الوزراء: تصدير الكهرباء للسودان بداية من شهر مارس.. واللحوم وفول الصويا وعباد الشمس المقابل.. والكهرباء: 40 ميجاوات بداية تصل إلى 150 ميجاوات.. والبرلمان: خطوة مهمة قال المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، خلال اجتماع مجلس الوزراء الماضي، إن وزير الكهرباء أكد أن مصر ستكون قادرة على توصيل الكهرباء للشبكات السودانية، في نهاية شهر مارس المقبل، وإنه يتم حالياً التنسيق مع وزارة الكهرباء السودانية، بشأن ما تستوعبه الشبكة السودانية للكهرباء من طاقة، مشيراً إلى أن الحد الأقصى لما يمكن ربطه حالياً يصل إلى 40 ميجاوات. وأوضح سعد أن مصر سوف تستورد اللحوم وفول الصويا وعباد الشمس من السودان الشقيق، ومن الممكن الحصول على هذه السلع والمحاصيل مقابل قيمة الربط الكهربائي. تصريحات سعد وضعت عددا من علامات الاستفهام حول المقابل الذى سوف تتقاضاه مصر جراء تصدير الكهرباء للسودان؟ ومن الطرف المستفيد من وراء هذه الخطوة مصر أم السودان؟ احتياطي مصر من الكهرباء تمتلك مصر الآن بعد الانتهاء من إضافة 14400 ميجاوات من محطات سيمنس الثلاث العملاقة، قرابة ال52 ألف ميجاوات، حسب إحصائيات تصريحات سعد وضعت عددا من علامات الاستفهام حول المقابل الذى سوف تتقاضاه مصر جراء تصدير الكهرباء للسودان؟ ومن الطرف المستفيد من وراء هذه الخطوة مصر أم السودان؟ احتياطي مصر من الكهرباء تمتلك مصر الآن بعد الانتهاء من إضافة 14400 ميجاوات من محطات سيمنس الثلاث العملاقة، قرابة ال52 ألف ميجاوات، حسب إحصائيات صادرة من وزارة الكهرباء، في حين أن أقصى حمل لمصر في الصيف الماضي سجل متوسط 30 ألف ميجاوات، وبالتالى فإن مصر لديها فائض من الكهرباء لا يقل عن 20 ألف ميجاوات، بفائض يقدر ب35% على أقل التقدير من قدرتها الإنتاجية المتاحة. المعدل العالمي في حين أن الأرقام العالمية لفائض الكهرباء، والمعروف "بالاحتياطي" يقدر ب15% من حجم الكهرباء، فحجم الفائض في دول متقدمة "ألمانيا وفرنسا وأمريكا" يقدر ب15% فائضاً فى الشبكة الكهربائية لتحقيق التوازن والاستمرارية، بينما مصر لديها فائض قدر حسب الأرقام سالفة الذكر ب35%، فكيف تُصدر مصر كل هذا الفائض وتستفيد منه بجلب العملة الصعبة؟ تفاصيل الربط الكهربائي الدكتور أيمن حمزة، المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، قال إن الخط الذى سوف يربط مصر بالسودان وسيتم من خلاله تصدير الكهرباء لها بداية من الشهر القادم سيكون بقوة 220 كيلو فولت، ستكون البداية بشكل تجريبي فى شهر مارس المقبل، وهذا ما تم التأكيد عليه فى اجتماع مجلس الوزراء الأخير. وأضاف حمزة فى تصريحات خاصة ل"التحرير": "البداية التجريبية لهذا الخط ستكون ب40 ميجاوات، ومن الممكن أن لتصل ل100 أو 150 ميجاوات فى المستقبل، لأن هذا الأمر مرتبط بقدرة الشبكة المصرية والشبكة السودانية". وتابع حمزة: "مصر على استعداد لتلبية احتياجات السودان من الكهرباء عبر هذا الخط، لدينا خطوط ربط كهربائي بين مصر والأردن، ومصر وليبيا بالفعل، وهناك اتفاقيات لتبادل الطاقة، ولدينا احتياطي يكفي مصر فى الفترة الحالية والمستقبلية، ولا يوجد مانع لدى مصر فى تلبية احتجاجات دول الجوار من الكهرباء وفق الاتفاقيات التى تجمع مصر بهذه الدول. الكهرباء: المقبل ليس من اختصاصنا وأكد حمزة أن السودان قارب على الانتهاء من مشروع الربط الكهربائي، كذلك الحال بالنسبة إلى مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية فى حالة تقييم العروضة المقدمة الآن، بالإضافة إلى دراسة مشروع الكبل البحري الذى تم تقديمه فى دراسات الجدوى بين قبرص واليونان. وشدد حمزة على أن المقابل التى سوف تحصل عليه مصر جراء تصدير الكهرباء للسودان، الجهة المنوط بها التعليق عليه هى مجلس الوزراء وليس وزارة الكهرباء. وتعول مصر كثيراً فى تصريف الفائض من الكهرباء، على مشروع الربط الكهربائي مع الدول الإفريقية ودول أوروبا، عبر بوابة "قبرص"، حيث تسلم وزير الكهرباء، الدكتور محمد شاكر في الأشهر القليلة الماضية، من شركة "يورو أفريكا" القبرصية، دراسة الجدوى لمشروع الربط الكهربائي بين مصر وأوروبا، ومتوقع أن يمثل مشروع الربط جزءا من مشروع ربط كهربائي أكبر بين أوروبا وإفريقيا. البرلمان: خطوة مهمة محمود عطية، عضو لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، قال إن تصدير مصر الكهرباء إلى السودان خطوة جيدة للغاية، فى الوقت الراهن فى ظل ما تمتلكه مصر من فائض كبير من الكهرباء، على مدى فصلي الشتاء والصيف، نتيجة دخول عدد من المحطات الجديدة إلى الخدمة فى السنوات الأخيرة وتحقيق اكتفاء ذاتي منها، بعدما كانت مصر تعاني من الانقطاع المتكرر للتيار قبل عام 2014، وهو الأمر الذى يعد نقلة نوعية فى مجال الطاقة لمصر. وأكد عطية فى حديثه ل"التحرير": "تصدير الكهرباء إيذانا بدخول مصر مجال الاستثمار فى الطاقة من بوابة الربط الكهربائي، بين مصر والسودان كخطوة أولى مثل السعودية والأردن، مطالبا بتوجه الحكومة نحو السوق الإفريقية باعتبارها سوقا ناشئة ومبشرة لمصر، لأن مصر لديها استراتيجية للوجود فى إفريقيا فى الفترة المقبلة". مكاسب مصر من التصدير وشدد عضو مجلس النواب على أن هذه الخطوة ستكون مفيدة للطرفين وليس لطرف على حساب الآخر، فالسودان يحتاج إلى الكهرباء ولديه وفرة فى بعض السلع الغذائية التى تحتاجها مصر، مثل اللحوم والفول الصويا وغيرها من الثروات الطبيعية، مثل الحديد والنحاس والزراعة المهمة لمصر فى المستقبل. وأشار إلى أن مصر سوف تحقق العديد من المكاسب من وراء هذه الخطوة، تتمثل فى توفير العملة الصعبة التى تستورد بها مصر هذه السلع، والاستفادة من الفائض من الكهرباء، ناهيك بعدم الحاجة إلى تبديل العملات، بالإضافة إلى البُعد السياسي، لأن مصر تحتاج إلى تقوية علاقتها بالسودان وإثيوبيا وجميع دول حوض النيل. وطالب عطية الحكومة المصرية بالتوسع فى مجال تصدير الطاقة وعدم قصر الأمر على الربط الكهربائى فقط، ليشمل تصدير الغاز إلى الدول الإفريقية فى الفترة المقبلة بعد اكتشاف العديد من الحقول البترولية، مثلما نصدر لقبرص واليونان عن طريق البحر المتوسط عن طريق بعض الشركات الأجنبية، لأن إفريقيا من الأسواق الناشئة. وكانت مصر قد عادت للتصدير مجددًا للجانب الليبي بمتوسط 50 ميجاوات، كون خط النقل للجانب الليبي قدرته الاستيعابية لا تتعدى ال150 ميجاوات، بخلاف التصدير للأردن -عند احتياجه- بقدرات لا تتعدى ال450 ميجاوات، وال450 ميجاوات هو حجم القدرات القصوى لخط نقل الكهرباء إلى الأردن. الفكرة قديمة الدكتور عادل نبهان، الباحث فى الشئون الإفريقية، أكد أن الربط الكهربائي بين مصر والسودان فكرة ليست وليدة اليوم، وإنما تم الاتفاق عليها منذ سنوات عديدة بين الحكومة المصرية والسودانية المتعاقبة، ولكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا مع قدوم حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، وتصريحات المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المستشار نادر سعد تعد البداية الفعلية لهذه التجربة. وأوضح نبهان فى تصريحات خاصة ل"التحرير" أن هذه الخطورة تأتى فى إطار العلاقات التنموية بين البلدين، بعد مرحلة من التطور في العلاقات المصرية السودانية فى السنوات الأخيرة، كما أنها جاءت بعد عدد من الأزمات السياسية بين البلدين، مثل غلق المعابر الحدودية، وقضية حلايب وشلاتين والنزاع عليها، وقضية شركة مصر للطيران وعدم حصولها على مستحقاتها المتأخرة لدى السودان. توفير العملة الصعبة وواصل نبهان: "تصدير مصر الكهرباء للسودان خطوة فى غاية الأهمية، لأن مصر سوف تحصل على بعض السلع المهمة التى تستوردها مصر بالعملة الصعبة من السودان وغيرها من الدول، فى ظل وجود اكتفاء ذاتى لمصر من الكهرباء". متابعاً: "الحصول على سلع أفضل لمصر فى ظل وجود تخوف من عدم قدرة السودان على سداد قيمة تصدير الكهرباء بالعملة الصعبة، نظراً لحالة عدم الاستقرار والأزمة الاقتصادية الطاحنة التى يمر بها السودان فى الفترة الأخيرة". وتابع: "الأوضاع فى السودان غير واضحة حتى الآن خاصة بعد خطاب البشير الأخير وقف التعديلات الدستورية التى كانت ستقضى بتمديد فترة حكم البشير إلى فترة أخرى، وجميع المؤشرات الأولية تؤكد عدم ترشح البشير مرة أخرى، ومغادرته منصبه قريباً".