لك الله يا مصر، قالها ابن الأرندلى فى افتتاحية وختام نصبه أمام القضاء وبعض الناس.. والآن يقولها كل السياسيين فى الحقيقة للنصب على كل الناس.. يقولون: لك الله ونحن يا مصر. يا هوان المصريين منكم. قالوا فى الكتب: السلطة مفسدة والسعى لها شره لا يرتوى، تداس من أجلها الأجساد البريئة وتثكل فى سبيلها الأمهات، ويضيع الوطن والشرف. وقالوا إن السياسة لعبة قذرة، قذرة بأساليبها وألاعيبها. تلك السياسة التى تهدف -وفقط- إلى الوصول للسلطة، السياسة التى تعدم الأخلاق وتبرر الوسيلة -أى وسيلة- لغاية السلطة. انظر حولك، حاول أن تشاهد المشهد السياسى، حاول أن تسمع أقاويلهم وحواراتهم، انظر.. شاهد صراعهم، لاحظ لهثهم على السلطة. هل شاهدت أقذر من ذلك؟ هل شاهدت أسفل.. أحط من ذلك؟ هل سمعت عن العهر السياسى؟ انظر على الساحة وشاهد تنازلاتهم وامتهانهم شرفهم.. لا تقل شرفا، أى مواطن بسيط أو أى وطن يتاجرون به. ناهيك عن المبادئ! مبادئ.. أخلاق؟ هل لهذه الكلمة من وجود فى ضميرهم؟ ولا تستغرب تدفقها على ألسنتهم. أحزاب دينية لا تتورع عن الكذب والرياء والتضليل بقيم تعف عنهم، والمتاجرة بدين برىء من نفاقهم، بحاجة المعوزين وبساطة فكر الذين يملكون كرامة، لا يرتقون إلى جزء منها. قال وأحزاب ليبرالية تتحالف مع أقصى اليمين تبيع أى قيم لدجالى التطرف من أجل أن يلقوا لها بجزء من السلطة. من لدينا نركن عليه؟ أحزاب يسارية!! لا تجيد إلا التناحر والشخصانية والجعجعة، لا تملك أن تصطف فى ما بينها. من نضيف؟ أحزاب شباب.. أى شباب؟ شباب يسعى هو أيضا، فهو صاحب الفرح ولا يريد إلا أن يزف للسلطة. وشعب يزف للموت والفوضى وسط دجل ونصب واحتيال المنافقين. إن لم يكن هؤلاء هم الفلول فمن يكونون؟ إن لم يكونوا بقايا وكمالة من سبقهم.. فمن هم؟ من منهم غريب عن نظام سابق؟ من منهم يختلف فى الطريقة.. فى الأدوات فى اللغة فى النفاق فى العهر؟ من منهم غريب، أو كان بعيدا عن فساد ثلاثين عاما. لا، بل ستون عاما. ستون عاما قرروا عزل الشعب عن لعبتهم وصراعهم. يلهونه فى لقمة عيش تعز. شعب عجز عن تخيل عيشة كريمة. شعب يضللونه مرة فى المؤامرات الخارجية ومرة فى الفتنة الدينية، وأخرى يجرون شبابه للهو ومخدرات، والآن يلهونه بزهو السلطة. لك الله يا مصر وما بقى من وعى شعبك البسيط الكادح الساكت الصابر الشاهد على نفاقهم. من شاهد صور بشاعة الأمس وما أضافته لشهداء هذه الأمة فى سعيها إلى الحرية ولقمة عيش وكرامة. لم يكن فى صفوف شعبنا بالأمس أو فى يناير أى من المنافقين، فقد كانوا ولا يزالون يستعرضون عهرهم على الفضائيات، والمكلمات مثلما أجادوا قبل يناير. من ماتوا بالأمس هم أقران من ماتوا فى يناير هم المصريون، ببساطتهم بآمالهم البسيطة فى العيش بكرامة إنسان، ومن أجلها استشهدوا.