ربما كانت الزيارات التى تمت فى الآونة الأخيرة بين قيادات السلفيين، والأزهر، لم تجد نفعا، إذ تواصلت الأزمة بين الداعية أبو إسحق الحوينى، ومفتى الجمهورية على جمعة، خصوصا بعدما عقد علماء من الأزهر مؤتمرا، مؤخرا، لرفض التطاول على «جمعة». مستشار المفتى إبراهيم نجم، قال ل«التحرير» إن الفكر المتشدد يهدد هوية التدين فى مصر، ويخالف طبيعة الأزهر الذى يعترف بلغة العمل والعلم وينفتح على الآخر. وأضاف أن الصراع الآن يؤكد أن الأزهر ودار الإفتاء غير مهتمين بواقع الأزمة، ولا يلجآن إلى افتعال أى صدام مع الآخر فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر، وأن الأزهر دائما يجمع ولا يفرق، ويعمل على توحيد كل الأطياف والتيارات تحت مظلة الفكر الوسطى، لأن هذا المنهج هو الأفضل للعباد. نجم أشار إلى أن طبيعة علماء الأزهر، والشيخ على جمعة، تحديدا تتميز بسعة الصدر فهو يقبل النقد، ولا يسعى للصدام، وأنه مصمم على أن لا يشغله هذا الأمر عن أداء مهمته، خصوصا فى هذه الحرب التى تسعى لفرض صبغة سياسية دينية غريبة، وأن طبيعة الشعب المصرى لا تسمح بنشر التشدد، وأن الهوية المصرية ستحارب من تلقاء نفسها هذا المنهج، وأن القضية محسومة، والفيصل هو صراع الهوية. مستشار شيخ الأزهر حسن الشافعى، أوضح أن السلفيين وإن كانوا قد أخطؤوا فى النقد والتعبير، فإن ذلك لا يعنى إقصاءهم عن الواقع، مشيرا إلى أنه لا بد من جذب هؤلاء إلى الأزهر وردعهم عن الأفكار الهدامة التى لا يعترف بها المذهب المعتدل، فالحوار مطلوب معهم، وأضاف أن هؤلاء ظلوا بعيدا عن العالم لفترة طويلة، وهو الأمر الذى ساعد كثيرا من الأدعياء على استغلالهم واستخدامهم للسعى لأهداف سياسية، وتحقيق مكاسب واضحة من نشر المذهب السلفى، وأن الحل فى عودة الأزهر إلى مكانته. وكان قد تم تنظيم وقفة احتجاجية عقب صلاة الفجر، ومؤتمر حاشد، صباح أول من أمس، وذلك بالجامع الأزهر حضره علماء من جامعة الأزهر. المؤتمر شارك فيه الآلاف من طلاب وأساتذة الأزهر وعدد من قيادات الطرق الصوفية مثل عبد الهادى القصبى والشيخ طارق الرفاعى شيخ الطريقة الرفاعية، وطالبوا بنصرة المنهج الأزهرى الأشعرى الذى يمثله المفتى وتوقف الحرب التى يشنها السلفيون على علماء الأزهر. وقالوا إنه سيتم التقدم بطلب للمسؤولين فى الأزهر لتطهير الأزهر من الوهابية وتطهير المناهج الأزهرية الدراسية من الفكر الوهابى وإغلاق كل القنوات التى تبث السموم والتطرف والإرهاب وقصر الفتوى على الأزهر الشريف ومنع ونبذ الفتاوى المستوردة وضم جميع المساجد والزوايا إلى الأوقاف على أن تصبح تحت رعاية أزهرية. الوقفة توافد إليها عشرات من علماء الأزهر، حيث امتلأت ساحات الصلاة عن آخرها بالمتظاهرين الذين تدفقوا من محافظات الجمهورية لتأكيد رفضهم ما سموه الاعتداءات والاتهامات غير اللائقة من عدد من أصحاب المنهج المتشدد.