د. مجدي العفيفي (1) في ضياء شهر ربيع الأول تستحب النفس أن تسلك آيات دالة من مشاهد ومواقف من فكر سيدنا محمد -صلى الله عليه وملائكته- بعيدا عن ثرثرة هؤلاء الذين لا يعملون ولا يسعدهم أن يعمل الآخرون، ولا شيء يشغلهم إلا التشكيك الساذج في موعد مولد النبي الكريم، وتهافت التهافت على الطعن الأحمق في صحة سنته الشريفة. (1) في ضياء شهر ربيع الأول تستحب النفس أن تسلك آيات دالة من مشاهد ومواقف من فكر سيدنا محمد -صلى الله عليه وملائكته- بعيدا عن ثرثرة هؤلاء الذين لا يعملون ولا يسعدهم أن يعمل الآخرون، ولا شيء يشغلهم إلا التشكيك الساذج في موعد مولد النبي الكريم، وتهافت التهافت على الطعن الأحمق في صحة سنته الشريفة. نصلي عليه وصلا واتصالا.. نصله ونتصل به.. في كينونته وسيرورته وصيرورته ونبوته ورسالته وبشريته وإنسانيته.. وهذا هو -في منظور كاتب هذه السطور- معنى الصلاة على النبي العظيم.. فأنا أصلي عليك يا سيدي وأصلك في كل طرفة عين.. وفي كل رعشة طرف.. وفي كل ذبذبة نفس.. وأسلم لك تسليم إدراك طاعة متصلة وطاعة منفصلة.. نصلي عليه وصلا واتصالا.. نصله ونتصل به.. في كينونته وسيرورته وصيرورته ونبوته ورسالته وبشريته وإنسانيته.. وهذا هو -في منظور كاتب هذه السطور- معنى الصلاة على النبي العظيم.. فأنا أصلي عليك يا سيدي وأصلك في كل طرفة عين.. وفي كل رعشة طرف.. وفي كل ذبذبة نفس.. وأسلم لك تسليم إدراك طاعة متصلة وطاعة منفصلة.. وأنت الذي حولت المطلق إلى نسبي ضمن حدود الله، وهذا هو جوهر سنتك في الزمان والمكان والإنسان يا من أعدت انسجام الإنسان مع الوجود كله، بمن فيه وما فيه! أصلي عليك يا سيدي بكل جوارحي وملامحي.. وشواهدي ومشاهدي.. ومعالمي وملامحي.. وقواعدي وقوائمي.. وظواهري وبواطني.. تسليم إنسان ليس فقط مجرد كائن مسلم مؤمن، بل إنسان عالمي ومواطن عالمي، يعيش في قلب القرن الخامس عشر الهجري، ويقف على مشارف القرن الحادي والعشرين الميلادي: يحدق ويحلق، وينظر ويناظر، بمعطيات عصره، وعطاءات أصله، فيشهد هاتفا بعمق وحق: أنك أنت أنت سيدنا محمد الإنسان النبي الرسول، الذي أعاد ولا يزال يعيد انسجام الإنسان مع الوجود كله. (2) جاء في الأثر هذه الواقعة ذات الرموز والدلالات.. كلنا نعرفها ونرددها.. ولا نتوقف عندها إلا قليلا.. مع أنها تتجلى قاعدة اجتماعية وسياسية وإدارية وأسرية، لا تزال تخترق الزمان والمكان والإنسان، ويفيد منها الفكر الإنساني في عموميته.. أو يفترض ذلك. وهي واحدة من وقائع كثيرة والتي إن صحت تحمل أفكارا ورؤى تخترق الزمان والمكان والإنسان... ولا تزال تتحاور معنا ونتداولها.. وتتجادل مع كل ذي حجر وبصيرة.. ولا يعقلها إلا العالمون.. تراكمات معرفية سياسية وتاريخية وثقافية.. تشكل جدارا لا ينقض ولا ينبغي له.. طالما أنها ذات سيرورة وصيرورة.. رغم أنها مرتبطة بزمانها ومكانها وسياقها.. وتلك هي ومضة من فلسفة التاريخ. في صلح الحديبية الذي كان بين كفار قريش وبين رسول الله -صلى الله عليه وملائكته- حتى يدخل المسلمون البيت الحرام.. اختار المشركون سفيراً لهم وهو (سهيل بن عمرو) لعقد الصلح وبعد الاتفاق على قواعد هذا الصلح قال: - هات اكتب بيننا وبينك كتابا. فدعا الكاتب وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال: - اكتب بعد باسمك اللهم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو. فاعترض سهيل بن عمرو وقال: - والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت.. ولكن اكتب محمد بن عبد الله.. فقال رسول الله لعلي: - امحها يا علي.. واكتب محمد بن عبد الله. فقال علي رضي الله عنه: - والله لا أمحوها أبداً يا رسول الله. فقال: - هاتها يا علي.. فمحاها بيده عليه الصلاة والسلام لأنه يعلم تماماً أن عليا لن يمحو كلمة رسول الله. تتداول الأدبيات السياسية والتاريخية هذه الواقعة وتستخلص منها ما شاء لها أن تستخلص من دلالات قادرة على التكيف مع كل عصر ومعاني فياضة بأصول الحكم والحكمة وأطروحات معرفية وعرفية وأخلاقية وجمالية شتى.. (3) لنتشارك في التأمل مع الذين يتقاسمون معنا الرؤية والأداة والجدل والحوار عبر الميديا.. (امْحُها يا عليّ ...): هي استراتيجية النبي العظيم للحفاظ على مؤسسة الإسلام والتي لم يستطع لحظتها كبار الصحابة رضوان الله عليهم استيعابها.. (امْحُها يا عليّ ...): تجاوز عن الصغائر للحفاظ على العظائم التي كانت تنتظر الأمة.. (امْحُها يا عليّ ...): تحول بالمسار من الجدل الهادر للأوقات الثمينة إلى الانشغال بما ينبني عليه من الأعمال القويمة.. (امْحُها يا عليّ ...): خسارة لحظية لأجل مغانم استراتيجية.. (امْحُها يا عليّ ...): خطوة تكتيكية للوراء لأجل قفزة استراتيجية مبهرة للأمام.. (امْحُها يا عليّ ...): تلك استراتيجية الرسول الحكيم مع كفار قريش، فما بالكم مع صحبه، ومع من شاطره الهدف والهم والحزن. (امْحُها يا عليّ ...): تحتاج إلى نفوس لا تصيبها نشوة السلطة والقوة أو نشوة القدرة على الابتزاز.. (امْحُها يا عليّ...): تتطلب شجاعة المسامحة من جهة وشجاعة الاعتذار من جهة أخرى.. (امْحُها يا عليّ ...): ما أحوج أبناء الأمة الإسلامية لترجمتها وما أجملها من استراتيجية نبوية.. (امْحُها يا عليّ ...): ما أحوجنا إلى رمزية ودلالات هذه الواقعة.. ما أحوج الرجل وزوجته إليها.. وما أحوج الوالد وابنه.. ما أحوج الأخ وإخوته.. ما أحوج الجار وجاره.. ما أحوج الصديق وصديقه و..و…!! هكذا نتأمل مع الذين يدركون طبيعة النفس البشرية.. وشكرا لصاحب هذه الروح الاستدعائية للواقعة د.محمد المخلافي من اليمن. (4) السلام لك وعليك يا سيدي يا من جئتنا من أنفسنا، عزيز عليك ما عنتنا.. حريص علينا، وبنا رؤوف رحيم.. وللعالمين أجمعين رحمة.. ألست أنت رحمة رب العالمين للعالمين، ورسالتك هي العالمية (برؤيتها الإنسانية) والعولمة (بمفهومها الكوني البريء)والعلمانية (بشرطية العلم والدين) والحداثة والمعاصرة (كرموز للتحولات الجوهرية في تاريخ البشرية)، وهل يعقل آيات الله إلا العالمون؟! السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته وتحياته وتجلياته.. السلام عليك يا من ناداك ربك، واصطفاك، وناجاك، وأدناك فكنت قاب قوسين أو أدنى. السلام عليك يا من خاطبك ربك وحدك بصيغة (يا أيها النبي) فكل من دونك محب وأنت حبيب الله!