موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    ديوان عام محافظة الجيزة يعلن توفر عدد من الوظائف    جهاز حماية المستهلك يوضح آليات استقبال الشكاوى وحلها: الرد خلال 24 ساعة بحد أقصى    سعر الليمون والبصل والخضار في الأسواق اليوم الجمعة 30 مايو 2025    بالأسماء، وزير البترول يصدر حركة تكليفات وتنقلات لبعض رؤساء شركات القطاع    فلسطين.. تجدد غارات جيش الاحتلال على محيط شارع نصر في جباليا البلد شمال غزة    "كتف الأبوة"، طبيب يكشف سبب آلام كتف ولي عهد الأردن (صور)    ترامب: يسعدني ترشيح بول إنجراسيا لرئاسة مكتب المستشار الخاص في الولايات المتحدة    زلزال بقوة 4.4 ريختر يضرب باكستان    آخر قراراته فرض رسوم 50% على الاتحاد الأوروبي.. ترامب يشعل الحرب العالمية الجمركية    أسامة كمال: 600 يوم من الإجرام الإسرائيلي وغزة لا تزال تتنفس وتكتب التاريخ بالدم    روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا    المبعوث الأمريكي لسوريا: ملتزمون بهزيمة داعش    إمام عاشور يكشف كواليس غرامة المليون وتصرفه مع مدرب بيراميدز: بذلنا 200% من جهدنا بعد صدمة صن داونز    محمد سراج الدين: الأهلي هو البطل الحقيقي.. والزمالك لا يُقارن بتاريخ بيراميدز    "بسبب بن رمضان وتريزيجيه".. إمام عاشور يكشف حقيقة طلبه تعديل تعاقده مع الأهلي    "إحنا جايين".. إمام عاشور يوجه رسالة إلى ميسي قبل مواجهته في مونديال الأندية    الأهلي يوضح حقيقة خلاف حسام غالي مع الإدارة    موعد نتائج سنوات النقل للمرحلة الثانوية في البحيرة برقم الجلوس (روابط)    22 مصابًا في انقلاب "أوتوبيس" بالسادات في المنوفية    مصرع شاب في انقلاب سيارة على طريق أسيوط – الوادي الجديد    «الأرصاد» تكشف عن طقس اليوم الجمعة.. والعظمى في القاهرة 32    جمعية المؤلفين والملحنين تحيل ملحنا إلى التحقيق بعد نشره بيانا مزورا ضد الفنان حسين الجسمي    حدث بالفن| حقيقة وفاة عادل إمام ونجمة تنشئ قناة دينية ورحيل فنانة معتزلة    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    "مصر الخير" تطلق جائزة ريادة العطاء 2025 لمحور المياه النظيفة    عيار 21 الآن بعد الارتفاع العالمي.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 30 مايو 2025 بالصاغة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 30 مايو 2025    ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة    إحالة 5 متهمين للمحاكمة الجنائية لاستدراجهم آخر وهتك عرضه    زينة تظهر ب «نيولوك» جديد في أحدث أفلامها (صور)    مصرع شاب صدمته سيارة والده بالخطأ في مدينة العاشر من رمضان بالشرقية    ننشر استعدادات محافظ الإسماعيلية لاستقبال عيد الأضحى    «مفتعلة ومترتبة».. تعليق مثير من طاهر أبوزيد على احتفالات بيراميدز    4 أبراج «بيحبوا السيطرة».. قياديون يتمتعون بالكاريزما لكن ثقتهم الزائدة قد تتحول لغرور    ليلى علوي تحتفل بنجاح نجلها خالد في مشروع التخرج.. ماذا قالت؟    بعد إزالة الوشم.. أحمد سعد يصلي في غار حراء والمسجد النبوي (صور)    والدة إبراهيم شيكا: "عايزة كل قرش في ورث ابني ومراته بصمته في المستشفى"    نجم الأهلي: أفشة قالي إن هدفي هيجيب الدوري.. ومثلي الأعلى حسام غالي    الوكيل: شراكة قوية بين الحكومة والقطاع الخاص.. والقطاع الخاص يساهم بأكثر من 80% في الاقتصاد المصري    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    شيكابالا يكشف تفاصيل أزمته مع حسن شحاتة    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    المنوفية تُطلق جيلًا رقميًا جديدًا في وحدات الرعاية.. وتُنهي 96 دورة تدريبية    مطار سفنكس يستعد لاستقبال الوفود الرسمية المشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير    "مستقبل وطن" يستقبل وفدًا من السفارة الأمريكية بالقاهرة لتبادل الرؤى حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكلية الهندسة بشبرا    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمهات على المنصة
نشر في التحرير يوم 08 - 10 - 2011

كلما أصبح المشهد معتادا ومقبولا استحق الأمر منا الشعور بالخطر، فهل ما زلنا نحتمل «وكسة» الاعتياد أكثر مما احتملناها من قبل ودفعنا وما زلنا ندفع ثمنها؟
لا أظن!
رغم روعة ما يمكن أن تشهده وتشاهده فى جمعات الإصرار على الثورة، واستردادها، وحسمها، وإنقاذها، وكل جمعات كفاح واكتشاف المصريين أكثر وأكثر فى الميدان.. فإن الخطورة الحقيقية هى الاعتياد.. أن نعتاد على الاستياء والرفض والاستنكار، ويعتادون هم أيضا على صرخات الشعب واحتجاجاتهم ورفضهم لأى شبهة ظلم واستبداد.
أخشى من مشهد اعتياد الحديث عن وقائع الظلم، وما أقساه وأبشعه ظلما عندما ترويه أم حرقة وألما على ابنها، وأظنكم متابعين، أو على الأقل صادفتكم أم صامدة باكية، محترقة ألما على ابنها الشاب الصغير -ولو حتى على شاشات التليفزيون- وهى تروى ما حدث لابنها الذى اعتقل ظلما بتهمة ممارسة حقه فى التظاهر أو التعبير السلمى أو حتى الوجود صدفة فى الشارع فى أثناء احتجاج شعبى يكفله له الدستور. وكيف أنها لا تفهم لماذا قبض عليه؟ ولماذا مثل أمام النيابة العسكرية؟ ولماذا لا يستطيع من هم يدعون أنهم حماة الثورة ورعاتها أن يفرقوا بين الشاب المصرى الواعد وبين البلطجى؟ فهل التعبير عن الحق والرأى بلطجة؟
كثير من الأسئلة المطروحة من قلوب وأفواه أمهات «محروقة قلوبهن»، لكنهن صامدات ومثابرات، أراهن فى ميدان التحرير، وفى جمعات متتالية، يقفن على المنصة، مبحوحة أصواتهن ومناديات وراجيات: «عاوزين سيادة المشير يسمعنا ويعرف إن ولادنا.. ولاد مصر، شباب يستحق أن تفخر بهم مصر، مش يتقال عليهم بلطجية».. وكثير من الجمل الموجعة التى تتردد من أمهات على منصة التحرير، وعلى شاشات التليفزيون ولا أحد يسمع ولا أحد يرد.. وكأن السيناريو يعيد نفسه، ولكن بوجوه جديدة ومختلفة.
أمهات إذا تأملت وجوههن ستكتشف لو أمعنت البصر والبصيرة، أن دموعهن إما جفت وإما تحجرت، ولم يعد أمامهن سوى الاستمرارية والمثابرة والجرى على ميدان التحرير.. وكم أخشى أن يصبح هذا الجرى جريا «فى المكان».
على كرسى بلاستيك فى ميدان التحرير، تجلس أم الضابط ملازم محمد طارق وديع، وأمامها صورة كبيرة تجمعه مع 22 ضابطا آخرين، أصبح مكانهم ومصيرهم السجن الحربى، جراء وقائع يوم 8 أبريل، عندما نزل هؤلاء الضباط الشباب فى ظل اندفاع عاطفى بحب البلد وانتمائهم وعواطفهم التى تحركت، ليقولوا إنهم متضامنون مع حق الشهداء، نزلوا ليقولوا «يا أم الشهيد أنت أمى، والشهيد أخى، ويدنا جميعا شعبا وجيشا لاستعادة حق دماء الشهداء»، هؤلاء الضباط الذين سجنوا فى السجن الحربى بتهمة، كل ما أعرفه عنها ويعرفها ذووهم وأمهاتهم عنهم أنها لم تكن تهمة خيانة الوطن، ولا الغدر به، ولا نهب ثرواته والمال العام، شباب كل ما فعلوه أنهم انفعلوا عاطفيا بحب البلد -فى إطار ثورة وتضامن مع الشعب- لا ضد المؤسسة العسكرية، أليس هدف ومشاعر المؤسسة العسكرية نفسها هو التضامن مع الشعب لا عليه؟
ربما يكون فى الأمر قوانين ملزمة لمن ينتمى إلى المؤسسة العسكرية، ولكن هناك روح قانون كفيل بأن تتم التفرقة بين مواطن غدر وقتل ونهب وسرق وأفسد ويحظى بسجن خمسة نجوم وشباب كل تهمتهم أنهم يريدون وطنا بالفعل، كل تهمتهم أنهم غاروا على دماء شباب مثلهم سالت دون حق. هؤلاء الضباط الذين بلغ عددهم 22 ضابطا محكوم عليهم بسنتين وأربع وعشر، يعيشون فى «زنازين» ضيقة، الطويل منهم ينام رافعا ساقه على الحائط -كما روى لى والد أحدهم- يأكلون طعاما مليئا بالحشرات والصراصير، يحرمون من ممارسة الرياضة إلا فى بقعة أرض لا تتعدى بضعة أمتار، محرومون من طعام خارجى فى أثناء الزيارة، يعانون من حالات اكتئاب لسوء المعاملة وتجاهل شكواهم، بضرورة على الأقل تحسين أوضاع حبسهم، بل ما يزيد الأمر قرفا هو رسائل التهديد التى تأتى لبعض أهالى الضباط، لمنعهم من الوقوف والذهاب إلى وزارة الدفاع للاعتراض، بل تهديدهم بعدم النزول إلى ميدان التحرير بصور أولادهم للاعتراض.
ما يحدث لهم وبهم أمر يثير الوجع والخوف، هؤلاء الضباط الذين أخذوا من منازلهم ومن الميدان يوم الثامن من أبريل الماضى وهم معصوبو الأعين كاللصوص ووضعهم فى السجن الحربى، فى حين أن هذا المكان أولى باستضافة واحتضان القتلى الحقيقيين لشهداء الثورة.
صوت الأمهات، وكل منهن تحمل صور أولادها الضباط وشهادات تقدير بطولاتهم والجوائز والتقييمات التى حصلوا عليها خلال خدمتهم القصيرة فى المؤسسة العسكرية، وهن يرددن الجملة الشهيرة -التى تقلب على ذكريات العهد البائد- «نطالب ونرجو من سيادة المشير عفوا شاملا عن أولادنا، نقول له: دول ولادك يا سيادة المشير، دول ولاد مصر، ولاد جيش مصر.. هؤلاء الشباب أحبوا مصر وأخلصوا لها ولم يخونوا البلد مثلما فعل الآخرون فلا تعاقبهم».
توسلات الأمهات تشعرنى باستمرار السيناريو المؤسف، والحقيقة أن ما يشغلنى الآن ليس مصير هؤلاء الضباط فى السجن الحربى بكل تفاصيل المعاملة التى يلاقونها، إنما تشغلنى فكرة: 22 ضابطا فى السجن الحربى! ذلك العدد الذى يتم ترديده والله أعلم بما خفى وليس معلوما، بالإضافة إلى آلاف وربما مئات من الشباب الماثل أمام المحاكم العسكرية دون وجه حق.. بأى مشاعر وأفكار واتجاهات سيعيشون؟ ماذا ستصنع بهم تجربة الظلم من أجل الحرية؟ ربما يكون سؤالا فلسفيا لا علاقة له بما يشعرون به الآن.. ولكن الظلم كفيل بصناعة بطل مثابر أو بصناعة يائس كافر بالحرية.
أملى أن يكون الفرج عليهم.. وعلى مصر قريبا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.