موجة من الجدل أثارتها تصريحات الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، حول إعدادها لمشروع قانون خاص بتجريم الزواج العرفي، لتقديمه لمجلس النواب في بداية دور الانعقاد الرابع المقرر انطلاقه في الأسبوع الأول من أكتوبر. وأبدت نصير، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، عدم اعتراضها على حبس المرأة المتزوجة عرفيًا، واصفة إياها ب"الهبلة"؛ لأنها صدقت الرجل. وعلّق الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، على مقترح نصير، قائلًا إنه لا يجب أن تصل عقوبته إلى حبس الزوج. واقترح "الجندي"، خلال استضافته في أحد البرامج التلفزيونية, أن تصل العقوبة إلى فرض غرامة مالية كبيرة وحرمان الزوج من بعض الامتيازات المجتمعية، متسائلًا عن سبب اقتراح حبس الزوج وعدم حبس الزوجة رغم ارتكابهما نفس الخطأ. وردت "نصير"، على تساؤل "الجندي"، بأنها اقترحت حبس الزوج فقط لأنه "قوام" على المرأة، مؤكدة أنها في نفس الوقت لا تمانع معاقبة الزوجة بالحبس أيضًا، لأنها "عبيطة وهبلة بسبب تصديق الرجل والوثوق به"، حسب قولها. وفي تصريح إلى "المصريون"، قال الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، إنه يطالب بأن تكون هناك معالجة فكرية وتوعية عن الزواج العرفي في مصر، بحيث لا تتكرر أو تزداد حالاته في مصر، رافضًا تجريم الزواج العرفي وفقًا لما أعلنه نصير، مؤكدًا أن التجريم لا يحل الأزمة بل يزيد من أوضاعها وتكرارها في المجتمع. وأضاف: "أرفض أي عقوبات تقدم ضد الزوج أو الزوجة المتزوجين عرفيًا، لأن حل هذه الظاهرة ومواجهتها يحتاج إلى تحرك مجتمعي من خلال تفعيل دور التوعية والثقافة لدى المواطنين، وخاصة أنه لا يوجد ما يحرم الزواج العرفي، فمعنى وضع تجريم له سيزيد من تكرار الحالات فى هذه الظاهرة". وتابع:ن "البرلمان سيناقش كل هذه المسائل، والاطلاع على كل المقترحات المقدمة من النواب، وخاصة أن هذه المسألة تحتاج إلى حوارات مجتمعية ودينية". في رمضان الماضي، قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن "هناك لبسًا في الأذهان بين الزواج العرفي والسري والعادي، وبسبب هذا الخلط حدثت تجاوزات عديدة في بعض الأوساط الطلابية انطلاقًا من أن هناك زواجًا عرفيًّا بمعنى الزواج السري، وبالتالي لابد أن نعرف ماهية الزواج السري وماهية الزواج العرفي". وأضاف "الطيب"، أن "الزواج السري: هو الذي يتم بدون شهود، وهو باطل، أو يتم بشاهدين لكن يُوصى كل منهما بكتمانه، فلا يعلمه إلا الزوج والزوجة والشاهدان فقط، وفي كل أحواله يغيب الولي، مع أن أول ما يبطل عقد الزواج هو غياب الولي وعدم معرفته"، موضحًا أن زواج السر باطل. وأشار إلى أن الزواج العرفي هو ما ليس موثقًا لكن توفرت فيه أركان وشروط الزواج الصحيحة من ولي وشاهدي عدل وصيغة ومهر، فهذا الزواج بهذه الصورة لا يمكن أن يكون حرامًا، بل بالعكس هو الصورة الصحيحة لزواج المسلمين من أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى العهد القريب الذي ظهرت فيه الأحوال الشخصية والتسجيل حيث لم يكن هناك توثيق أو قسيمة زواج، وإنما ظهر التوثيق لما خربت الذمم وأصبح الرجل بإمكانه أن يتزوج امرأة زواجًا شرعيًّا وتلد منه ثم يتنكر لهذا الزواج أو يهرب من الزوجة ولا يعطيها حقوقها، فمست الحاجة إلى توثيقه، وبناءً على ذلك فالزواج العرفي الذي اكتملت فيه شروطه الشرعية، زواج صحيح شرعًا خطأ قانونًا، لكن الزواج السري (وهو ما يسمى بالعرفي بين الشباب الآن) بين البنت والولد والذي يشهد عليه اثنان من أصدقائهما دون معرفة ولي أمر البنت فهذا زواج باطل ولا يعترف به وما يحدث بينها زنا. وأكد، أن توثيق الزواج الآن أمر لابد منه لمصلحة البنت، فإن لم يوثقه الزوج خضع لعقوبات قانونية - يؤيدها الأزهر - لأن من حق ولي الأمر أو القائمين على الأمور أن يقيدوا هذا الحلال بشروط؛ ضمانًا لمصلحة للطرفين أو لأحدهما سواء كان الزوج أو الزوجة، لكنه عند الشرع صحيح، مشيرًا إلى أن الأزهر يقر الزواج العرفي بأركانه وشروطه الصحيحة، وعلى رأسها الولي، ولا يقر ولا يعترف بالزواج السري (المسمى بالعرفي الآن) الذي يتم من وراء ظهر الأب والعائلة، ولا تعلم به، ويعده زواجًا باطلًا. بينما رأت دار الإفتاء في مسألة الزواج العرفي، أنه يجوز إذا توافرت فيه شروط عقد الزواج الصحيحة من شهود وإشهار وإيجاب وقبول وغيرها من الشروط حتى وإن تم دون توثيق، إلا أنها أوصت بضرورة توثيق الزواج لضمان الحقوق لفساد الذمم في هذا الزمان. وأشارت إلى أن الشريعة الإسلامية حددت بعض الشروط والأركان التي لابد من توافرها في أي عقد زواج حتى يكون صحيحًا، وأن هذه الشروط تتمثل في صيغتي الإيجاب والقبول، والشهود، والاتفاق على المهر. وأوضحت في فتواها، "أن الفرق بين الزواج الرسمي والعرفي يتمثل في عملية التوثيق، فالزواج الرسمي يوثق في المحكمة وتبلغ به الأحوال المدنية وغيرها من الإجراءات، أما العرفي فإنه لا يوثق بشكل رسمي في المحكمة ويمكن أن يتم توثيقه عند محامٍ فالفرق بين الاثنين في عملية التوثيق".