بعض الشخصيات التى شغلت مساحات من أوقاتنا وحياتنا، تبدو كفقاعة، وتذهب هباءً كأنها لم تكن حاضرة يومًا ما، ويبدو أن ذلك مرجعه يعود إلى حالة الضجيج الفارغ لحضورها السطحى فى حياة المرء، أو لما يمكن أن نطلق عليه حضور التفاهة التى لا ظل لها فى الروح أو العقل، وأقصى تأثير لها هو أنها تحجب المرء عن التفكير الخلاق، والعمل الجاد. الشخصيات التافهة تبدو فى وضوحها كإعاقة، لأنها تفرض تفاهاتها وتراهاتها وهى تعتقد فى أهمية خطاب وفعل وموضوع التفاهة. بعض الشخصيات التى شغلت مساحات من أوقاتنا وحياتنا، تبدو كفقاعة، وتذهب هباءً كأنها لم تكن حاضرة يومًا ما، ويبدو أن ذلك مرجعه يعود إلى حالة الضجيج الفارغ لحضورها السطحى فى حياة المرء، أو لما يمكن أن نطلق عليه حضور التفاهة التى لا ظل لها فى الروح أو العقل، وأقصى تأثير لها هو أنها تحجب المرء عن التفكير الخلاق، والعمل الجاد. الشخصيات التافهة تبدو فى وضوحها كإعاقة، لأنها تفرض تفاهاتها وتراهاتها وهى تعتقد فى أهمية خطاب وفعل وموضوع التفاهة. هؤلاء على كثرتهم لا يتم تذكرهم إلا عندما يستدعى المرء سلطة التفاهة فى الحياة، بل قوة التفاهة كموضوع للتحليل، أن موضوع التفاهة "المديوكراتية"، و"المنيوقراطية"، أصبح أحد ظواهر التحولات الكونية، ويبدو بارزًا فى الأشكال الشعبوية فى خطابات بعض القادة السياسيين فى أوروبا، وفى خطاب التغريدات لدى بعض رؤساء هؤلاء على كثرتهم لا يتم تذكرهم إلا عندما يستدعى المرء سلطة التفاهة فى الحياة، بل قوة التفاهة كموضوع للتحليل، أن موضوع التفاهة "المديوكراتية"، و"المنيوقراطية"، أصبح أحد ظواهر التحولات الكونية، ويبدو بارزًا فى الأشكال الشعبوية فى خطابات بعض القادة السياسيين فى أوروبا، وفى خطاب التغريدات لدى بعض رؤساء الدول الكبرى. من ناحية أخرى يبدو تراجع الفكر الفلسفى، ومنظومات الأفكار الكبرى، والسرديات الكبرى فى ظل تحولات وصيرورات الشرط ما بعد الحديث وما بعده، وتبدأ حياة الفكر فى عالمنا تعيش فى حالة من السيولة والتغيرات السريعة المستمرة، التى لا يستطيع الكاتب أو الباحث الإمساك بملامح اللحظة التاريخية التى يحياها ويريد تناول بعض معالمها الظاهرة أو الغاطسة فيما وراءها، وما أن يهتدى لوصف أو تحليل ما، أو تفسير الإ وسرعان ما يكتشف أن ما انتهى إليه لم يكن سوى سراب، أو وهم. عالم بات يوصف بأنه عالم المابعديات، وما بعد بعد الحداثة، وما بعد العولمة، عالم الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الصناعى، عالم ما بعد الحقيقة، عالم ما بعد الإنسانية، هكذا تصف الموسوعة البريطانية ما يجرى حولنا. فى ظل هذا الدوار المصاحب للتفكير فيما يحدث حولنا، ومآلات ما يجرى حول مستقبل عالمنا! عن أى مستقبل يفكر حوله كاتب فى العقد السابع من عمره؟ أليس الأجدى أن يفكر فى مسار حياته، فى العوالم التى عاشها والشخوص التى عرفها، والتجارب الفكرية والحياتية التى خاض غمارها؟ هذا النمط من الأسئلة يبدو لى تقليديا، على أهمية بعضها، خاصة أن بعض الكتاب لجأ خلال العقود الأخيرة إلى جنس السيرة الذاتية كموضة فكرية، باتت تحقق زيوعا لبعضهم، على الرغم من أن تجارب حياتهم محدودة فى أفضل الأحوال، وتافهة فى بعضها، ولا أهمية لها، من حيث العمق فى التجربة الإنسانية، وفى شرائط الوجود، وأسئلته وإشكالياته، والأهم فى إنتاج هؤلاء الفكرى والبحثى، أو خبراتهم السياسية أو المهنية.. إلخ. سرود سطحية، وتجارب تافهة، وثرثرة لغوية، ووقائع حياة فارغة، حاول بعضهم ولا يزال آخرون يضفون عليها بعضا من المعانى التى تبدو مفارقة لتفاصيل حياتهم. بعض سرود مسارات الحياة لبعض الكتاب غنية وثرية ومترعة بالتجارب العميقة وحاملة لمعانى دالة، وكانت كتابتها فاتنة وقراءتها متعة حقيقية، ومن ثم حفرت شرعية حضورها فى تاريخ السير الذاتية العربية على قلة الأعمال البارزة فى هذا الجنس الأدبى، من طه حسين فى الأيام، ومحمد شكرى فى الخبز الحافى، ولويس عوض فى أوراق العمر، وتربية عبد القادر الجنابى الهامة والجريئة، وماذا علمتنى الحياة؟ ورحيق العمر لجلال أمين، وآخرين. ثمة تفاوت فى الجرأة والصراحة وتعرية الذات فى هذه السرود الحياتية، على رأسها محمد شكرى، وعبد القادر الجنابى. استباح شكرى ذاته فى حرية وكتبها بلا وجل ولا خوف، واستقطر جوهرها وعمقها الدفين من خلال لغة عارية مضادة للاحتشام والأناقة الكاذبة والمجازات الفقاعية الفارغة، من هنا اكتسبت قيمتها وحضورها عند صدورها فى العربية تحت عنوان الخبز الحافى، بعد أن كتبها بول بولز بالإنجليزية تحت عنوان من أجل الخبز وحده. وتربية عبد القادر الجنابى هامة على الرغم من أنها لم تلق ذيوعا على نحو ما حدث مع الخبز الحافى لمحمد شكرى. منطق السوق والرواج والطلب القرائى بات محددًا اساسيًا للكتابة التى تحولت إلى سلعة ضمن السلع الثقافية فى السوق الثقافى الذى تخضع للعرض والطلب، وهو ما حدث مع الرواية وزمن الرواية، وتراكمت آلاف الروايات بطول العالم العربى وعرضه، وحول الرواية، أقيمت المسابقات الأدبية السنوية، والجوائز الأدبية الدولارية السخية، وتكالب الروائيون والشعراء والقصاصون وغيرهم على كتابة الروايات، والناتج قليل جدًا من الإبداع، والكثير جدا من الروايات التافهة، والنقد الموازى للتفاهة والضحالة واللغو، والاستثناءات محدودة ومهمة إبداعًا ونقدًا ضمن انهمارات تعدو وراء الجوائز وتلهث وراء نقد بعض النقاد! يتراجع الطلب على الروايات، ويبدو أن زمن الرواية فى أفول أو بدء التراجع، ويبدأ فيما يبدو زمن السيرة الذاتية، وبدأت وجوه وعقول أعدت للماضى، وهى جزء منه تفكيرًا وكتابة وروحًا وحساسية، وكانوا مؤثرين فى سياقاته يحكم أنهم جزء من تركيبة السلطة الثقافية العربية الرسمية، ومن ثم كانوا أصواتها وطبولها وطنينها الفارغ، ويعتقد هؤلاء أن لديهم تجارب كبرى تصلح للكتابة كمسارات حياة، وذلك كجزء من الموضة الجديدة. هذا النمط من العقول القديمة التى لم تكن جزءا من عالمها وقت شبابها وبالطبع ليست جزءا من العالم الجديد المتغير، هؤلاء القادمون من الماضى، يحاولون الاستمرار فى المشاهد العامة الخاوية إلا من الثرثرة والتفاهة فى عديد الأحيان. محاولة مستميتة من بعض كهول الحياة الثقافية الخاوية الاستمرار فى أداءهم الأجوف، تحت وهم أنهم يمتلكون رأسمال خبراتى وإنسانى وفكرى يقدمونه للأجيال الجديدة من المثقفين والمبدعين والكتاب! أى حزن يجتاح المرء من هذه الموضة والموجة الجديدة؟ أى حزن يأتى من عالم "المديوكر"، و"المنيوكر" عالم "ما دون المتوسط"، و"مادون الحد الأدنى" فى عديد من مساحات الحياة فى عالمنا، وفى المنطقة العربية؟ ألم يحن الوقت لوقف التفاهة فى عالمنا العربى؟ وفى الثقافة العربية؟ ألم يحن الوقت لتفكيك بعض أوهامنا وأساطيرنا حول زواتنا التاريخية؟ حول وقائع تاريخنا؟ وزعاماتنا؟ أليست اللحظة مناسبة لننظر إلى تخلفنا ونبحث أسبابه فى موضوعية وصراحة وصرامة؟ متى ننظر إلى صدمة الحاضر فى عالمنا العاصف بالثورة الصناعية الرابعة؟ إن عالم الذكاء الصناعى والرقمنة، وما بعد الإنسانية يطرح أسئلة وجودية تمس الشرط الإنسانى كله، ونحن لا نزال نعيش قضايا وسرود الماضى البعيد... فى ظل هذه التغيرات الكبرى، والتحولات العميقة ما بعد الإنسانية كيف يمكننا أن نتحدث عن الحاضر والمستقبل بمفاهيم ولغة واصطلاحات وأفكار علوم الماضى وثقافاته؟ كيف؟ يبدو أن موجات التفاهة المتلاطمة تغزو كالجراد العقول والأرواح، وتجعل مساحات واسعة من الثقافات العربية تبدو يباب. ثمة فيما يبدو حاجة لتحليل خطابات التفاهة، وسر انتشارها، وتحليل العقل التافه الذى استطاع أن يؤسس لخراب الحياة فى عالمنا العربى منذ عقود ما بعد الاستقلال!