الملحن محمد القصبجي كان أحد عباقرة عصره، اكتشف العديد من النجمات، وأشهرهن ليلى مراد وأسمهان، لكن أبرزهن الست أم كلثوم، وهي نقطة ضعفه الوحيدة التي أنهت موهبته «زعيم التجديد في الموسيقى العربية»، أو «ملك العود»، ألقاب أطلقها النقاد على الملحن الكبير محمد القصبجي، صاحب الألحان السريعة والجمل اللحنية المنضبطة والإيقاعات الجديدة، وهو الذي أضاف لمسة غربية إلى المنظومة الشرقية المعتادة، ما دفع المطربين والمطربات وقتها للسعي وراء التعاون معه، لينالوا الشهرة والنجومية، وظلوا جميعا يسعون وراءه، إلا امرأة واحدة رضى هو أن يكون متلهفا خلفها.. وخلال هذا التقرير نرصد أبرز حكايات القصبجي مع المطربات والأغاني التي قدمها لهن، وذلك في ذكرى ميلاده ال127. منيرة المهدية القصبجي بدأ التلحين عام 1920، وكان أول ألحانه لمنيرة المهدية التى صنفت على أنها أول مطربة عربية يسجل لها أسطوانات باسمها، حتى إنها لقبت ب«سلطانة الطرب»، والأغنية التى لحنها تحمل اسم «بعد العش سأل الحمام»، ثم قدم لها عددا من ألحان مسرحياتها منها: «المظلومة»، منيرة المهدية القصبجي بدأ التلحين عام 1920، وكان أول ألحانه لمنيرة المهدية التى صنفت على أنها أول مطربة عربية يسجل لها أسطوانات باسمها، حتى إنها لقبت ب«سلطانة الطرب»، والأغنية التى لحنها تحمل اسم «بعد العش سأل الحمام»، ثم قدم لها عددا من ألحان مسرحياتها منها: «المظلومة»، و«كيد النسا»، و«حياة النفوس»، و«حرم المفتش»، ومن أشهر الأغاني التى قدمتها بتوقيع القصبجي، «بعد العشا يحلا الهزار والفرفشة». أم كلثوم وفي عام 1923 تعرف القصبجي على أم كلثوم، التي استمع لها وهي تنشد قصائد في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فأعجب بصوتها، وبعدها بعام لحن لها أغنية "حلف مايكلمنيش"، وظل يلحن لها عددا من الأعمال التى نالت إعجاب الجمهور وحققت نجاحا كبيرا فى وقتها، منها مونولوج «إن كنت أسامح وانسى الأسية». لم تكن علاقة القصبجي بأم كلثوم مجرد علاقة بين ملحن ومطربة، وإنما كان هذا التعاون يخفي وراءه عشقا كبيرا في قلب «القصبجي»، الذي أسهم في نجاحات كبيرة لكوكب الشرق في أغان كثيرة شهيرة، منها «رق الحبيب». لم تبادله «الست» هذا الحب، وعام 1942 حملته فشل فيلم «عايدة»، الذى قامت ببطولته، حيث كان هو صاحب ألحان الأغاني التي قدمتها خلاله، بل وأقنعته بأن ألحانه لم تعد كالسابق، وبقى خلفها فى الفرقة يعزف على عوده ألحان غيره، ورغم أنه حاول تقديم عدد من الألحان لها فإنها كانت ترفضها، ويقول عن الواقعة، فى أحد حواراته، إن أم كلثوم برأيها هذا "أهانته"، لأنه لا يعني سوى أحد أمرين، إما أنه فاشل، وهذا رأيها، وإما أنها رجعية، وهذا رأيه. ليلى مراد ومع المطربة ليلى مراد صنع مجدا آخر، فهو مكتشف صوتها، حيث قدم لها ألحانا حققت نجاحا باهرا، عرف بها الجمهور اسم ليلى مراد، ولعل أشهرها أغنية «أنا قلبي دليلي»، التى بسببها قال عنه الموسيقار هاني شنودة، إنه يأخذ مصر فى اتجاه جديد، ولديه مجموعة من الألحان التي كان باستطاعتها تغيير مسار الموسيقى في مصر، لأن موسيقاه تتجه للشكل الأوبرالي، وظهر ذلك فى لحن أغنية "أنا قلبي دليلي". ومن أشهر الأغاني التى لحنها لها، «يا خوفي لو بابا شافني» من فيلم «ليلى في الظلام»، و«أنت سعيدة» و«بتبص لي كده ليه» من فيلم قلبي دليلي، «يا جمال العصفور» و«بعد العذاب» من فيلم «ضربة القدر». أسمهان تبنى القصبجي موهبة أسمهان، وكانت أول أغنية لها من ألحانه، وهي «أين الليالي»، ثم قدم لها عددا من الألحان التى ساعدت فى إبراز اسمها على الساحة منها «إمتى هتعرف»، «يا نور العيون»، «اسمع البلبل»، «كنت الأمانى». هناك بعض الأقاويل أن التحول في العلاقة بين أم كلثوم والقصبجي يعود لاهتمامه بصوت المطربة أسمهان التي كانت تعتبر منافسة كوكب الشرق في فترة ما، وقد خصها بالكثير من ألحانه، ما أغضب أم كلثوم، واعتبرته إهمالا لها، وكان العديد من الملحنين فى هذا الوقت يخافون من التلحين لأسمهان لأنهم يعرفون موقف أم كلثوم منها، ما عدا القصبجي. فى النهاية، القصبجي لم يترك عوده رغم موقف أم كلثوم منه، واستمر متألقًا حتى وفاته عام 1966، ولحن للمطربة التى أتت من دمياط إلى مصر «نجاة علي» عددا من الألحان، لعل اشهرها أغنية «لمونا والهوى مكتوب»، وقبيل رحيله قدم لوردة أغنيتها الدينية «إياك نعبد ما حيينا»، ويقال إن هذا المبدع كان يعد لحنا لفايزة أحمد، لكن القدر حال دون أن يكمله.