أريد أن أصدق ما يصرح به هذه الأيام السيد الدكتور فتحى البرادعى وزير الإسكان. كل ما أتمناه من الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه التصريحات مدروسة عبر خطط موضوعية فى يد الوزير، وهو يعلن دائما أنه يملك الخطط للوصول إلى هدف كبير وهو مشروع الإسكان ذو المليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل، وأظن أن الجميع يشاركنى الرأى أن هذا حلم كبير صعب تحقيقه، خصوصا أن السيد الوزير يؤكد أن تكاليف المشروع سوف تتحملها الوزارة دون طلب أى معونات مالية من الخزانة العامة، وبالطبع هذا الحديث من الصعب قبوله من الوهلة الأولى لأسباب متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر أنه يخرج من وزير ونحن تعودنا منذ سنوات طويلة أن لا نصدق الوزراء، وأيضا تاريخ وزراء الإسكان فى مصر خصوصا فى الفترة الأخيرة لا يعطينا رائحة أمل فى وزارة الإسكان وفى مشروعات وزارة السكان. ورغم كل ذلك، المشروع الذى يطرحه السيد الوزير فتحى البرادعى يستحق من الجميع سواء الحكومة أو الجهات الشعبية المختلفة ووصولا إلى جميع أفراد الشعب أن يتفحصه الجميع وأن يناقشه العامة والخاصة لأنه كلام مهم جدا وبالذات للأجيال القادمة فى مصر. ماذا يقول الرجل فى مشروعه؟ يقول إن تنفيذه يتطلب توفير 16 مليار جنيه سنويا لإنشاء 200 ألف وحدة سكنية كل عام على مدى خمس سنوات، مؤكدا أن تكلفة الوحدة تصل إلى 80 ألف جنيه بالمرافق، ويؤكد أن البناء يتم عبر متوالية متقاربة على مدى سنوات المشروع التى تنتهى خلال خمس سنوات، ويؤكد كذلك أنه أسس استراتيجية جديدة تعتمد على العلاقة بالمواطنين تتم على ثلاثة مستويات: المستوى الأول هو الإتاحة، وهو للفئات القادرة ويوفر لها الأراضى لبناء المساكن فى المدن الجديدة على أساس أن هذه الفئات تستطيع تسديد ثمن الأرض وتقوم بالبناء عليها، ويؤكد أنه بذلك يكون قد وفر للفئات القادرة قطع أرض متميزة يعيشون عليها ويكون ذلك بنظام المزاد العلنى طبقا لأسعار السوق السائدة على أن يدخل ضمن المزادات طرح خدمات إدارية وخدمية لكل المشروعات الخاصة بجميع الطبقات بحيث يتم توجيه حصيلة الأرباح الهائلة التى تُحقَّق من المزادات لخدمة مشروع محدودى الدخل. أما المستوى الثانى الذى يتحدث عنه السيد الوزير فهو مستوى الإتاحة، ويعتمد على الفئة المتوسطة من المواطنين التى ستعمل الوزارة على مساندتها، بمعنى أنها ستقوم بتوفير الأراضى لمشروعات الإسكان المتوسط لها، وعلى هذه الفئات سداد قيمة الأراضى فى فترة مناسبة بعيدا عن تأثير أسعار المزادات التى كانت تجرى سابقا بطرح أراض للإسكان العائلى المتوسط بأسعار محددة وواضحة تحسب على أساس تكلفة توصيل المرافق إلى أراض فقط لا على أساس سعر آخِر مزاد كما كان يحدث من قبل. أما المستوى الثالث فهو لصالح محدودى الدخل على أساس الدعم الكامل للمسكن لأنه، كما يقول الوزير، هو حقهم الاجتماعى الذى يلى حقهم فى الخبز، وعندما سُئل: وكيف ستمول مساكن محدودى الدخل؟ أكد أن أرباح المستويين الأول والثانى ستكون لصالح مساكن محدودى الدخل وسيتحقق هذا الدخل من العائدات التى ستحققها الدولة من الأراضى التى ستطرحها للبيع الفترة القادمة والتى يتوقع الوزير أن تكون كافية هى وأراضى الفئة الثانية لإنشاء 900 ألف وحدة سكنية لمحدودى الدخل. وعن المئة ألف وحدة المتبقية فى المشروع فإنه بصدد إنشاء صندوق السكن الاجتماعى الذى تتضمن موارده قبول الهبات والتبرعات من رجال أعمال ورجال خير وسيمنح المتبرع كشفا بأسماء الأفراد الذين سيسدد مقدما حجز الوحدة عنهم، ويؤكد أنه يمكن من خلال ذلك أن يتبنى المجتمع توجيه أموال الزكاة إلى مشروع الإسكان الاجتماعى ويؤكد الرجل مرة أخرى أن أراضى المشروع بنظام القرعة العلنية فى المدن الجديدة، وستطرح أيضا فى المحافظات التى سينفذ جزء هام من المشروع بها والباقى فى المدن الجديدة، ويطرح الوزير مفهوما جديدا علينا لم نتعود عليه من أى وزير سابق سواء للسكان أو غيره عندما يؤكد من زاوية العدالة الاجتماعية كيفية استطاعة المواطن محدود الدخل سداد ثمن وحدة سكنية ثمنها 80 ألف جنيه، بأن ذلك سيتحدد طبقا للحد الأدنى للأجور والمحدد ب700 جنيه، لا على أساس تكلفة الوحدة. ويكمل مفاجآته لنا بتأكيده أن البنوك لن تكون طرفا مع المواطن فى هذا الأمر، منعا لتكرار ما حدث فى مشروعات سابقة بتضاعف المبالغ الذى يسددها المواطن للبنك بسبب شروط البنك من وجود ضامن وغيرها، بالإضافة إلى سعر الفائدة. ويمطرنا السيد الوزير بوابل من القرارات الاجتماعية والإنسانية التى تصل فى النهاية إلى العدالة الاجتماعية التى طالب بها ثوار 25 يناير عندما يقول إن هناك 3 أنظمة يتم دراستها بمجلس الوزراء هى: الإيجار لمحدودى الدخل، أو التمليك، أو الإيجار التمليكى، للوصول إلى مسكن لمحدودى الدخل من مشروع المليون وحدة سكنية، بحيث يقوم المواطن بسداد أقساط شهرية وفقا لقدرته المادية على فترات زمنية محددة على أن يتم بعد انتهاء هذه الفترة امتلاك الفرد الوحدة، ويؤكد أن الاتجاه إلى استبعاد الأخذ بنظام الإيجار والاتجاه إلى التمليك. هل تأملتم ما قاله السيد الوزير؟! إنه شىء لا نقدر إلا على أن نرفع القبعة له ونعلن احترامنا الكامل له وتقديرنا للرجل ومشروعه، ولكن السؤال ما زال حائرا: هل يمكن لنا أن نصدق؟ وإذا صدقنا ذلك فلا بد أن نحيى ثورة 25 يناير لأنها جاءت بأفكار وأشخاص تغير الواقع الأليم إلى واقع عظيم.