يشهد حزب "حراك تونس الإرادة" برئاسة الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، حالة من التفكك نتيجة الضربة القاسمة التي تلقاها بعد تعرضه لأكبر استقالة جماعية يشهدها حزب سياسي في البلاد. أعلن 82 قياديا ومسؤولا بحزب حراك تونس الإرادة عن استقالاتهم من هياكل الحزب، وشملت الاستقالات عدة قيادات مؤثرة بالحزب أمثال عدنان منصر رفيق درب المرزوقي ومدير ديوانه الرئاسي عند توليه منصب الرئيس المؤقت لتونس إضافة إلى القيادي طارق الكحلاوي. لماذا الاستقالة؟ المستقيلون أرجعوا قرار الاستقالة إلى العديد من الأسباب، أبرزها أن الحزب أصبح واقعيا منضويا تحت جناح أحد أطراف الحكم في إشارة إلى حركة النهضة التونسية، بناء على حسابات انتخابية صرفة متعلقة بالانتخابات الرئاسية، في إشارة إلى مسعى المرزوقي للعودة إلى الرئاسة. اقرأ أيضا: حرب باردة جديدة بين السبسي والشاهد.. هل تشتعل تونس؟ وكان المستقيلون يشيرون إلى تحرك المرزوقي لإعادة بناء التحالف مع حركة النهضة وفق حسابات شخصية لا حزبية وتسخير حزب الحراك لهذا الغرض. واتُهم رئيس الحزب بالتركيز على طموحاته الرئاسية وإهمال الحزب، والوقوف أمام أية إصلاحات عميقة داخله ترسخ الالتزام بلوائحه وخطه السياسي كحزب ديمقراطي اجتماعي معارض، وعدم الاستعداد للنقد الذاتي. الموقعون على البيان، أكدوا أن الركود التام للحزب تنظيميًا وإعلاميًا وتجميد كل لجانه وأنشطته وارتهانه الكامل في عمله التنفيذي بحضور أو غياب رئيسه، بما يكشف غيابًا مؤسفًا للعمل المؤسساتي. كما أن الحزب أصبح مجرد إدارة ملحقة بمكتب رئيس الحزب، حيث أصبحت الإدارة تستأثر لنفسها، عبر توجه يخرق لوائح وتنظيمات الحزب، كل المهام الحيوية في الحزب. واتهم المستقيلون رئيس الحزب المرزوقي بمحاولة استغلال الحزب في التموقع السياسي الداخلي أدى كذلك لاصطفافات إقليمية قائمة على الانحياز لأنظمة وزعامات بعينها بشكل آلي وليس على أساس المصالح التونسية العليا، والسيادة الوطنية والدفاع عن الديمقراطية وقيم الحرية، بحسب "سبوتنيك". اقرأ أيضا : التلويح بالاستقالة.. سلاح «نداء تونس» لإجبار «الشاهد» على الرحيل تركيا وقطر طارق الكحلاوي، المدير السابق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، والقيادي بحزب "حراك تونس الإرادة" اتهم رئيس الحزب لمنصف المرزوقي، بالاصطفاف وراء تركيا وقطر، بعد رفضهم لدور أنقرة والدوحة في دعم الإرهاب. الكحلاوي، أشار إلى أن المرزوقي يصطف وراء جبهة إقليمية بعينها تضم كل من دولتي تركيا وقطر، وهو ما يهدد مصالح تونس العالي. وقال الكحلاوي في تصريحات لإذاعة "شمس إف إم" التونسية، إن جبهة كبيرة داخل الحزب كانت رافضة لسياسة تركيا أردوغان ودعمها للجماعات المسلحة في سوريا، فيما يقف المرزوقي آليا إلى جانب الموقف الجبهة التركية القطرية، مضيفا "لا أستطيع أن أوافق على التوجه العام لتركيا، وليس كل ما تقوم به تركيا صحيح وفي جزء منه يتقاطع مع مصلحة تونس". ويعتبر العديد من المراقبين أن هذه الاستقالات المدوية تشير إلى نهاية أحلام الرئيس السابق في العودة إلى قصر قرطاج خاصة أن الحزب ابتعد بشكل كبير عن عمقه الوسطي وبدا تابعا لحركة النهضة وواقعا تحت سيطرة أحد الشقوق المرتبطة بها، في إشارة إلى جماعة عماد الدائمي. اقرأ أيضا: إجراءات النقد الدولي في تونس.. نهضة اقتصادية أم انتكاسة طاحنة؟ ويواجه عماد الدايمي الأمين العام الأسبق لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، بانتقادات واسعة من جانب قواعد الحراك وذلك على خلفية قربه الشديد من حركة النهضة، والتي بلغت حد وصفه في السابق بكونه من القيادات المحسوبة على "الشق الإخواني" داخل حزب المؤتمر، فضلا عن قرار التحاقه بالحراك والذي ينظر إليه كمحاولة انتهازية في الوقت الضائع للقفز من حزب المؤتمر، بعد فقد رصيده الشعبي والسياسي بعد انتخابات 2014. غير مفاجئة وفي تعليقه على موجة الاستقالات، يرى عياض اللومي القيادي السابق بالحزب والمستقيل منه منذ قرابة عام، إن هذه الاستقالات كانت منتظرة وغير مفاجئة بالنظر إلى العديد من التراكمات التي رافقت الحزب منذ تأسيسه. وأشار إلى أن القيادات التي أعلنت استقالاتها، الأربعاء، من الحزب هي من كانت وراء تعثّره منذ البداية بعد أن أوهمت المرزوقي بأنه يحظى بشعبية كبيرة وعارضت محاولات إصلاح الحزب مما أجبر عددا من القيادات على مغادرته منذ العام الماضي، مضيفا أن الصفعة التي تلقاها حزب حراك تونس الإرادة لا تشمله في حدّ ذاته بما أنه انتهى تقريبا منذ عام بل هي ضربة موجهة مباشرة إلى مؤسسه المنصف المرزوقي، وفقا لصحيفة "العرب". وتشير الاستقالة الجماعية أيضا إلى احتمال انخراط المستقيلين في تحالفات حزبية جديدة أو الانضمام إلى حزب آخر والأرجح سيكون التيار الديمقراطي الذي انشق عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية سابقا، وهو الحزب الذي خاض به المرزوقي أول انتخابات رئاسية وتشريعية بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، والذي كان جزء من الحكم من 2011 إلى 2014 ضمن ما كان يعرف بحكومة "الترويكا" التي قادتها حركة النهضة. اقرأ أيضا : وصف «النهضة» ب«داعش» يضع نقيب الصحفيين التونسيين في مأزق حزب "حراك تونس الإرادة" تم تأسيسه في ديسمبر 2015 بعد أن فشل المرزوقي في الانتخابات الرئاسية عام 2014 التي فاز بها الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي، وقام المرزوقي بحل حزبه السابق "المؤتمر من أجل الجمهورية" وتأسيس "حراك تونس".