كان عبد الحميد جودة السحار كاتبا متنوعا، فكتب عن المجتمع المصري المعاصر، وكتب العديد من القصص الدينية والتاريخية، وتحولت عدة روايات له لأعمال سينمائية وتليفزيونية هامة. في 25 أبريل 1913، ولد في شارع الجراية بالقاهرة، الأديب والروائي عبد الحميد جودة السحار، والذي يعد رائدًا في كتابة القصص الدينية، كما يعد كاتبًا عصريًا، يكتب عن المجتمع المصري بقدرة فائقة على الحكي والحوار المركز، وأيضًا هو منتج وكاتب سيناريو لعدد من أشهر كلاسيكيات السينما المصرية، كل ذلك بفضل كونه نتاج البيت والحارة المصرية بشخصياتها وحكاياتها التي كانت نبع قصصه المتدفق وزاد قلمه الغزير في الأدب والقصص والسينما، فجعلت منه كاتبًا مبدعًا نجح في تخليد اسمه، ويمكن تقسيم مشواره إلى عدة مراحل:- البداية عبد الحميد جودة السحار نشأ في بيت من التجار يخرجون في الصباح ويغلقون محالهم في سوق الجراية مع أذان المغرب، ثم يقضون أوقاتهم في البيت، كانت جل أحاديثهم تدور حول أخبار الحارة والغناء والسينما والقرّاء والمشايخ، يستمعون لعبده الحامولي وألمظ ومنيرة المهدية وأم كلثوم، ولصوت محمد رفعت وتلاوته العذبة البداية عبد الحميد جودة السحار نشأ في بيت من التجار يخرجون في الصباح ويغلقون محالهم في سوق الجراية مع أذان المغرب، ثم يقضون أوقاتهم في البيت، كانت جل أحاديثهم تدور حول أخبار الحارة والغناء والسينما والقرّاء والمشايخ، يستمعون لعبده الحامولي وألمظ ومنيرة المهدية وأم كلثوم، ولصوت محمد رفعت وتلاوته العذبة للقرآن، أحب فيه القراءة والأدب، وحصل على بكالوريوس تجارة من جامعة فؤاد الأول عام 1937، وما أن تخرج توظف في سلاح الطيران مترجمًا، وهناك كتب مجموعته القصصية القصيرة "في الوظيفة" التي تدور حول الموظفين. القصص القصيرة بدأ جودة السحار مشواره في عالم الكتابة والأدب كغالبية جيله بكتابة القصة القصيرة من خلال مجلتين بارزتين، هما "الرسالة" للمفكر أحمد حسين الزيات، و"الثقافة" التي كان يصدرها أحمد أمين، وكانت أول أقصوصة منشورة له مأخوذة عن أحد جيرانه بعنوان ساخر "رجل البيت"، تحكي عن سيدة متحكمة متسلطة تتحكم في إدارة البيت بينما زوجها ضعيف لا يقوى على صدها، ثم اتجه بعد ذلك إلى كتابة القصص التاريخية، وكانت روايته الأولى "أحمس بطل الاستقلال". الكتابة الدينية والتاريخية وللأطفال كان السحار منذ طفولته يقرأ كثيرًا في السيرة، وتمنى أن يكتبها بأسلوب أكثر سلاسة وتبسيطًا، وما أن أصبح كاتبًا، اتجه إلى كتابة الإسلاميات، حيث إنه ليس هناك نهضة مادية دون أن تسبقها نهضة روحية، وكتب: "أبو ذر الغفاري"، "بلال مؤذن الرسول"، "سعد بن أبي وقاص"، "أبناء أبو بكر"، وأخيرًا تحقق حلمه وكتب السيرة في 18 جزءًا بعنوان "محمد رسول الله والذين معه". وأيضًا كتب السحار عن الديانات الأخرى، ومنها "قصص من الكتب المُقدسة" حول الشخصية اليهودية منذ بدء الخليقة حتى فترة معينة من فترات التاريخ القديم، وكذلك كتاب "وعد الله إسرائيل" الذي حذر فيه من اليهود وأعوانهم، كما يعتبر "المسيح عيسى بن مريم" من أكثر أعماله نجاحًا، وهي تعتبر من روائع القصص الديني المعتمد على القرآن الكريم وأسفار الإنجيل. اقرأ أيضًا| «شجرة الكريسماس» و«سانت كلوز».. أبرز مظاهر «الميلاد» وفي مجال الكتابة التاريخية، كتب السحار روايته "أميرة قرطبة"، و"قلعة الأبطال" التي تصور أحداثها الصراع بين عرابي والخديو توفيق، و"طابية صالح" التي تتناول غزو البريطانيين الإسكندرية، فضلًا عن روايته الأولى "أحمس بطل الاستقلال"، كما أثرى أدب الأطفال بمجموعة قصص ديني، ومنها: (قصص الأنبياء - قصص السيرة - قصص الخلفاء الراشدين - قصص العرب في أوروبا). دار النشر للجامعيين وفي بداية مشواره الأدبي، وأثناء فترة الحرب العالمية الثانية، لم تكن دور النشر تتعامل سوى مع الأسماء الكبيرة آنذاك، مثل عباس العقاد وتوفيق الحكيم، وكلما ذهب إلى تلك الدور هو وأصدقاؤه عادل كامل ونجيب محفوظ، يتم رفض أعمالهم، وفي يوم التقى بمحفوظ في جنازة صديق مشترك، وعقدا العزم على إنشاء دار نشر خاصة تطبع أعمالهما، فأسسا دار النشر للجامعيين، بعدما باع السحار ذهب زوجته لإنشائها، وكانت "رادوبيس" لنجيب محفوظ الرواية الأولى التي طبعوها، ثم "أبو ذر الغفاري" للسحار، و"المليم الأكبر" لعادل كامل، ثم أقنع أخاه سعيد السحار بتمويل نشر أعمالهم الأدبية، فأنشأ مطبعة مكتبة مصر التي ما زالت قائمة بالفجالة، وظل السحار الناشر الأول والأبرز لأعمال أديب نوبل. السينما وعلى الرغم من أنه كاتب أدبي بارع، إلا أن شخصياته الروائية اكتسبت قيمة أخرى حينما انتقلت إلى السينما، والتي عمل بها منتجًا وكاتبًا للسيناريو، وكان أول فيلم يكتبه وينتجه للسينما هو فيلم "درب المهابيل"، ثم كتب بعد ذلك العديد من الروايات، ومنها: "شياطين الجو"، "أول حب"، "المستنقع"، "خطيئة ملاك"، "عريس لاختي"، "النصف الآخر"، "ألمظ وعبده الحامولي"، رائعة "مراتي مدير عام" للمخرج فطين عبد الوهاب وبطولة شادية وصلاح ذو الفقار، الذي يحتل المركز 35 في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، "أم العروسة" صاحب المركز رقم 17 في نفس القائمة، من إخراج عاطف سالم، وبطولة سميرة أحمد، تحية كاريوكا، وعماد حمدي، وكذلك "الحفيد" أحد أهم الكلاسيكيات، تلك الأعمال التي تميزت بمعالجة موضوعات اجتماعية بأسلوب ساخر. قدّم أيضًا عبد الحميد جودة السحار روايات إسلامية للسينما، منها "رسالة إلى الله" من إخراج كمال عطية وبطولة مريم فخر الدين وحسين رياض وأمينة رزق وعبد المنعم إبراهيم، "فجر الإسلام" الذي كتب له السيناريو والحوار بالاشتراك مع صلاح أبو سيف مخرج الفيلم، و"القادسية" مع محفوظ عبد الرحمن وعلي أحمد باكثير، كما شارك في سيناريو الفيلم العالمي "الرسالة" بالاشتراك مع توفيق الحكيم وعبد الرحمن الشرقاوي. وصدر للسحار، كتاب "ذكريات سينمائية" الذي يحكى فيه عن ذكرياته مع الشاشة الكبيرة بداية من طفولته وذهابه إلى السينما من دون علم أهله، إلى كتابته للسينما ومحاولاته الإنتاجيه الفاشله وطرائفه وأحزانه ومغامراته مع كتابها وفنانيها ومنتجيها. الدراما تحولت رائعته التاريخية "محمد رسول الله" إلى مسلسل بنفس الاسم من إخراج أحمد طنطاوي في فترة الثمانينيات، وهو أحد أهم الأعمال الدينية التي أنتجها التليفزيون المصري في خمسة أجزاء، ونال من خلاله شهرة واسعة، إضافة إلى مسلسلي "في قافلة الزمان" و"الشارع الجديد"، فضلًا عن روايته "أم العروسة" والتي قُدمت إذاعيًا، ثم سينمائيُا، ثم مسرحيًا، ثم تليفزيونيًا مرتين، والأخيرة منهم كانت من بطولة حسين فهمي، ومعالي زايد، وسوسن بدر، ويتناول قصة "حسين" رب أسرة مصرية كبيرة، يعاني من مشاكل تدبير تكاليف زيجة ابنته الكبرى، فيقرر اختلاس مبلغ من عهدته المالية في الشركة التي يعمل بها بنية رده فيما بعد. أُسند إلى عبد الحميد جودة السحار، منصب رئيس تحرير مجلة "السينما" عام 1973، إلا أنه توفى في بداية العام التالي في 22 يناير 1974، وقد أهدته جمعية نقاد وكتاب السينما جائزتها التقديرية عن مجمل أعماله السينمائية في عام 1975.