لم يترك حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين أثر سير للحزب الوطنى «المنحل» إلا اتبعه. أغلبية تنتمى للطبقة الوسطى ورجال أعمال يدفعون بسخاء، وانتشار جغرافى جيد بجميع المحافظات. ثلاثة مواطن يتشابه فيها حزب الجماعة المحظورة سابقا مع «الوطنى» المنحل حاليا. «الحرية والعدالة» صار يهيمن بإمكانياته الرهيبة على أجزاء واسعة من الشارع، دون غيره من الأحزاب سواء القديمة أو الجديدة، اللهم إلا بعض الفاعليات التى يتسابق معه فيها حزب النور السلفى بين الحين والآخر. المفارقة كانت فى كفر الشيخ، حيث عقد «الحرية والعدالة» عديدا من الدورات التدريبية والتثقيفية فى مقر الحزب الوطنى المنحل وكأنه يرسل رسالة بأنه الوريث الشرعى. وحتى فى ما يتعلق باختيار مواقع مقراتهم، حرصت الجماعة وحزبها فى بورسعيد على أن تكون فى أماكن متميزة، فجاءت مجاورة للمقرات السابقة ل«الوطنى». النقص الحاد فى أنابيب البوتاجاز، كان همزة وصل فى قنا بين المواطنين والإخوان الذين بدوا أمام الناس، كأنهم وفروا منها ما عجزت عن توفيره الحكومة فكسبت الجماعة عطف الشارع. أما محافظ قنا عادل لبيب، فصار كأنه قد ربط وجوده واستمراره على كرسى المحافظة بتوطيد علاقته بالتيار الإسلامى، وعلى وجه الخصوص جماعة الإخوان المسلمين التى باتت هى الأخرى تلعب دور الوصى على الحياة السياسية من خلال توطيد علاقتها بالمحافظ الذى يصر على حضور فاعليات الجماعة، التى كان أبرزها افتتاح مقرها بقنا. وفى محافظة البحيرة نظم «الحرية والعدالة» عديدا من الفاعليات التى تمنح فرصة اكتساب أغلبية عريضة لا علاقة لها بالسياسة، من خلال القوافل الطبية المتعددة فى قرى ومراكز البحيرة، وكذلك معارض للملابس والأدوات المدرسية والأسواق الخيرية التى تشمل المواد والسلع الغذائية منخفضة التكاليف وحملات التبرع بالدم، وكذلك تنظيم مسابقات دينية وثقافية وحفلات للفائزين وتكريم المتفوقين دراسيا بالمراحل التعليمية المختلفة داخل مؤسسات الدولة التى فتحت على مصراعيها للحزب، كمراكز الشباب وقصور الثقافة، وكل ذلك بحضور قيادات الحزب وعدد من المسؤولين التنفيذيين، وتكثيف الندوات والمؤتمرات. حفل الإفطار السنوى للإخوان بالبحيرة، الذى كان يقام كل عام بنادى الزراعيين بالبحيرة بعدد محدود من الحضور والقوى السياسية وتحت التضييق الأمنى، وكان يحضره ضباط ومخبرون من أمن الدولة، هذا العام أُقيم باسم «الحرية والعدالة» بالنادى الاجتماعى بدمنهور وسط حشد كبير من أعضاء الحزب والجماعة والمحبين من جميع قرى ومراكز المحافظة، وبحضور محافظ البحيرة مختار الحملاوى، ومدير أمن البحيرة اللواء أحمد سالم جاد، ونائبه وسكرتارية المحافظ الذين جلسوا على مائدة الإفطار بجانب القيادى الإخوانى الدكتور جمال حشمت وأسامة سليمان أمين الحزب بالمحافظة. فضلا عن إفطارات القرى والمراكز وزيارات قيادات الحزب للمحافظ ومدير الأمن ووكلاء الوزارة للعمل على حل مشكلات المواطنين وقيام الحزب بافتتاح مقرات بجميع المراكز، ناهيك بمقر الحزب الرئيسى بمدينة دمنهور الذى يقع بإحدى العمارات الفارهة بشارع عرابى بدمنهور وهو موقع استراتيجى بالمدينة، بخلاف مقر الجماعة بميدان الساعة. الشرقية التى تعد معقلا مهما من معاقل الإخوان، ومنها رئيس حزبها الجديد، أكثر سكانها من الأرياف الذين تعودوا على حل مشكلاتهم بالمجالس العرفية، وهو ما جاء على طبق من ذهب للإخوان المسلمين الذين يجيدون إدارة هذه الجلسات، التى يتمثل معظمها فى خلافات زوجية أو بين الجيران. مؤتمرات الإخوان التى تجاوزت 12 مؤتمرا جماهيريا فى الشرقية وحضرها صفوة رجالهم اختلفت كثيرا عنها فى السنوات السابقة، الخيال كان أقرب إلى الإخوان من أن يعقدوا مؤتمراتهم فى تلك الأمكنة والأزمنة وبحضور المسؤولين والتنفيذيين فى المحافظات. ففى الشرقية حضر محافظان مختلفان مؤتمرين منها، حيث حضر المحافظ السابق محمد عبد القادر عبد الله مؤتمرا فى وجود المرشد العام محمد بديع، وحضر المحافظ الحالى عزازى على عزازى إفطارا على شرف رئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسى، فأسهب حبا وغزلا فى الجماعة التى ظلت محظورة ما يقرب من ستين عاما. وفى محافظة الأقصر نجد المسؤولين التنفيذيين بالمحافظة ضيفا أساسيا فى كل فاعليات الجماعة وحزبها، فها هو ذا مدير الأمن السابق اللواء صلاح زايد فى افتتاح مقر الجماعة، كما أن أعضاء «الحرية والعدالة» حريصون على دعوة رموز المحليات فى مؤتمراتهم، فعلى مأدبة إفطار مشترك للإخوان و«الحرية والعدالة»، حضر مستشار محافظ الأقصر، كما التقى المرشد محافظ الأقصر عزت سعد فى مكتبه بالديوان العام.