انقسام حول مقترح الأزهر باعتبار الزواج العرفي «زنى»..نصير: المقترح جيد والعقوبة سنة للمتزوجين عرفيا..والاسلامبولى: مخالف للشريعة والدستور..وهيكل: البحث عن طريقة لتوثيقه تباينت ردود الأفعال حول تعديلات الأزهر الشريف على قانون الأحوال الشخصية والتي أعلنها مؤخرا، خاصة مقترح تجريم الزواج العرفي تماما واعتباره زنى، حيث اتفقت هيئة كبار العلماء بالإجماع على «تجريم كل زواج يتم بدون توثيق، أو تحت السن القانونية والمحدد ب18 عاما واعتباره زنى وباطلا». أيد البعض تشريع الأزهر الجديد وفرض العقوبات، ورأى البعض الأخر أن هذا التشريع منافٍ للشريعة والدستور والقانون، وطالب فريق آخر بوجود عقوبات بديلة لمواجهة هذه الظاهرة. لكن هناك عدم مساواة في قانون العقوبات المصري، فالقانون يميز بين الرجل والمرأة في عقوبة الزنى. تنص مادة 274 من قانون العقوبات على: «المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت». وتنص المادة 277 على: «كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا خطوة جيدة أمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وعضوة مجلس النواب، قالت ل«التحرير» إن مقترح الأزهر بتجريم الزواج العرفي واعتباره زنى «خطوة جيدة لمعاقبة كل من تسول له نفسه الخروج عن نطاق الزواج الرسمي الشرعي أمام المأذون، لكنه لم يعرض على مجلس النواب حتى الآن». من قبل، طالبت نصير بتجريم الزواج العرفي، بعد أن لاحظت تفاقم هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة في المجتمع، خاصة بين طلبة المدارس والجامعات بصورة تهدد كيان الأسرة والمجتمع. وأظهرت أخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تزايد حالات الزواج العرفي إلى 149 ألف عقد بنسبة 16% خلال عام 2017، و14 ألف قضية إثبات نسب تنظر أمام المحاكم لأطفال رفض آباؤهم الاعتراف بهم نتيجة زيجات عرفية تمت في السر. نصير لم تكتف بالمطالبة فقط، بل تقدمت بمشروع قانون في أكتوبر الماضي لتجريم هذا الزواج، لمعالجة كافة الآثار المترتبة عليه بالنسبة للأبناء والمجتمع والأسرة بأكملها، بعدما تلقت استغاثات بشكل مستمر من فتيات يشتكون من النتائج السلبية والسيئة للزواج العرفي، وتضمن مشروع قانون «أمنة نصير» معاقبة كل من الشاب والفتاة الراشدين المتزوجين عرفيا بالحبس لمدة عام، بهدف حماية المجتمع من تلك الزيجات التي لا تكون أسرا قوية تنفع المجتمع. المرأة تدفع الثمن وأيدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مقترح «الأزهر» بشدة، وترى أن الزواج العرفي في المطلق «زنى»، مهما كان السبب، ومهما كانت صورته، مؤكدة أن هذا الحكم ينطبق عليه حتى مع وجود شهود أو وجود عرس لأنه غير شرعي. وقالت ل«التحرير» أتمنى أن يطبق هذا القانون، فقد طالبت بتجريم هذا الزواج منذ فترة كبيرة، حيث أنه لا يترتب عليه آثار الزواج المشروعة كثبوت النسب وثبوت حقوق المرأة والأبناء، فعقد الزواج العرفي عقد ضياع للمرأة وحقوقها. تحدث 400 ألف حالة زواج عرفي في مصر سنويا أغلبها في المناطق الفقيرة، ووصل عدد الأطفال نتيجة هذا النوع من الزواج إلى 41 ألف طفل سنويا وفقا لدراسة للمجلس القومي للسكان عام 2017. وطبقًا للحالة الزواجية السابقة للزواج العرفي، تركزت غالبية حالات توثيق عقود الزواج العرفي من الإناث بين اللاتي لم يسبق لهن الزواج بعدد 24 ألف و 871 حالة بين الإناث، يليها المطلقات بعدد 23 ألف و 825 حالة، ثم الأرامل بعدد 536 حالة، فيما تركزت حالات الزواج العرفي بين الذكور الذين لم يسبق لهم الزواج بعدد 123 ألف و 660 حالة، يليهم المتزوجين بعدد 3809 حالة ثم المطلقين بعدد 894 حالة وأرامل بعدد 181 حالة بحسب إحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. التجريم مخالف للشريعة اعترض عصام الإسلامبولي، المحامي بالنقض، على مقترح الأزهر، وقال ل«التحرير» أن تجريم الزواج العرفي واعتباره زنى مناف للشريعة الإسلامية والقانون والدستور، حيث أن الزواج العرفي عقد شرعي لكنه غير رسمي، ففكرة تجريمه مرفوضة تماما، أما الزنى علاقة غير مشروعة، فكيف يتم المساواة بينهما؟ ومن أسباب اللجوء إلى الزواج العرفي في رأي الإسلامبولي، تردي الأوضاع الاقتصادية، التي تقف عقبة أمام الزيجات الرسمية فضلا عن التفكك الأسري والتحولات الاجتماعية كقانون المعاشات الذي يدفع بعض النساء للزواج العرفي خوفا من انقطاع معاش زوجها. ويعتقد أن البرلمان لن يوافق على هذا المقترح وإن وافق عليه، سيطعن فيه بعدم الدستورية لأنه غير منطقي وسيؤدي إلى إنتشار العلاقات غير الشرعية. الفارق بين العرفي والسري واتفقت معه شيرين محفوظ، المحامية المتخصصة بقضايا الأحوال الشخصية ومحاكم الأسرة، في أن الزواج العرفي غير موثق ولكنه شرعي، طالما استوفت فيه الشروط «الولي، والإيجاب، والقبول، والإشهار»، فكيف يجرم ويعتبر زنى؟ وإن لم تتوافر فيه هذه الشروط، فهذا يعتبر زواج سري وليس عرفي وهو حرام شرعا. وقالت محفوظ ل«التحرير» إن مقترح الأزهر فيه تقييد للحريات وسيكون سببا في انتشار العلاقات الآثمة وليس معالجتها. الدكتورة داليا المنسي، الناشطة الحقوقية، قالت إن جميع حالات الزواج العرفي ليست زنى، كزواج القاصرات والذي ينتشر بكثرة في الريف، هذا الزواج يعد جريمة في حق الطفولة ولكنه ليس زنى، فقد استوفت فيه جميع الشروط «الولي والإيجاب والقبول والإشهار»، ولكنه لم يوثق لأن الفتاة دون السن، حيث يزوج الأهل الفتيات القاصرات ويكتبن إيصال أمانة على الزوج، على أن يتم توثيق الزواج عند بلوغ الفتاة سن الزواج القانونية، وينتج عن ذلك إنجاب أطفال لا تستطيع الأم تسجيلهم في السجلات الرسمية لأنها ليست لديها قسيمة زواج، وعند وصول الزوجة ال18 عاما يلجأون إلى توثيق الزواج، أما في حالة الطلاق تظهر مشكلات أخرى، وفى النهاية يكون الأبناء من ساقطي القيد أو يلجأ الجد إلى تسجيل أبناء ابنته باسمه فيحدث اختلاط فى الأنساب والمحاكم بها حالات كثيرة لقضايا إثبات النسب الناتجة من الزواج العرفي. وتعتبر نسبة زواج التصادق بالريف أكثر من الحضر، وبلغت في الريف 19.5% مقابل 5.5% في الحضر وفقا لإحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وتوضح منسي أن الزواج السرى الذي يتم بين الفتيات والشباب فى الجامعات أو غيرها، عبر تحرير ورقة يطلق عليه عرفي بدون شهود مجرد زملاء لهم سواء بالجامعة أو الشغل وبدون الإشهار يعد زنى. «لسنا بحاجة إلى سن قوانين وتشريعات جديدة، ولكن الأهم من ذلك أن يتم تفعيل وتطبيق القوانين الموجودة بالفعل»، تقول منسي، وتطالب بضرورة أن يكون لوسائل الإعلام دور في توعية المجتمع بخطورة هذا الزواج