاتصالات الصفة والمصلحة الشخصية المباشرة فى التنازع حول شرعية قرار القطع، مضيفة أنه بالنسبة لطلب إلغاء قرار قطع الاتصالات، فلا تتطلب فى كل من يلجأ إليه أن يكون صاحب حق، بل يكفى أن يكون الطالب ذا مصلحة شخصية مباشرة بوصفهم مواطنين مستخدمين.
أما فى ما يتعلق بطلب إلزام مبارك والعادلى ونظيف بدفع تعويض مقداره 540 مليون جنيه من مالهم الخاص للخزانة العامة للدولة، فالهيئة ذكرت فى نهاية الصفحة رقم 36 إضافة إلى الصفحة رقم 37 من تقريرها أن مقيمى دعوى القضاء الإدارى لم يطلبوا الحكم بتعويض الخزانة العامة للدولة، حيث لا صفة لهم فى ذلك، وإنما جاءت طلباتهم الختامية مقصورة على الحكم لأنفسهم بإلزام مبارك والعادلى ونظيف بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابتهم من جراء قطع خدمات الاتصالات، على أن يتم تخصيص مبلغ التعويض المقضى به لإنشاء مؤسسة، بغرض تطوير التعليم والبحث العلمى والتكنولوجى فى مصر، ومن ثم -والحديث على لسان تقرير المفوضين- محكمة القضاء الإدارى خرجت على النطاق الذى حدده الخصوم فى طلباتهم وقضت بإلزام الطاعنين بتعويض الخزانة العامة للدولة، واحتفظت لها بالحق فى المطالبة بإعادة النظر فى التعويض، رغم أن الخزانة لم تطلب من الأساس هذا التعويض، وهو ما اعتبرته هيئة مفوضى الدولة سببا موضوعيا لبطلان حكم القضاء الإدارى، رغم أن هيئة المفوضين نفسها سبق وانتهت وقت تداول القضية أمام محكمة أول درجة إلى قبول دعوى الإلغاء والتعويض، وأوصت بإلغاء قرار قطع الاتصالات وإلزام كل من مبارك والعادلى ونظيف، إضافة إلى طارق كامل وزير الاتصالات الأسبق التى أكدت فى تقريرها الذى أودعته محكمة القضاء الإدارى فى 30 أبريل الماضى مسؤوليتهم عن قرار قطع الاتصالات، وطالبت المحكمة بتغريمهم عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالاقتصاد القومى وبالمواطنين المصريين لصالح الخزانة العامة للدولة.
وفى نفس السياق، استعانت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها بنص حكم القضاء الإدارى الذى أصدره المستشار حمدى ياسين عكاشة بتغريم مبارك والعادلى ونظيف 540 مليون جنيه من مالهم الخاص لتسببهم فى قطع الاتصالات عن الثوار، وأفردت له 19 صفحة كاملة من الصفحة الثانية إلى الصفحة رقم 21 من التقرير الذى كان مجمل صفحاته 40 صفحة، ورغم ذلك لم تلتفت الهيئة إلى ما أوردته المحكمة ردا على الاتهامات الموجهة إلى اللجنة التى شكلها نظيف، والتى أصدرت قرار قطع الاتصالات، فرغم أن المحكمة أكدت أن مبارك والعادلى ونظيف بشخصهم فقط هم المسؤولون عن قرار قطع الاتصالات، مستندة إلى أن القرار لم يكن عفويا أنتجته ظروف الاحتجاجات السلمية التى بدأت فى 25 يناير الماضى، وإنما كان متعمدا ومقصودا تم الترتيب والإعداد له قبل الثورة.
فقد قامت -حسب حكم القضاء الإدارى- كل من وزارات الداخلية والاتصالات والإعلام بمشاركة شركات المحمول الثلاث والشركات المقدمة لخدمات الإنترنت بإجراء تجارب إحداها تم فى 6 أبريل عام 2008 والأخرى تمت فى 10 أكتوبر الماضى، أى قبل بداية الثورة بثلاثة أشهر، تستهدف قطع الاتصالات عن مصر وكيفية حجب بعض المواقع الإلكترونية وأسلوب منع الدخول على شبكة الإنترنت، سواء لمدينة أو محافظة أو عدة محافظات، إضافة إلى حجب أو إبطاء مواقع إلكترونية محددة، كما قامت تلك الوزارات -حسب حكم القضاء الإدارى- بوضع خطة سرعة الحصول على بيانات مستخدمى الشبكة والبصمات الإلكترونية عقب استخدامها خلال فترة لا تقل عن 3 أشهر، وكذلك منع خدمة التليفون المحمول للشركات الثلاث عن منطقة بذاتها، أو عن مدينة أو محافظة أو حتى عن مصر كلها، وغلق خدمة الرسائل القصيرة الدولية ومنع تداول الرسائل فى مصر.
المحكمة لفتت إلى أن الداخلية نفذت تلك الخطة مع انتفاضة المحلة عام 2008، حيث أنشأت الوزارة قسما للاختراق الإلكترونى تابعا لجهاز مباحث أمن الدولة، كما أنشأت غرفة طوارئ فى سنترال رمسيس، التى ضمت ممثلين عن «الشركات الثلاث ووزراة الاتصالات والإعلام والداخلية»، لمواجهة ما أطلقت عليه الجهات الأمنية استخدام العناصر الإثارية لخدمة الرسائل القصيرة والإنترنت فى بث أخبار أو رسائل مغرضة وغير صحيحة، من شأنها إشاعة الفوضى فى البلاد.
حكم القضاء الإدارى الذى أصدره المستشار حمدى ياسين ذكر أن قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت أسهم فى إصداره كل من الرئيس السابق ووزير الداخلية الأسبق ورئيس الوزراء الأسبق، مستندا إلى أنه حسب المستندات بادر نظيف قبل بدء الاحتجاجات السلمية وتحديدا فى يناير الماضى، بتشكيل لجنة وزارية للتصدى للمظاهرات المزمع القيام بها فى 25 يناير، بما له من سلطة مشتركة مع رئيس الجمهورية فى وضع السياسة العامة للدولة، واتخذت تلك اللجنة برئاسة نظيف وتوجيه مبارك -حسب القضاء الإدارى- قرارات قطع الخدمة، وتركت لحبيب العادلى وزير الداخلية وقتها، تقدير توقيت القطع ومخاطبة غرفة العمليات مباشرة بتوجيه الأوامر بقطع خدمات الاتصالات وخدمات الإنترنت إلى غرفة العمليات بالتنسيق مع مبارك، بحسبانهما معا يضعان السياسة العامة للدولة ويشرفان معا على تنفيذها. المحكمة تأكدت من واقع مسؤولية مبارك عن القرار حسبما نصت فى حكمها من الظروف والملابسات التى صاحبت مطالب الثورة بإسقاط النظام التى استمرت 18 يوما من الترغيب والترهيب، حاول خلالها النظام الحاكم ممثلا فى الرئيس المخلوع التمسك بالسلطة باستعمال جل وسائل القهر والعنف.
المحكمة أكدت مسؤولية مبارك عن القرار، حتى ولو كان تقدير إصداره مرجعه تقدير وزير الداخلية الأسبق خصوصا أن الشرطة هيئة مدنية نظامية رئيسها الأعلى هو رئيس الجمهورية، وهو المسؤول عن أداء الشرطة واجبها فى خدمة الشعب، المحكمة بررت قصرها مسؤولية قطع الاتصالات على مبارك والعادلى ونظيف، واستبعد من التغريم كل من المشير طنطاوى ووزيرى الإعلام والاتصالات السابقين، بأن المستندات كشفت عن أن هيئتى الأمن القومى والرقابة الإدارية كجهتين من جهات الأمن القومى ليس لهما أى دور من قريب أو بعيد فى تقرير أى وجود لحالة من حالات المساس بالأمن القومى تدعو لإصدار القرار، واستبعدت المحكمة كذلك أعضاء اللجنة الوزارية التى اتخذت قرار القطع، سواء عن القوات المسلحة أو الإنتاج الحربى أو وزارات الاتصالات والإعلام والخارجية، إضافة إلى شركات الاتصالات والشركات المقدمة لخدمات الإنترنت من الإدانة خصوصا أن قرار القطع كان -حسب المحكمة- نتاج السياسة العامة للدولة التى انتهجها كل من مبارك والعادلى ونظيف.
محكمة القضاء الإدارى: المستندات تؤكد أن مبارك هو المسؤول الأول عن القرار وأن هيئتى الأمن القومى والرقابة الإدارية ليس لهما أى دور
حصلت «التحرير» على تقرير هيئة مفوضى الدولة الذى أثار جدلا واسعا طوال الأيام الماضية، وهو واحد من التقارير التى تبحث عن المسؤول عن قرار قطع الاتصالات والإنترنت قبل يوم جمعة الغضب فى 28 يناير الماضى والأيام التالية، وذلك قبل أن تفصل المحكمة الإدارية العليا فى جلستها فى الثالث من أكتوبر القادم، برئاسة المستشار مجدى العجاتى، بين ما جاء فى تقرير هيئة مفوضى الدولة والحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بتغريم مبارك والعادلى ونظيف 540 مليون جنيه، باعتبارهم هم وحدهم المسؤولين عن قطع الاتصالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.