المفكر الإماراتي علي محمد الشرفاء الحمادي: لا بد من تدريب خطباء المساجد لمحاصرة الفكر المتطرف.. والروايات المغلوطة وراء الإرهاب.. الفهم الخاطئ للدين وراء التطرف اهتمت دولة الإمارات بتعزيز مسيرة التنمية الثقافية، ومواجهة الإرهاب بسلاح الفكر، وكان للقائمين على شئون البلاد عدة مبادرات تستهدف فئة الشباب في محاولة لانتشالهم من خطر الوقوع في مستنقع الفكر الظلامي. بدأت تلك المبادرات تأخذ منحنى الجدية عام 2008، عندما وضعت إمارة الشارقة رؤية استراتيجية رفعت شعار «ثقافة بلا حدود»، والتي استهدفت بناء جيل قارئ ومثقف، وظلت الجهود متواصلة عبر إطلاق العديد من المشروعات التنويرية، وهو ما جعل الإمارات حاضرة بقوة في كل القضايا الثقافية التي تمس العالم العربي. ولحرصها على إبراز وجهها الثقافي والحضاري اهتمت الإمارات بعرض ثقافتها خارجيًا فهي تخصص أجنحة تحتوي على مواد التعريفية والدعائية الغنية ثقافيًا وتراثيًا وإبداعيًا في ملتقيات الثقافات والفنون، فتمثّل الدولة خارجيًا في الملتقيات الدولية والإقليمية المتخصصة والمؤتمرات البحثية، إلى جانب مشاركتها الفاعلة في ولحرصها على إبراز وجهها الثقافي والحضاري اهتمت الإمارات بعرض ثقافتها خارجيًا فهي تخصص أجنحة تحتوي على مواد التعريفية والدعائية الغنية ثقافيًا وتراثيًا وإبداعيًا في ملتقيات الثقافات والفنون، فتمثّل الدولة خارجيًا في الملتقيات الدولية والإقليمية المتخصصة والمؤتمرات البحثية، إلى جانب مشاركتها الفاعلة في معارض الكتب التي تقام خارج الدولة. «التحرير» حاورت المدير السابق لديوان الرئاسة في أبو ظبي، وأحد أهم المفكرين العرب، علي محمد الشرفاء الحمادي، لما يمتلكه من رصيد كبير في مواجهة أصحاب الفكر المتطرف، وصاحب فكرة تدشين موقع مترجم بلغات العالم لمواجهة التطرف، الذي استخرج أكثر من 180 عنوانا من القرآن الكريم يدعو للتعمير والبناء ووقف العنف. تأثر الرجل بالعلاقة القوية التي جمعته بالشيخ زايد «حكيم العرب»، الذي كان مهتمًا بتحقيق الوحدة العربية، وكان من ضمن مواقفه قطع البترول عن أمريكا والدول الداعمة لإسرائيل، وصاحب مقولة «ليس النفط بأغلى من الدم العربي». سألناه عن أسباب عدم وجود مظلة تجمع المفكرين العرب لمناقشة قضايا مواجهة التطرف فأجاب: «وجهنا دعوة لكل المفكرين على مستوى العالم العربي، وأطلقنا بوابة تسمى التنوير مفتوحة لأي شخص يريد تحرير عقله، ونحن ما زلنا نعمل في مشروع تنوير عربي». وتتبع دولة الإمارات طرقا منهجية لمواجهة الفكر المتطرف، وذلك بتأسيس مراكز ثقافية تغطي جميع المناطق، بناء على خطط اعتمدتها وزارة الثقافة، وطورت مبادراتها الثقافية التي من ضمنها «دبي قادمة» و«موسم دبي الفني» و«معرض سكة الفني»، كما تعاونت مع العديد من مراكز ثقافية عالمية للتعريف بثقافتها، مثل إقامتها الأسموع الثقافي ببباريس، وتفعيل العلاقات الثقافية مع الصين للاستفادة من رصيدها الحضاري. يدير المفكر الإماراتي دفة حديثه إلى من يطلقون على أنفسهم دعاة من بعض الشيوخ والوعاظ هم من سمموا الأفكار، لذلك علينا أن نبدأ بخطباء المساجد، فهم أقرب أشخاص يستطيعون توصيل الحقيقة، لكن الأمر بحاجة إلى عملية تدريب وتوضيح لهؤلاء الناس، كما أن العداء مع أصحاب الديانات الأخرى هو تفسير خاطئ للدين، فالمتطرفون لا يقبلون إلقاء السلام على المسيحي رغم أن الإسلام يقول: «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا». وتهتم دولة الإمارات ببناء دور العبادة للمسيحيين، إذ تنتشر الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والأرثوذكسية المشرقية، والكنائس المسيحية الغربية مثل البروتستانتية والكنيسة الرومانية الكاثوليكية، ولم يقتصر دورها عند هذا الحد، إنما امتد لدعم مشروعات مصرية، من ضمنها مركز تراث الفن المصري والقبطي بالعبور، ومدرسة الأقباط الأرثوذكس الخاصة بالفكرية بأبو قرقاص بالمنيا، ومشروع مستشفى الشفاء، إضافة إلى مشروع دار مارمينا لرعاية الأيتام بالإسماعيلية. الحمادي، يرى أن الفهم الخاطئ للدين من الأشياء التي ساعدت على انتشار التطرف في البلاد العربية، مشيرًا إلى ضرورة تصحيح المفاهيم، فمهمة الرسول ومسؤوليته اقتصرت على البلاغ فقط، أما ما ينسب إليه من روايات، تم إعدادها وفق مخطط جهنمي لكي يغرقوا العقول فى متاهات الروايات، وتتصارع المرجعيات لكل منهم رواتها وتتمزق الأمة وتصبح طوائف وجماعات متفرقة يقتل بعضهم بعضا. يكمل الرجل وجهة نظره: «ما تسببت به الروايات التى استطاعت أن تطغى على الآيات وأسرت العقول وسيطرت على الأفهام وتم تقديسها حتى وصلوا بها الى قدسية القرآن الكريم، ونجحت المؤامرة الشيطانية لصرف العرب بالذات عن كتاب الله الذى يدعوهم للوحدة والرحمة والعدل والحريّة والسلام وعدم الاعتداء على الناس وعلى حقوقهم ولايغتصبوا أموالهم ويحتلون أوطانهم، دعوة للسلام لكل الناس دون تفريق بين دين وآخر أو لون». يتبنى الشرفاء الحمادي مسؤولية توصيل حقيقة الدين الإسلامي، بأنه لا يدعو للتطرف، وفي ذلك يقول: «نحن متواجدون في كنداوأمريكا، وقمنا بتسليم جميع أعضاء الكونجرس كتب بعنوان رسالة الإسلام». المفكر الإماراتي دشن موقع التنوير من داخل مصر، لأنه يؤمن بأن تحرير العقل يجب أن ينطلق من مصر، لأنها قلب العالم العربي، كما يرى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعد أول من تبنى فكرة تصويب الخطاب الديني، حيث حفّز بدعوته الفكر، واستنهض العقل للبحث في كتاب الله الكريم عن أسباب ما يحدث على الساحة العالمية والساحة العربية باسم الإسلام. يجزم الرجل بأن الإرهاب ولد من الروايات المتناقلة منذ 14 قرنًا من الزمان، رغم أنها -في نظره- إسرائيليات وخرافات وأساطير، معتقدًا أنه لا بد أن نبدأ من هذه النقطة، وننحي كل ذلك جانبًا، ونتجه إلى القرآن الذي يدعو إلى الرحمة والسلام والتعاون، مشيرًا إلى أننا تركنا المنبع وانحدرنا إلى القاع، وإذا لم نخرج من مستنقع الروايات لن يتطور العالم العربي والإسلامي، فهناك كتاب واحد يحتوي على كل ما نريد». الهدف من الروايات -حسب حديثه- أن يظل العرب مشتتين متفرقين طوائف وأحزاب ومرجعيات متعددة تتصارع فيما بينها، مشيرًا إلى أن هناك مناهج تدرس التطرف والكراهية والمصائب، والمعاهد الدينية تمتلئ بكتب تشجع قتل المسلم وأكل لحمه، وللأسف هناك من آمن به وقدسه وجعله في مستوى كتاب الله، كما أنها أصبحت مفرخة للإرهابيين والمتطرفين، لأن مناهجها معتمدة على أقوال وروايات بشرية، لا تمت بصلة مع رسالة الإسلام. مدير ديوان الرئاسة السابق يرى أن الروايات تسببت فى خلق الفتن والإقصاء وخطاب الكره، بينما الله يدعو للمحبة والتراحم والتعاون، ومن الضرورة إعادة النظر فى مناهجها بل ونسفها لأنها تدعو للضلال، وأن مواجهة التطرف يستلزم التركيز في معاني القرآن، وتوضيح أن القرآن يتضمن الرحمة والمحبة والسلام والعدل، لكن الروايات فيها الأمراض والسموم والقتل والدمار، وأن أي عاقل سيختار السلام والاستقرار والأمن والمحبة. ويعتمد الخطاب الثقافي في دولة الإمارات على عناصر ثلاثة، أولها الإبداع كثقافة وركيزة أساسية للتميز الفردي في مجالات الفنون والكتابة والأداء، وثانيها الهوية الوطنية والأصالة كمرتكز لقيام ثقافة وطنية جامعة لمكونات المجتمع الإماراتي، ومحافظة على خصوصيته وتفرّده، وثالثها الجودة في انتخاب الخدمات الثقافية الأكثر تعبيرًا عن عمق الرؤية الاستراتيجية للقيادة الرشيدة. لقراءة باقي سلسلة الحوارات: «أفكار ضد الرصاص»| زيادة: «إصلاح المناهج هو الحل» «أفكار ضد الرصاص»| عبد المجيد: التعليم «مربط الفرس» «أفكار ضد الرصاص»| «حوامدة»: التنويريون مضطهدون