يمثل الحقن غير الآمن خطورة شديدة على صحة المصريين، ويعد السبب الرئيسي في انتشار وتوطن فيروس «سي» في مصر، رغم ما حققته الحملات القومية من إنجازات في القضاء على الفيروس ممرضة تحقن المريض بحقنة مضاد حيوي بسبب تعرضه لنزلة شعبية حادة، ثم يُعاد استخدام السرنجة مجددًا، وتُحقن لمريض أخر دون تعقيمها أو استبدال الإبرة، والمريض صار معرضًا لخطر الإصابة بمرض فيروسي جديد من جراء الحُقنة التي يفترض أن تشفيه.. سيناريو مقلق ومكرر ومؤلم ينتهي كل يوم بحالة إصابة جديدة، وبخاصة في العديد من الدول النامية، إذ يتم إعطاء نحو 40% من الحقن والإبر المعاد استخدامها، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ما يتسبب في وفاة نحو 1.3 مليون حالة سنويًا ووقوع 21.7 مليون إصابة جديدة بالتهاب الكبد B كل عام نتيجة لهذه الممارسات الطبية غير الآمنة. الحقن غير الآمن يمثل الحقن غير الآمن مشكلة عالمية، إذ يستخدم العالم نحو 16 مليار حقنة سنويا، 40% منها غير آمنة، ويتسبب الحقن غير الآمن فى وقوع 5% من حالات الإصابة بالإيدز و32% من حالات الإصابة بفيروس بى بالإضافة إلى 40% من حالات الإصابة بفيروس سى. 16 مليار حقنة يتم استخدامها كل عام، 5% منها من أجل تحصين الحقن غير الآمن يمثل الحقن غير الآمن مشكلة عالمية، إذ يستخدم العالم نحو 16 مليار حقنة سنويا، 40% منها غير آمنة، ويتسبب الحقن غير الآمن فى وقوع 5% من حالات الإصابة بالإيدز و32% من حالات الإصابة بفيروس بى بالإضافة إلى 40% من حالات الإصابة بفيروس سى. 16 مليار حقنة يتم استخدامها كل عام، 5% منها من أجل تحصين مناعة الأطفال والبالغين، و5% أخرى لاستخدامات يومية مثل نقل الدم ووسائل منع الحمل عن طريق الحقن (Injectable contraceptives) والنسبة الأكبر 90% تُعطى في العضلات والجلد. ورغم أن الإبر الجديدة أعلى سعرا من الإبر العادية، فإن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن التحول إليها سيكون أقل تكلفة من علاج تلك الأمراض، إلا أن قرار وزارة الصحة والسكان الأخير باستخدام السرنجات ذاتية التدمير، ومنع استخدام السرنجات العادية "10 سم"، أو الأقل منها بداية من منتصف شهر يونيو 2020 يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة. لماذا استغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى نبدأ في استخدام المحاقن "الذكية" التي تدمر نفسها بنفسها، ومن وراء ذلك التأخر عن تطبيق سياسة الحقن الآمن القائمة منذ أكثر من 25 عامًا حول العالم، رغم تزايد معدلات الإصابة بالفيروسات الكبدية والإيدز في مصر؟ الخطورة في السنوات الأخيرة كان هناك انتشار مقلق للأمراض الوبائية التي تنتقل من شخص لأخر عن طريق الدم، لأن مدمني المخدرات يقرضون بعضهم البعض سرنجاتهم، ما يتسبب في انتقال العدوى إليهم ومن بين هذه الأمراض المعدية يمكن الإشارة بشكل خاص إلى التهاب الكبد الوبائي B وفيرس نقص المناعة (الإيدز). وكذلك فيروس «سى» القاتل الصامت الذي يتسبب فى وقوع نحو 150 ألف إصابة جديدة سنويا، ووفاة حوالى 40 ألف مريض، نتيجة مضاعفات المرض من تليف وأورام فى الكبد. هنا نشأت مشاكل كبيرة فيما يتعلق بالفئة الأخيرة من المستخدمين، الذين يعيدون استخدام السرنجات أكثر من مرة، ودعت منظمة الصحة العالمية إلى استخدام السرنجات أحادية الاستخدام في جميع أنحاء العالم التي تدمر نفسها ذاتيًا. يُطلق عليها "الحقنة الذكية" التي جاءت استجابة لمشكلة اعترفت بها السلطات الطبية لعقود طويلة من إعادة الاستخدام المتكرر للسرنجات التي يمكن التخلص منها، وهي حقنة لا تسمح بجذب المكبس (الذراع الذي يدفع العلاج داخل الحقنة) إلى الوراء مرة أخرى بعد استخدامها لأول مرة، وهو ما يمنع تكرار استخدامها. إبر قذرة وتشير الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى وقوع نحو 1.7 مليون إصابة جديدة كل عام بالتهاب الكبد الوبائي، و315 ألف إصابة بالتهاب الكبد الوبائي سي و 33 ألفا و800 إصابة بفيروس بي، نتيجة الحقن غير الآمن، ومن ثم فإن وقف هذه الممارسات غير الصحية سيكون بمثابة نصر كبير للصحة العامة. بنظرة سريعة على أحوال المستشفيات العامة سنكتشف أن تغيير تلك الممارسات أثبت أنه صعب في بعض الأماكن، خاصة في ظل العجز القائم في السرنجات والمستلزمات الطبية، ومن ثم تكون المخاطر ليست موضع تقدير كامل، على الرغم من حملات التوعية الجارية والحملات القومية للقضاء على الفيروسات الكبدية ومبادرة «100 مليون صحة» للكشف المبكر عن المصابين، وتقديم العلاج اللازم لهم. في الوقت ذاته فإن تلك الإجراءات الجارية لن تكتب النهاية للحقن العادية، وهناك حاجة لبرنامج استبدال الإبر لمستخدمي المخدرات كما في بعض الحالات العلاجية والتي يجري فيها خلط بعض الأدوية معا قبل حقنها للمريض. تحت التهديد كما دعت منظمة الصحة العالمية أيضا إلى استخدم إبر لا تجرح أصابع الأطباء والممرضات عند استخدامها بشكل خاطئ، خصوصا أن 30 %من الممرضات فى أقسام الطوارئ بالجامعات المصرية يتعرضن للوخز أثناء إعطاء الحقن للمرضى، حسب ما أعلنت الدكتورة غادة عبد الواحد، مقرر اللجنة العليا لمكافحة العدوى بالمستشفيات الجامعية وأن 60% من حالات الوخز تتم بعد الانتهاء من الحقن أثناء إجراءات التخلص من السرنجة. إذا كيف يمكن منع الممارسات السلبية الجارية في إعادة استخدام الحقن من جديد؟ تبحث منظمة الصحة العالمية (WHO) عن حلول لذلك منذ ما يقرب من 25 عامًا، وفي الآونة الأخيرة فقط أصبحت التكنولوجيا اليوم مجدية، رخيصة وسهلة الاستخدام، حيث بدأت مساعي منظمة الصحة العالمية في عام 1987 البحث عن وسيلة للحقن الآمن، خاصة مع انتشار مرض يسمى فيروس نقص المناعة البشرية الذي تسبب في إثارة القلق والفزع حول العالم. وفي الوقت نفسه، فإن التحول السريع من استخدام السرنجات الزجاجية إلى الأنابيب البلاستيكية جعل إعادة الاستخدام أكثر خطورة، إذ يمكن تطهير الحاويات الزجاجية بالحرارة العالية، في حين يذوب البلاستيك ويتم تشويهه، فأطلقت المنظمة الدولية دعوة لتصميم حقنة تستخدم مرة واحدة فقط وتتوقف بشكل تلقائي بعد الحقن دون رجوع. الحقنة الذكية ولقي هذا الأمر صدى عالميًا واسع النطاق في عام 2000 عندما أقر الكونغرس الأمريكي قانون السلامة والوقاية من الوخز بالإبر (Needlestick)، الذي تطلب اتخاذ خطوات وقائية لتقليل خطر تعرض عمال الرعاية الصحية للإصابة بالعدوى بالصدفة من وخزات الإبر. وساهم ذلك في اختراعات عدّة مثل الإبرة المحملة بمكبس والتي تتراجع بعد الاستخدام "مثل قلم حبر جاف"، وهناك سرنجات ذات أغطية بلاستيكية "كاب" يمكن إلقاؤها فوق إبرة وحبسها في مكانها حتى صار اليوم هناك أكثر من 70 مورداً للحقن غير القابلة لإعادة الاستخدام. ويوجد حقنة تحتوي على منطقة ضعيفة في المكبس، والتي تؤدي إلى انكساره في حال محاولة سحبها للخارج بعد استخدامها وهناك نموذج آخر تم وضع قطعة معدنية، تمنع إعادة سحب المكبس بعد استخدام الحقنة ويوجد نوع أخير من الحقن الذكية، صنع على أساس دخول الإبرة إلى داخل الحقنة بعد استخدامها المرة الأولى. الأزمة مستمرة المشكلة لا تزال منتشرة في عدد من المنشآت الصحية وتستخدم منظمة اليونيسف السرنجات المعطلة ذاتيا فقط في جميع تحصينات الأطفال الوقائية، لكن الغالبية العظمى من الحقن المستخدمة طوال العام والمخصصة لعلاج المرض من الصعب على الحكومات أن تنظمه أو أن يتحمل المواطن تكلفتها وحده. الإشكالية الكبرى أن السرنجات ذاتية التدمير تكلفتها نحو ضعفي الحقن العادية، ومن ثم لابد من وجود جهات مانحة من أجل توفير هذه الحقن لبعض الدول التي لا تستطيع تحمل تكلفتها. وأوصت المنظمة أن سعر الحقن الذكية سينخفض مع الوقت وارتفاع الطلب عليها، وفي المقابل، فإن السعر المرتفع قليلا لهذه السرنجات الآمنة سيوفر التكلفة الباهظة في علاج الأمراض المعدية. إعادة التدوير ونشر تحقيق في الهند أواخر عام 2009 ، عبر دورية ذا لانسيت (The Lancet) وهي واحدة من أشهر المجلات الدورية الطبية حول العالم، أنه عثر على مستودعات مملوءة بالحقن والإبر المعاد استخدامها من قبل جامعي النفايات وإعادة تعبئتها ليتم بيعها في السوق السوداء، خصوصا أن معظم السرنجات الحديثة مصنوعة من البلاستيك. وحتى إذا تم استبدال الإبرة، يمكن سحب أجزاء من الدم إلى الحقنة ونقلها إلى مرضى آخرين، وبالتالي لا يمكن تعقيم السرنجة ذاتها ويجب تدميرها والتخلص منها.