شيخ الأزهر عن تعدد الزوجات: لن تعدلوا تعنى التحريم.. والتعدد يضر بالمرأة والأولاد.. وعضو بهيئة كبار العلماء: التعدد مرهون بتحقيق العدالة.. وكريمة: لا صحة لتحريم التعدد عادت مؤسسة الأزهر الشريف تتصدر حالة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى من جديد، وذلك بعدما فجر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، جدلا واسعا بتصريحاته حول تعدد الزوجات. غير أن تحريم شيخ الأزهر للتعدد خلق حالة من الجدال، وأمام ذلك المشهد لحديث الطيب غير المسبوق عن التعدد، نستعرض خلال هذه السطور، آراء عدد من رجال الدين حول التعدد وموقف الشرع منه، وهل التعدد محرم أم مباح شرعا، والتعدد يضر بالأسرة أم لا، كل تلك الأسئلة وغيرها طرحناها على عدد من علماء الأزهر وعضو بهيئة كبار العلماء، فى محاولة للوقوف على كل الآراء الشرعية والفقهية عن مسألة التعدد. تعدد الزوجات ليس متروكا لحرية التجربة فإن استطاع الزوج العدل يستمر في زواجه من الثانية أو الثالثة أو الرابعة، وإن لم يعدل فيبقى مع الأولى، هكذا علق شيخ الأزهر على موقف الشرع من تعدد الزوجات، بتصريحات يراها البعض بالمثيرة قائلا: «مسألة تعدد الزوجات تشهد ظلما للمرأة وللأولاد في كثير من الأحيان، تعدد الزوجات ليس متروكا لحرية التجربة فإن استطاع الزوج العدل يستمر في زواجه من الثانية أو الثالثة أو الرابعة، وإن لم يعدل فيبقى مع الأولى، هكذا علق شيخ الأزهر على موقف الشرع من تعدد الزوجات، بتصريحات يراها البعض بالمثيرة قائلا: «مسألة تعدد الزوجات تشهد ظلما للمرأة وللأولاد في كثير من الأحيان، وهي من الأمور التي شهدت تشويها للفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية.. علينا أن نقرأ الآية التي وردت فيها مسألة تعدد الزوجات بشكل كامل، فالبعض يقرأ "مثنى وثلاث ورباع"، وهذا جزء من الآية، وليس الآية كاملة، فهناك ما قبلها وما بعدها». وتساءل الطيب: «هل المسلم فعلا حر في أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة على زوجته الأولى؟ أم أن هذه الحرية مقيدة بقيود وشروط؟ بمعنى أن التعدد "حق مقيد" أو نستطيع أن نقول إنه رخصة، والرخصة تحتاج إلى سبب، وإذا انتفى السبب بطلت الرخصة.. التعدد مشروط بالعدل وإذا لم يوجد العدل يحرم التعدد والعدل ليس متروكا للتجربة بمعنى أن الشخص يتزوج بثانية فإذا عدل يستمر وإذا لم يعدل فيطلق، وإنما بمجرد الخوف من عدم العدل يحرم التعدد فالقرآن يقول: "فإن خِفتُم ألا تعدلوا فواحدة"». الأصل فى الإسلام عدم التعدد عضو هيئة كبار العلماء، الدكتور محمود مهنى، أكد أن مشروعية التعدد مرهونة بتحقيق العدالة، خاصة أنه بالرجوع للآيات القرآنية التى دلت على التعدد، نجد أنها أشارت وبقوة إلى تحقيق العدل، الأمر الذى ليس بوسع كل شخص يرغب فى التعدد. وأضاف عضو الهيئة ل"التحرير" أنه يتفق مع شيخ الأزهر فى أن الأصل فى الإسلام عدم التعدد، وكذلك التعدد مضر بالأسرة والمجتمع، خصوصا لمن ليس لديه سبب شرعي يجبره على التعدد، فمن يتزوج من قبل الشهوة فليس له أن يتعدد. الحالات التى يجوز فيها التعدد شرعا وعن الحالات التى أوجب الشرع لها التعدد، علق مهنى قائلا: "أن يكون الرجل متزوجا بامرأة عقيمة لا تلد، أو امرأة مريضة أكد الأطباء عدم شفائها، أو أن يكون الرجل ذا قدرات جسدية وجنسية لا تطيقها امرأة واحدة، أو أن هناك مبررا شرعيا لا يتحقق إلا من خلال التعدد، أما من يتزوج رغبة فى الزواج من أخرى دون وجود عذر أو سبب رئيسى فليس له أن يقدم على التعدد". التعدد مباح شرعا ولا صحة لتحريمه فيما هاجم الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية، الأصوات التى تتجه إلى تحريم التعدد، مشددا على أن الأصل به الإباحة ولكنه ليس بواجب أو مندوب وكذلك ليس مكروها، ذاكرا العديد من الأدلة على إباحة التعدد، منها أنه جاء مقيدا بشروط، لقوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا). وأضاف كريمة ل"التحرير" أن الفقهاء من الشافعية والحنابلة اتجهوا إلى أن الأصل عند الرجل الاكتفاء بزوجة واحدة، مستدلين على أن بعض الصحابة لم يمارسوا التعدد، الأمر الذى يبرهن على عدم وجوبه، بل إن الشريعة أقرت به فى حالة الضرورة فقط، ولكن لا يعنى ذلك التحريم. وفسر كريمة قوله تعالى: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" وقوله تعالى: "وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ"، أن العدل بين الزوجات واجب شرعي وأنه روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن من تزوج بامرأتين ولم يعدل بينهما سيأتي يوم القيامة وجنبه أعوج، الأمر الذى يبرهن على وجوب العدالة بين الزوجات. المرفوض كل الميل فيما تحلت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بالأزهر، برأي مغاير لآراء بعض رجال الدين حول تحديد معنى العدل المطلوب فى التعدد، بالتأكيد أنه ليس المتعدد مكلفا بأن يعدل بين الزوجتين فى مشاعره تجاههما، لأنه لا يملك ذلك، بل يحرص بقدر الإمكان على تحقيق التوازن فى الحب والمشاعر، لقوله تعالى: "وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا"، فالمولى عز وجل يعلم أن هناك ميلا للرجل تجاه زوجة معينة، فلا حرج فى ذلك بل المرفوض كل الميل، بمعنى أنك تحب واحدة وتترك الأخرى مطلقا بدون مشاعر. وأضافت صالح أن التعدد مباح بشروطه، وليس العدل المطلوب الحب والمشاعر بقدر المعاملة الحسنة والود والإحسان للزوجات بقدر المساواة. قالت الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، إن فضيلة شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، لفت في برنامجه الأسبوعي إلى أن قضايا التراث التي تحتاج إلى تجديد قضايا المرأة، لافتا إلى أن فضيلة الشيخ قال إنه لا يوجد تشريع أو نظام توقف واهتم بقضية ظلم المرأة مثلما توقف القرآن الكريم، وأن من يقولون إن الأصل في الزواج هو التعدد مخطئون. وأشادت رئيسة المجلس القومي للمرأة بتفسير فضيلة الإمام الأكبر لآية تعدد الزوجات، الذي أكد خلاله بأن هذا الحق مقيد وأنه رخصة وتحتاج إلى سبب ومشروط بالعدل بين الأزواج وهو ليس متروكا. وأعربت مرسي عن تقديرها وشكرها للشيخ الجليل إمام الأزهر الشريف عن مقولة الحق الصادرة منه ليس لأي غرض، ولكنها بدافع تنوير العقول وإظهار الحق، وتأكيده الدائم أن الدين الإسلامي الحنيف كرم المرأة وأنصفها وأعطاها حقوقا عديدة لم تكن موجودة من قبل.