يلقي اليوم، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثالثة والسبعين، وسط حالة من الترقب حول العالم. وقدم مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، نبذة عما ستدور حوله كلمة ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أشار إلى أن الرئيس الأمريكي سيؤكد على أن الولاياتالمتحدة ستستمر في الوقوف بمفردها. وقالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إلى أن بولتون لوح بنسخة من الدستور الأمريكي في مؤتمر صحفي، في إشارة إلى الرسالة التي سيوجهها المسؤولون الأميركيون خلال أكبر تجمع لقادة العالم، وهي أن"التعدي على سيادتنا يعتبر تعدي على مواطنينا". واستعرض بولتون ومسؤولون آخرون في الإدارة الأمريكية، الموضوعات التي من المتوقع أن يثيرها ترامب في خطاب اليوم، حيث سيستغل الرئيس الأمريكي خطابه الثاني في الأممالمتحدة للتأكيد على نية إدارته في الانسحاب من المجموعات الدولية والاتفاقات التي تبنتها الولاياتالمتحدة في السابق. وعلى الرغم من أن ترامب وكبار مسئوليه لم يطرحوا هذه الرسالة بشكل صريح، إلا أن المسافة المتنامية بين الولاياتالمتحدة وحلفائها التقليديين، خاصة في أوروبا، سوف تظهر بوضوح خلال الحدث الذي يقام على مدار أسبوع. وهو ما ينعكس في الأولويات التي سيؤكد عليها قادة العالم، ففي مقابل انتقاد أمريكا للأمم المتحدة والانسحاب من الاتفاقيات الدولية، سيكون هناك رسالة تؤكد على أهمية التعاون الدولي والمؤسسات الدولية التي سيتبناها القادة الآخرين. التعدي على الشعب الأمريكي وقال مسؤول في الاتحاد الاوروبي لشبكة "سي إن إن"، إنه "في الوقت الذي يحتاج فيه العالم إلى التعددية، تواجه منظومة الأممالمتحدة ضغوطا متزايدة"، مضيفًا "لذلك، فإن الاتحاد الأوروبي سوف يدعم ويقوي ويصلح الأممالمتحدة والنظام العالمي، ويلتزم مرة أخرى بالتعددية". اقرأ المزيد: مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي.. تفاصيل لقاء السيسي وترامب وجاء هذا التعهد على النقيض من تصريحات السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة نيكي هالي، يوم الإثنين، التي قالت للصحفيين إن الولاياتالمتحدة "مصرة على المشاركة بوضوح في المنظمات الدولية بالطريقة التي نراها، وليس بالطريقة التي تُملي فيها على الولاياتالمتحدة ما يجب أن تقوم به أو التي تنتهك مصالح الشعب الأمريكي". وأشارت هالي إلى بعض الاتفاقيات الدولية التي انسحبت منها الولاياتالمتحدة منذ تولي ترامب السلطة، وقالت في إشارة إلى الميثاق الدولي بشأن تغير المناخ "لقد انسحبنا من اتفاق باريس العام الماضي". وتابعت "كما انسحبنا من الميثاق العالمي بشأن الهجرة، والاتفاق النووي الإيراني"، الذي خفف العقوبات المفروضة على طهران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. إلا أن الشبكة الأمريكية، أكدت أن هالي لم تذكر كل المنظمات التي انسحبت منها الولاياتالمتحدة، فمنذ أن تولى ترامب منصبه، ألغت واشنطن تمويل وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، كما انسحبت من المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بسبب انتقاداتها لمعاملة إسرائيل للفلسطينيين. كما نجح ترامب في سحب الولاياتالمتحدة من الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهدد بمغادرة منظمة التجارة العالمية، وانتقد مجموعة السبع، واتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة، ومنظمة حلف شمال الأطلسي. ويرى أنصار ترامب، أن هذه الخطوات لازمة لضمان استقلال الولاياتالمتحدة، والحصول على شركاء دوليين يمكنهم خدمة مصالح أمريكا، حيث دائما ما يتهم ترامب هذه المنظمات بالاستفادة من الولاياتالمتحدة. فيما يقول منتقدو ترامب إن هذا النهج يقوض قيادة الولاياتالمتحدة على الساحة العالمية، مؤكدين على أن الرئيس لا يفهم مصطلح "القوة الناعمة"، وهو بذلك يقدم هدية للصين وروسيا، الذين يفضلون نموذجًا لسياسة القوة العظمى غير المقيدة بالمنظمات أو القواعد الدولية، حيث يقول محللون سياسيون إن التغييرات في السياسة الأمريكية تأتي في وقت يشهد عدم استقرار غير مسبوق. اقرأ المزيد: 129 دولة تشارك في خطة ترامب لمكافحة المخدرات القلق وعدم اليقين وكتب فريد كيمبي رئيس "المجلس الأطلنطي" للأبحاث، أنه خلال "متابعتي للجمعية العامة للأمم المتحدة على مدار السنوات العديدة الماضية، لم أرى أو أحس بهذه الحالة من القلق وعدم اليقين"، مضيفًا "لم أكن أشهد أبدًا أي وقت كانت تنتشر فيه كل هذه المشاكل حول العالم"، في إشارة إلى التوترات التجارية، والمخاطر الجيوسياسية في صراعات الشرق الأوسط، ونمو الشعوبية في أوروبا، والمحاولات الروسية لتعطيل القيادة الأمريكية، والتحركات الصينية لتحديها. وفي الوقت الذي تقلل فيه الولاياتالمتحدة من انخراطها في المؤسسات الدولية، أوضح حلفاء آخرون بأنهم سيؤكدون خلال الجمعية العامة لهذا العام، على الأهمية الحاسمة لتلك المنظمات. وقال مسؤول بريطاني إن الموضوع الرئيسي لمشاركتهم في الجمعية العامة سيكون "أهمية أنظمة التعاون العالمي في مواجهة التحديات التي نواجهنا". ويؤكد المسؤولون الأمريكيون، أن العلاقة مع أوروبا ليست متدهورة للغاية، إلا أن الاختلافات الجديدة تظهر أيضًا في الأولويات التي يتم التركيز عليها على جانبي المحيط الأطلسي. حيث من المتوقع أن تركز الولاياتالمتحدة على أسلحة الدمار الشامل ومنع انتشار الأسلحة النووية، مع التركيز بقوة على إيران والحاجة إلى احتواء وتقييد الجمهورية الإسلامية. وتشمل البنود الأخرى المدرجة على الأجندة الأمريكيةكوريا الشمالية، والأزمات الإنسانية، والتحدي العالمي للمخدرات، والجهود الدولية الرامية إلى هزيمة الجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم داعش، وإصلاح نظام الأممالمتحدة. اقرأ المزيد: بوتين وترامب.. أكبر مشاكل «الناتو» وفي الوقت الذي تتوافق فيه واشنطن مع شركائها الأوروبيين على بعض القضايا، مثل قضية الأسلحة الكيميائية وكوريا الشمالية، إلا أنهم يسعون لإثارة قضايا أخرى، لا تبدو أنها تهم الولاياتالمتحدة هذا العام، أهمها تغير المناخ. حيث سيحضر قادة آخرون قمة "كوكب واحد" لمناقشة سبل مواجهة تغير المناخ، كما سيفتح رئيسا وزراء كندا وبريطانيا والرئيس الفرنسي فعاليات لتعبئة الجهود بشأن تعليم الفتيات، كما ستسعى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للتركيز على أهمية خلق فرص العمل في أفريقيا وحقوق الإنسان والمأساة الإنسانية الواسعة النطاق في اليمن. وشدد الاتحاد الأوروبي على أهمية المبادرات الثلاثة التي تستخف بها إدارة ترامب أو تخلت عنها، وهي اتفاقية باريس للمناخ، والاتفاق النووي الإيراني، والاتفاقيات العالمية الخاصة باللاجئين والمهاجرين.