أوقفت محكمة القضاء الإداري يوم الخميس الماضي انتخابات نقابة الصحفيين التي كان مقررا لها أن تجري أول أمس الجمعة، وقبل يومين من انعقادها بحجة أن الدعوة الي إجراء تلك الانتخابات وتحديد موعدها تمت من غير ذي صفة، أي من مجلس نقابة الصحفيين الحالي الذي أنتخب منذ 4 سنوات علي أساس القانون 100 لسنة 1993 (قانون النقابات المهنية الموحد) الذي حكم بعدم دستوريته في يناير الماضي، كما أن الذي قام بتحديد موعد الانتخابات وتلقي أوراق الترشيح وكيل نقابة الصحفيين ونقيب الصحفيين بالإنابة الزميل صلاح عبد المقصود وليس الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الذي أعطي لنفسه أجازة مفتوحة بعد أن هاجمه بعض الزملاء بعد ثورة يناير داخل مبني النقابة واتهموه أنه من مؤيدي الرئيس المخلوع مبارك، وبالتالي أوقف القضاء الإداري الانتخابات، وأصبحت نقابة الصحفيين قانونيا بلا مجلس نقابة وبلا نقيب، ولم يتم تحديد موعد لإجراء انتخابات جديدة لأعضاء مجلس النقابة والنقيب . وهناك أشياء مريبة، وعلامات استفهام، وأسئلة عديدة لابد أن تطرح بعد وقف الانتخابات، ونأمل أن نجد إجابة عليها . أولا: لماذا لم تحكم محكمة القضاء الإداري في الدعوي بعد فتح باب الانتخابات، وقبل بدء الحملات الانتخابية التي تكبد فيها المرشحون وكاتب هذه السطور منهم مشقة كبيرة في الجولات الانتخابية، وأنفقوا الكثير من جهدهم ومالهم ووقتهم من أجل الدعاية لأنفسهم داخل الصحف والمجلات المختلفة، وهل هناك ما يدعو أن تظل الدعوي في المحكمة للفصل فيها كل هذا الوقت، ويجيء حكم المحكمة قبل ساعات من إجراء الانتخابات، وفي الساعة الثانية والنصف ظهرا، وبعد إغلاق المحاكم أبوابها، وهو ماتسبب في عدم عمل استشكال في تنفيذ ذلك الحكم، وإجراء الانتخابات في موعدها أمس الجمعة، وبالطبع وبعيدا عن نظرية المؤامرة فإن إعلان الحكم بوقف الانتخابات في آخر لحظة ومع احترامي الشديد للقضاء فيه شبهة تواطؤ. ثانيا: زميلي وصديقي خالد العطيفي الذي رفع الدعوي والذي أعرفه من عام 1988 وخاض معي انتخابات صندوق تكافل الصحفيين في الدورة قبل الماضية، كان مرشحا معي في انتخابات مجلس نقابة لصحفيين الحالية، وليس له مصلحة مباشرة في وقف تلك الانتخابات في هذا الوقت القاتل والحساس، فهو شخص طيب جدا، وهو صحفي في جريدة "الأمة" التي كان يرأسها المرحوم أحمد الصباحي "أبو طربوش أحمر" ويبدو أن هناك من استغل طيبته تلك "واستخدمه" في رفع تلك الدعوي المشبوهة وتحمل تكاليف رفعها من أتعاب محاماه وخلافه . ثالثا: فجأة وبعد طول غياب ظهر نقيب الصحفيين المختفي الأستاذ مكرم محمد أحمد، بعد وقف الانتخابات وقال: نعم الدعوة إلي عقد جمعية عمومية وإجراء الانتخابات، تمت في غيابي، ومن غير ذي صفة يقصد وكيل الصحفيين والنقيب بالإنابة صلاح عبد المقصود، فأنا مازلت نقيبا للصحفيين والكلام للأستاذ مكرم ولا يجب تفسير الإجازة المفتوحة التي تقدمت بها لمجلس النقابة علي أنها استقالة . بالطبع فإن ظهور الأستاذ مكرم في هذا التوقيت بعد غياب طويل وكمون شتوي وصيفي أيضا، وتصريحه بأنه مازال النقيب الشرعي، هو بمثابة تصفية حسابات وشماته مستترة علي حساب مصلحة الصحفيين ومستقبل المهنة وتعريض النقابة لخطر الانقسام وفرض الحراسة عليها، خاصة بعد اشتراطه بأن يقدم له الاعتذارعلي الصورة المهينة التي خرج بها من النقابة واعتداء بعض الصحفيين عليه وطرده باعتباره من مؤيدي النظام السابق، بالإضافة إلي اعتذار خاص من عبد المقصود الذي حول إجازته إلي استقالة مسببة، وهو مارفضه عبد المقصود بشكل قاطع . إن الوضع في نقابة الصحفيين الآن أصبح أكبر من تأجيل الانتخابات، ووجود مجلس جديد ونقيب منتخب، فالنقابة الأن معرضة للانقسام بين الإسلاميين والناصريين، ونجح فلول النظام في زرع الفتنة بين أبناء المهنة الواحدة بعد هذا الحكم القضائي، والصحفيين أصبحوا في "حيص بيص" فلايوجد نقيب لهم أو مجلس لتيسير أعمالهم ورعاية مصالحهم وتقديم الخدمات لهم، وليس هناك سابقة قانونية نستند إليها للخروج من المأزق الحالي .