«الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    ننشر أسماء أوائل الشهادتين الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالمنيا    سعر السمك السردين والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الخميس 12 يونيو 2025    تراجع مبيعات تيسلا للشهر الخامس على التوالي    هبوط جديد في عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الخميس 12 يونيو بالصاغة    نائب محافظ مطروح يبحث آلية استقبال المخلفات الصلبة بالساحل الشمالي خلال موسم الصيف    ماذا تفعل حال إضاءة اللمبة الحمراء في عداد الكهرباء؟.. احذر الغرامة    من رأس الحكمة إلى رأس شُقير.. لماذا يُصرُّ السيسي على بيع أصول مصر للإمارات؟.. وأين من اتهموا الرئيس مرسي ؟    قيادي بحزب مستقبل وطن: مصر ثابتة في دعمها للقضية الفلسطينية    فوكس نيوز: لن يتم إجلاء أي جندي أمريكي من الشرق الأوسط    واشنطن بوست: احتمال انعقاد جولة تفاوض بين واشنطن وطهران مستبعد بشكل متزايد    قائد الحرس الثوري الإيراني: مستعدون للرد على أي تهديد ولكل السيناريوهات    السومة يتحدى مرموش وربيعة.. مهاجم سوريا يدعم قائمة الوداد في كأس العالم للأندية    قائمة الهلال السعودي النهائية لكأس العالم للأندية    مرتجي: تمنيت ضم زيزو منذ 3 سنوات.. وهذا ما قاله لي عن جماهير الأهلي    موقع مديرية التربية والتعليم بالجيزة ينشر نتيجة الصف السادس الابتدائي.. استعلم الآن    مزارع يقتل 3 أبنائه ويشنق نفسه.. التفاصيل الكاملة لجريمة سوهاج    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    وفاة تاجر الذهب بالبحيرة متأثرًا بإصابته على يد شخصين    أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025 في قنا    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    بعد تعافيه من عملية القلب، صبري عبد المنعم يوجه رسالة لجمهوره    international fashion awards" يُكرم منة فضالي بلقب "ملهمة الموضة fashion muse"    أسامة كمال ناعيًا شهيد الشهامة خالد شوقي: لم يخش الموت لإنقاذ من لا يعرفهم    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    الضوابط التنظيمية لزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة    1.36 تريليون دولار إجمالي عجز الموازنة الأمريكية منذ بداية العام    وزير الخارجية الأردني يؤكد ضرورة تكاتف الجهود لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    وزارة السياحة: تنسيق محكم وخدمات متميزة لضيوف الرحمن    بسبب منشور على «فيس بوك».. شاب ينهي حياة جاره في الصف    «80 باكو» السر.. ضبط موظف يستغل عمله في تزوير المحررات الرسمية بالفيوم    محافظ الدقهلية في زيارة ليليلة مفاجئة لمدينة جمصة: ويؤكد على منع وجود أي اشغالات بالشاطئ والشوارع    محافظ المنوفية: لا تهاون فى مواجهة مخالفات البناء والتعامل بحسم مع أى تعديات    بالأسماء.. تعرف على أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بالمنيا 2025    نجم مانشستر يونايتد يشعل الصراع بين أندية الدوري الإنجليزي    سجل تاريخي ل ريال مدريد في كأس العالم للأندية.. أرقام استثنائية    المخرج محمد حمدي ل«البوابة نيوز»: نجوم السوشيال ليسوا بدلاء للممثلين.. والموهبة هي الفيصل    حسن الرداد يكشف حقيقة الصورة المتداولة لسفر الفنانين لتشجيع الأهلي في كأس العالم للأندية :«ده تقل دم وسماجة اوي»    أستاذ العلوم السياسية: بيان وزارة الخارجية المصرى مهم ووضع النقاط على الحروف    هل لديك نظر حاد؟.. اعثر على حبات جوز الهند الثلاثة في 12 ثانية    بعثة الأخضر تصل إلى أمريكا للمشاركة في بطولة الكأس الذهبية    "ثورة جوارديولا".. كيف يرد السيتي بعد الموسم السلبي؟    فيرمينو يقترب من الانتقال إلى قطر بعد مغادرة الأهلي السعودي    روسيا.. هجوم بمسيرات أوكرانية يستهدف مقاطعتي خيرسون وزابوريجيا    بعد التحذير منها سابقا.. طبيب شهير يوضح فوائد تناول الزبدة يوميا    الأوطان ليست حفنة من تراب.. الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة المقبلة    بعد انتهاء إجازة العيد.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    3 مشروبات طبيعية ترفع معدلات الحرق وتمنحك الشبع    «الريادة»: معركتنا الحقيقية في الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون على المقاعد الفردية    ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر على الطريق الصحراوى|فيديو    رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر لها ثقل تاريخي ودور إقليمي محوري    «الجذام إلى زوال».. دراسة ترسم خريطة الأمل للقضاء على المرض في مصر    حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة؟.. المفتي يجيب    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البلطجة الأخرى التى لا يتحدث عنها أحد
نشر في التحرير يوم 06 - 10 - 2011

«الفتوة الخفافى» هو من كان يعمل فى كباريهات القاهرة التحتية كبودى جارد لصاحب الملهى أو بنات الليل، وهو مكلف أيضا بحماية الراقصة وطبالها المتمرس، الذى غالبا ما يكون هو نفسه مدير أعمالها. وقد جرت العادة على أن يكون الفتوة الخفافى من خريجى السجون فى قضايا الآداب أو المخدرات، أو من مخبرى المباحث الذين يتقرر الاستغناء عن خدماتهم لأسباب تفضل جميع الأطراف عدم الخوض فيها. أحيانا يلعب الطبال الدورين معا. الفتوة الآخر غير الخفافى، هو من يفرض قانونه على الناس فى الحوارى الفقيرة التى لا سند لها، وعلى ضباط الكراكون الذين كثيرا ما يحتاجون إليه فى بعض المهام القذرة. لكن تلك حكاية أخرى يطول شرحها. المهم الآن هو أن كل النصوص التى تناولت خبايا القاهرة فى تلك الفترة تشير إلى أن الوضع استمر هكذا منذ عشرينيات القرن الماضى، حتى منتصف خمسينياته، وأن بعض التجار أو المسؤولين استعانوا بالفتوة الخفافى لتصفية الحسابات فى ما بينهم، أو ضد العشيقات اللائى كن يتنقلن بين أحضان هذا وذاك دون سابق إنذار، ولا تزال ذاكرة المصريين تحتفظ منذ عامين -أو أكثر قليلا- بتفاصيل جريمة قتل بالأسلوب التقليدى لكباريهات القاهرة التحتية. إلا أن الأمر شهد إجمالا منذ تلك المرحلة مجموعة من التحولات النوعية المؤثرة. أخذت كباريهات القاهرة التحتية تختفى بالتدريج، لتظهر بدلا منها الملاهى الكبرى، التى يملكها أو يديرها -مباشرة أو بالوكالة- أصحاب النفوذ. الأمر الذى سرعان ما أدى إلى انحسار فرص العمل بالنسبة إلى سلالة الفتوة الخفافى التى بدأت فى الانقراض من على خريطة القاهرة الليلية.
ولم يمض وقت طويل حتى فوجئت القاهرة بالفتوة الخفافى يتسلل بأعداد متزايدة إلى ساحة الإعلام. حدث هذا من الأبواب الخلفية على مدى عقدين أو ثلاثة. امتلأت بهم قنوات المخلوع وصحفه. شملتهم قيادات الحزب المنحل والحكومة ورجال الأعمال بعين الرعاية، وكانوا وثيقى الصلة على الدوام بأجهزة الأمن. المظهر الخارجى تغير إلى حد ما، أصبح الفتوة الخفافى مُهَندما على طريقة السماسرة أو مندوبى المبيعات. لكن التركيبة الداخلية ظلت كما هى لا تتغير، لم يعد يعمل كبودى جارد لصاحب الملهى أو بنات الليل، ولا صار من مهماته الأساسية حماية الراقصة وطبالها، أو تشويه وجوه أعداء التجار أو المسؤولين أو العشيقات بماء النار. الأدوات المستخدمة طرأت عليها بعض التعديلات الطفيفة. الكلمات الجارحة لعبت دور المطاوى، بينما حل الخوض فى أعراض كل من يتصدون إلى الديكتاتورية أو التوريث أو الفساد مكان الجنازير. الشتائم التى لا تليق إلا بكباريهات القاهرة التحتية، أو توزيع الاتهامات جزافا على الشرفاء، كحكاية الأجندات الخارجية، أو الرغبة فى زعزعة استقرار البلد، جاءت بدلا من السنج أو البونية الحديد أو رقبة الإزازة.
لا شىء تغير تقريبا فى الفتوة الخفافى بعد 25 يناير. احتفظ بنفس اليونيفورم البغيض الذى اختارته له زبانية النظام. بل إن الذين حاولوا أن يختلفوا قليلا عن الآخرين، سقطوا فى قبضة نوع من النيولوك فاقع الألوان، على طريقة كباريهات القاهرة التحتية. الذين حاولوا القفز من سفينة النظام البائد حين تأكد أنها ذاهبة إلى القاع لا محالة، غرقوا فى المستنقع المتعفن الذى أسهموا بنصيب الأسد فى صنعه بترديهم الأخلاقى. لا شىء تغير تقريبا بعد 25 يناير، باستثناء أن الذين عاشوا أعواما تحت أقدام الديكتاتور المجبر على التنحى ونجليه، أصبحوا من يومها يبحثون عن أقدام جديدة يحتمون بها من نظرة الاحتقار فى عيون المصريين. لا شىء تغير تقريبا بعد الثورة، فالذين كانوا قبل 25 يناير يناضلون ضد الديكتاتورية والفساد والتعذيب والنهب المنظم لثروات البلد، هم أنفسهم من يناضلون الآن لكى لا تعيش مصر أياما بشعة كتلك، والذين كانوا يزيفون الوعى الشعبى العام بتلال الأكاذيب، هم أنفسهم من يتملقون بمذلة العبيد السادة الجدد. الذين كانوا يتساءلون: فين الثورة دى؟ شارع النيل أهه قدامكو فاضى. هم أنفسهم من يتساءلون اليوم: فين الفلول دى؟ مفيش حاجة اسمها ثورة مضادة. الحقيقة سيعرفونها إذا نظروا فى المرآة. صارت لدينا طائفتان من البلطجية. الأولى تروع الناس فى الشوارع، والثانية لا تتوقف عن إنتاج المواد السامة التى تلوث بالأكاذيب سماء الوطن. أيهما أخطر من الأخرى؟ لست فى الحقيقة متأكدا، الثابت هو أن النوعين صنعتهما مباحث أمن الدولة.
سلالة الفتوة الخفافى التى تسللت فى غفلة من الزمن إلى ساحات الإعلام، إما أنها جاهلة بأبسط القواعد المهنية المتعارف عليها دوليا، مع مراعاة أن الجهل بطبيعة الدور الإعلامى فى وطن عانى طويلا من الخداع كمصر، لا يعفيها من المسؤولية، وإما أنها تدعى الجهل لتبرر خنوعها المخجل تحت حذاء الحاكم. ما أعرفه هو أن الإعلامى لكى يعلم «بضم الياء وكسر اللام»، لابد أولا أن يعلم «بفتح الياء واللام».
إحدى أفظع الخرافات التى تروج لها سلالة الفتوة الخفافى بكل الوسائل، التى تزعجنى أنا على المستوى الشخصى كثيرا، هى تلك التى مؤداها أننا جميعا مصريون: الجناة والمجنى عليهم، وأننا فى مركب واحد.. خطأ شائع أو أكذوبة لا يملون تكرارها. طبعا كلنا مصريون: القاتل مصرى والضحية مصرى، اللص مصرى والمنهوب مصرى، الديكتاتور مصرى والمهدرة كرامته مصرى، لكننا لسنا فى مركب واحد. إحنا فى مركب تانية. مش ممكن نركب مع القاتل واللص والسفاح والديكتاتور ومصاص الدماء والفتوة الخفافى نفس المركب، ولا حنسمح ليهم يركبوا معانا. ثورة 25 يناير عملت مركبها الخاص. لا حنركب معاهم، ولا حنسيبهم يركبوا معانا. احنا سكّتنا مش واحدة. مركب 25 يناير رايحة المستقبل، ومركبهم مالهاش إلا طريق واحد: على طرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.