من دون شك، إن مجلس نقابة الصحفيين المنعدم صلاحيته هو السبب فى تلك الأزمة التى تمر بها النقابة حاليا بعد صدور حكم القضاء الإدارى بوقف الانتخابات التى كان مقرراَ لها الجمعة الماضية.. فهذا المجلس الذى دعا إلى تلك الانتخابات انتهت صلاحيته بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا فى يناير الماضى بعدم دستورية القانون 100 لسنة 1993 الخاص بتنظيم انتخابات النقابات المهنية والذى كان قد وضعه ترزية قوانين النظام السابق لضرب حركة النقابات. ووفقا لهذا الحكم، أصبح مجلس نقابة الصحفيين وغيره من النقابات باطلا، وكان من المفترض أن تجرى الانتخابات وفقا لقانون النقابة فورا، على أن تعقد فى الجمعة الأولى من مارس (وفقا للقانون).. لكن مجلس النقابة برئاسة مكرم محمد أحمد ضرب عرض الحائط بحكم الدستورية، واستمر فى اجتماعاته وقراراته دون التطرق إلى الحكم، وربما كان فى انتظار حل حكومى من ترزية قوانين النظام للخروج من هذا المأزق.. وتم الانشغال بعد ذلك بأحداث ثورة 25 يناير، التى استمرت 18 يوما، إلى أن تم خلع الرئيس السابق حسنى مبارك وسقط النظام.. وخلع مكرم محمد أحمد نفسه من منصب النقيب بمواقفه المزرية قبل الثورة -من أن مصر ليست تونس- وخلالها من دفاعه المستميت عن النظام وظهوره فى التليفزيون المصرى يحذر الناس ويروعهم من الثورة والثوار والتظاهر فى ميدان التحرير وميادين مصر.. فى المليونية الأولى (يوم الثلاثاء الأول من فبراير) التى هزت النظام وعصابته وجعلتهم يفقدون أعصابهم، مما دعا مبارك لإلقاء الخطاب العاطفى الذى تبعه خروج بلطجية الحزب الوطنى والمنافقين والموالسين ورجال الأعمال لضرب المتظاهرين والمعتصمين فى الميادين بعد اجتماعات قادها جمال مبارك ورئيسا مجلسى الشعب والشورى فتحى سرور وصفوت الشريف، ومجموعة من الوزراء، وهو ما أطلق عليها بعد ذلك موقعة الجمل، التى تواطأ فيها الجميع ضد الثورة، ولم يحم الثورة والثوار يومها إلا إصرار الثوار على ثورتهم وعلى حق الشهداء والضحايا الذين سقطوا فى ذلك اليوم.. وفضيحة بلطجة النظام أمام العالم ليتأكد سقوطه وفقده الشرعية. وكان النقيب مكرم محمد أحمد مشغولا بتقديم مبررات للنظام حتى اعتقد الناس أنه هو كاتب الخطاب العاطفى.. ولم يسلم الأستاذ مكرم من هجوم الصحفيين عليه، خصوصا بعد استشهاد الزميل الصحفى أحمد محمود برصاصة قناص من على سطح وزارة الداخلية وهو يتابع الأحداث من شرفة منزله، ورفض الصحفيون مشاركة النقيب مكرم فى جنازة الشهيد التى خرجت من النقابة إلى ميدان التحرير. وسقط النظام.. وتم خلع مبارك ليخلع النقيب مكرم محمد أحمد نفسه من النقابة ويعتذر عن منصب النقيب فى استقالة أرسلها إلى المجلس (وهو أصلا باطل بحكم المحكمة الدستورية)، ويناور الآن بأنها ليست استقالة، مبديا رغبته فى العودة.. ومع هذا لم يتلفت المجلس برئاسة النقيب بالإنابة الزميل صلاح عبد المقصود، إلى حكم المحكمة الدستورية.. ورفض طلبات الزملاء والالتزام بحكم الدستورية ببطلان المجلس.. واستمر فى عقد اجتماعات المجلس واتخاذ قرارات برئاسته.. ربما كان الرجل يريد أن يضم إلى سيرته الذاتية صفته نقيبا للصحفيين، وربما تنفع عند مرجعيته «!!» ولم يستسلم أعضاء من المجلس لرغبات النقيب الجديد الذى اغتصب المنصب وهو الباطل بعينه.. فقدموا استقالاتهم من المجلس الباطل ولكنه لم يعرهم أيضا أى اهتمام، واستمر الرجل يحتفظ بمنصبه وينشر التعازى فى «الأهرام» باسمه وصفته. وفاجأ الزميل صلاح عبد المقصود منذ شهرين فى أحد اجتماعات المجلس التى يغيب عنها الأعضاء المستقلون بتحديد موعد للانتخابات، لتكون يوم 14 أكتوبر -نفس يوم انتخابات الأطباء- وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة.. ومن معه وافق على ذلك، أو قل بصموا عليه، ومع ترحيب البعض بإجراء الانتخابات.. إلا أن النقيب بالإنابة لف ودار بالاستعانة بمستشارى بمجلس الدولة لإجراء الانتخابات، وهو مخالف أيضا لقانون النقابة. الغريب أيضا أنه يقرر مكافأة ضخمة لهؤلاء المستشارين والموظفين الذين استعان بهم من مجلس الدولة ومن خزينة النقابة الخاوية على عروشها، فمن أن يأتى نقيب الإنابة (الباطل) بهذه الجرأة فى التصرف بهذا الشكل من أموال النقابة؟! إى نعم، هناك أزمة الآن فى نقابة الصحفيين وانتخاباتها بعد حكم القضاء الإدارى ببطلان إجراءات الدعوة إلى الانتخابات من مجلس منعدم.. لكن هناك حلولا لها سهلة وبسيطة بالعودة إلى القانون ومن خلال شيوخ المهنة ونقابييها.. ولكن بعيدا عن تصرفات الزميل صلاح عبد المقصود وجماعته.