تحتفل مصر فى الخامس والعشرين من شهر أبريل كل عام بذكرى تحرير سيناء، وخروج آخر جندى إسرائيلى منها واستعادة كامل ترابها المقدس، بفضل أبناء قواتها المسلحة الذين صنعوا النصر بدمائهم وعرقهم وتضحياتهم، وبمساعدة أبناء سيناء المجاهدين الذين حققوا معهم النصر.. وفى نفس هذا اليوم من كل عام أيضا تقيم الأحزاب والجمعيات الدينية المتشددة فى إسرائيل احتفالات جنائزية لإحياء ذكرى الخروج الثانى من سيناء -حسب قولهم- وذكرى هدم مستوطنة «ياميت» الشهيرة التى كانت من أكبر المستوطنات الإسرائيلية التى أنشئت فى سيناء بعد احتلالها عام 1967، التى بلغ عددها 21 مستوطنة يهودية حتى عام 1982 متواطئين لملئها بالمهاجرين. ويتزعم هذه الأحزاب الإسرائيلية المتشددة رابطة «مايم» أو المعسكر اليهودى الموحد التى يرأسها الميجور جنرال متقاعد «آفى إيتام» الذى يرى من وجهة نظره أن الدولة الإسرائيلية يجب أن تشمل سيناء، وقد قام إيتام بانقلاب فى حزب المفدال وهو الحزب القومى الدينى، الذى كان يرأسه الحاخام إسحق ليفى وأصبح الزعيم الجديد للحزب. وهناك آراء وأشخاص فى إسرائيل حاليا أكثر تشددا من إيتام، ويطالبون بتحرير سيناء من الاحتلال المصرى لأنها تدخل ضمن أراضى التوراة التى ينادى باستعادتها كل قادة إسرائيل، ومنذ إنشائها، وحسبما جاء فى العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح الخامس عشر، الآية 18، التى تقول: «فى ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقا قائلا لنسلك أعط هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات». إن هذه المؤامرة وهذا المخطط الصهيونى بدأ تنفيذه منذ فترة طويلة، أى منذ عام 1902. عندما وصلت لجنة هرتزل لمعاينة سيناء وعرضت تأجيرها من الحكومة المصرية، بحجة إنشاء مستعمرات عليها لجمع اليهود من الشتات، وقد قوبل هذا الطلب بالرفض من الحكومة المصرية فى ذلك الوقت. ثم أصدر هرتزل بعد ذلك كتابه «الدولة الصهيونية» الذى حدد فيه حدود إسرائيل، فقال «فى الشمال مرتفعات تركيا، وفى الشرق نهر الفرات، وفى الغرب قناة السويس»، ثم بدأت بعد ذلك الأيادى الخفية الإسرائيلية تشكك فى مصرية سيناء، تدعمها المنظمات ومراكز الأبحاث فى العالم أجمع، ويقول بعضها «منذ متى كانت سيناء مصرية؟».. وجاء فى مقال المنظمة الصهيونية العالمية بالقدس الذى نشر فى مجلة «كيفونيم» الإسرائيلية عام 1982 ما يلى: «إن استعادة سيناء بثرواتها هدف ذو أولوية، ولكن اتفاقية كامب ديفيد تحول الآن بيننا وبين ذلك، لقد حرمنا من البترول وعائداته واضطررنا للتضحية بأموال كثيرة فى هذا المجال، ويتحتم علينا الآن استرجاع الوضع الذى كان سائدا فى سيناء قبل زيارة السادات المشؤومة لإسرائيل». كما يتردد فى بعض مراكز الأبحاث الدولية سؤال عن سيناء: إن كانت إفريقية أو آسيوية.. وفى ديسمبر 2006، وزعت المجموعة الدولية للأزمات، وهى منظمة دولية فى أوروبا، تقريرا عنوانه «هل سيناء مصرية؟» ولم يقتصر الموضوع على سرقة سيناء فقط، بل تعدى ذلك إلى محاولة تشويه وسلب وضعها الدينى المقدس فى مصر، فهناك بعض الأفلام والمواقع المشبوهة تدعى أن جبل الطور الذى ذكر فى القرآن الكريم 12 مرة والذى توجد سورة باسمه فى القرآن، ليس فى سيناء، ولكنه فى تبوك بالمملكة العربية السعودية ويسمى جبل اللوز، كما أن الوادى المقدس طوى الذى كلم المولى عز وجل سيدنا موسى فيه ليس فى سيناء، ولكنه فى مكةالمكرمة، وأن سيدنا موسى شق البحر بعصاه إلى شبه الجزيرة العربية، وليس إلى شبه جزيرة سيناء، بالإضافة إلى حذف جبل الطور من جميع الخرائط السياحية والمساحية فى مصر، وتشترك أجهزة كثيرة عندنا لتعميم هذا المفهوم!! إن التخطيط والخطوات التنفيذية مستمرة لإنشاء إسرائيل الكبرى التى تمتد حدودها الغربية إلى قناة السويس، ويشرف على تنفيذ هذا المخطط جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) الذى يعتبر سيناء حتى الآن أرضا محتلة.. وجاء فى بيان المتحدث الرسمى باسم الحكومة الإسرائيلية بتاريخ 30/9/2011 تعقيبا على تصريحات نسبت للسفير المصرى لدى السلطة الفلسطينية فى رام الله السفير ياسر عثمان، قال المتحدث الرسمى باسم نتنياهو: «إن إسرائيل تحترم الحكومة والشعب فى مصر»، وقال كذلك إن «تطبيق اتفاق السلام الذى يقضى بأن سيناء هى منطقة تحت السيادة المصرية يعتبر مصلحة استراتيجية مشتركة لكلا البلدين»، وهو كلام خطير جدا معناه أن إسرائيل تعتبر أن سيناء تحت السيادة المصرية حاليا «وليست أرضا مصرية» كما كانت غزة تحت السيادة المصرية بعد عام 1948 مثلا.. وعلى الأرض نرى بوادر تخطيط إسرائيل لتحرير سيناء واستعادتها، ونرى الكثيرين منهم يتجولون حاليا فى مدنها ومنتجعاتها ووديانها لدراسة الأرض ومسرح العمليات المنتظر تحت مظلة السياحة وتحت سمع وبصر كل الأجهزة المصرية التى أعتقد أنها استوعبت الدرس وأعدت العدة للدفاع عن أرضنا فى سيناء، إذا سولت لهم أنفسهم تنفيذ أفكارهم الاستيطانية مرة أخرى، وليعلم قادة إسرائيل أن خروجهم من سيناء بالكامل فى أبريل عام 1982 هو الخروج الثانى والأخير، لأنهم لن يعودوا أبدا لاحتلالها، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لذلك فمن جانبنا نحن يجب أن نعمل على ترسيخ الهوية المصرية لشبه جزيرة سيناء المنسية، وهى هوية ليست محل شك، ولكن تفويتها أمر ضرورى ويجب أن تعمل جميع المؤسسات الثقافية والتعليمية فى مصر على ذلك وتشجع الشباب فى المدارس والجامعات على عمل رحلات مستمرة إلى سيناء للتعرف عليها حتى يحبونها ثم يعمرونها كما يجب الرد المستمر على كل ما يقال وينشر فى أى وسيلة من وسائل النشر على هذه المعلومات المشبوهة عن سيناء ليس بالنفى فقط ولكن بتوضيح الحقائق الواضحة أصلا والواردة فى الكتب السماوية. إن التخطيط والتنفيذ مستمر يا سادة لانتزاع سيناء من مصر وإلى الأبد!! فهل نفيق؟؟