بعد انتصار الثورة الشعبية في السودان، بعزل القوات المسلحة للرئيس عمر البشير الذي استمرت المظاهرات ضده منذ ديسمبر الماضي، نستعرض أهم ثورتين في تاريخ البلد الثائر دائما. تشهد ربوع السودان الواسعة منذ شهر ديسمبر الماضي انتفاضة شعبية ضد حكم عمر البشير، الرئيس المخلوع ببيان القوات المسلحة. وليس الأمر بجديد على الشعب السوداني، حيث تعد هذه الانتفاضة استمراراً لنهج مستمر من الانتفاضات ثم الانقلابات عليها منذ نيل السودان لاستقلاله في عام 1956. فيما يلي استعراض لأهم المحطات في تاريخ السودان الحديث، الذي شهد منذ استقلاله 11 انقلابا نجح منها 3 فقط، وامتد حُكم العسكريين فيه ل45 عاماً على 3 فترات انقلابية، بينما حكم المدنيون ما يوازي 11 عاما. ثورة أكتوبر 1964 في عام 1958 وقع انقلاب عسكري قام به الفريق إبراهيم عبود، وجاء الانقلاب استغلالاً لتفاقم الخلافات السياسية بين الأحزاب بعد الاستقلال. فبعد 6 أشهر من تولي إسماعيل الأزهري، أول رئيس وزراء للبلاد بعد الاستقلال، منصبه، تمت إقالته من قبل البرلمان إثر انشقاق مجموعة من حزبه الوطني الاتحادي ثورة أكتوبر 1964 في عام 1958 وقع انقلاب عسكري قام به الفريق إبراهيم عبود، وجاء الانقلاب استغلالاً لتفاقم الخلافات السياسية بين الأحزاب بعد الاستقلال. فبعد 6 أشهر من تولي إسماعيل الأزهري، أول رئيس وزراء للبلاد بعد الاستقلال، منصبه، تمت إقالته من قبل البرلمان إثر انشقاق مجموعة من حزبه الوطني الاتحادي وتشكيلهم لحزب الشعب الديمقراطي. ودخل حزب الشعب الديمقراطي في ائتلاف مع حزب الأمة بزعامة الصديق المهدي، وشكل حكومة برئاسة عبد الله خليل استمرت من يوليو 1956 إلى نوفمبر 1958، وسقطت بقيام انقلاب عبود على السلطة المنتخبة. قوى الحرية عن بيان الجيش السوداني: انقلاب عسكري سلم خليل السلطة لعبود، كمخرج للأزمة السياسية الطاحنة، على أن يعد لانتخابات برلمانية، لكنه منع الأحزاب وحل البرلمان ثم استمر في الحكم لمدة 6 سنين انتهت بقيام ثورة 28 أكتوبر 1964. وشهد عهده بداية النزاع بين الشمال والجنوب، بسبب القمع العسكري للجنوبيين ومحاولات الأسلمة القسرية، فضلا عن قمع الحريات واعتقال السياسيين. وبدأت شرارة الثورة من جامعة الخرطوم بعدما أقام الطلاب ندوة عن مشكلة الجنوب وأسباب تفاقمها وأدانوا القمع العسكري، ودعوا لحلول سلمية وديمقراطية. وحاول النظام قمع التظاهرات وحاصرت الشرطة الحرم الجامعي، فقتل طالب يدعى أحمد القرشي وكان مقتله شرارة الثورة. انضم للمظاهرات النقابات المهنية المختلفة ثم توسعت لتشمل مختلف فئات الشعب، بعدها انحاز الجيش للانتفاضة وأعلنت مجموعة منه اسمها "الضباط الأحرار" انحيازها لمطالب الشعب، مما وضع عبود تحت ضغط كبير اضطره لتسليم السلطة لرئيس الوزراء سر الختم خليفة. بعدها أجريت انتخابات فاز بها حزب الأمة وشكلت حكومة برئاسة الدبلوماسي محمد أحمد محجوب، وخلفه زعيم حزب الأمة الشهير الصادق المهدي، إلى أن جاء انقلاب جعفر النميري في مايو عام 1969 الذي استمر في الحكم حتى خلعته ثورة مايو 1985. اهتمام عالمي بسقوط البشير.. ومصير مجهول ينتظره
ثورة أبريل 1985 خلال 16 عاما من حكم النميري شهدت السودان توترات عديدة وتجدد الصراع بين الشمال والجنوب بعدما كان قد خمد بعد توقيع اتفاق "أديس أبابا" عام 1972. قسّم النميري الجنوب إلى 3 ولايات وأعلن تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية في البلاد عام 1983، وهو الأمر الذي زاد الطين بلة في النزاع الممتد بين شطري السودان، فتجدد الصراع المسلح بينهما، مما فاقم من التدهور الاقتصادي، وارتفعت أسعار الوقود والسلع الأساسية، أدى كل ذلك في النهاية إلى قيام ثورة أبريل 1985. وكان النميري في رحلة علاجية بالولايات المتحدة عندما اندلعت التظاهرات ضده من الجامعات هذه المرة أيضا. وفاقم القمع الأمني للمظاهرات الذي أدى إلى سقوط قتلى من الوضع ثم أعلنت نقابات المهن الصحية وعمال السكة الحديد والقضاء الإضراب العام والانحياز للانتفاضة يوم 2 أبريل. تسقط بس.. مظاهرات السودان عرض مستمر بعد إسقاط البشير ثم جاء تحرك الجيش بقيادة الفريق إبراهيم سوار الذهب بعدها بثلاثة أيام يوم 5 أبريل واجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة للتشاور، ثم أعلن في اليوم التالي انحياز الجيش للثورة وتم عزل النميري. تولى سوار الذهب الحكم لمدة عام هي مدة الفترة الانتقالية، ثم سلّم السلطة لحكومة مدنية منتخبة هي حكومة الصادق المهدي. ثم بعدها بثلاث سنوات وقع انقلاب آخر على حكومة الصادق المهدي المنتخبة، بقيادة الرئيس الذي تم خلعه اليوم عمر البشير في يونيو 1989.