على مدى العقود الماضية استطاعت الصين أن تبعث بالعديد من الإشارات على كونها إحدى القوى العسكرية الكبرى في العالم، ومن ثم فإنها اتجهت لتبني سياسات استثمارية مغايرة على المستوى التقني والدفاعي لتساعدها على منافسة كبارة مُنتجي الأسلحة على مستوى العالم، وعلى رأسهم الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدا كأنه جزء أساسي من خطط الصين التي تطمح في منافسة الولاياتالمتحدة على المستوى العسكري، خاصة بعد صراعه الشديد مع كُبرى شركات وادي السيليكون، والتي تمتلك أدوارًا ضخمة في التعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون في عملية التطوير العسكري، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي. «الصين والنووي والاقتصاد»..4 ملفات سيطرت على قمة بوتين وترامب وليس هناك شك في أن وزارة الدفاع الأمريكية تحتاج إلى مساعدة من وادي السيليكون للتنافس مع الصين في سباق الذكاء الاصطناعي، غير أنه يبقى سؤال حيوي يتعلق بمدى استعداد وادي السيليكون للتعاون، وما إذا كانت الطبيعة القتالية للرئيس دونالد ترامب تُخاطر بتدمير تلك الشراكة الحيوية، وذلك حسب ما جاء في شبكة CNBC الأمريكية. وعلى مدى الأسبوع الماضي، ظهرت تقارير تُفيد بأن وزير الدفاع جيم ماتيس حذر ترامب من أن الولاياتالمتحدة لا تواكب خطط الصين الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي، غير أن ذلك لم يكن كافيًا لإنهاء أي خلافات نشبت بين ترامب وعمالقة وادي السيليكون في الولاياتالمتحدة. وبدلاً من ذلك، استمر ترامب في الهجوم على الكيانات الأمريكية الأكبر مثل جوجل وفيسبوك وتويتر، من خلال حساباته الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متهمًا عمالقة التكنولوجيا بتعمد قمع وسائل الإعلام التي تُدعم إدارته، الأمر الذي انعكس بدوره على الشراكة بين هذه المؤسسات التكنولوجية العملاقة والإدارة الأمريكية. وقال فيفيك وادوا، الأستاذ الزميل والمعاون بكلية جامعة كارنيجي ميلون: "عندما نحتاج إلى أن تعمل الحكومة وصناعة التكنولوجيا معًا، فإنهم يقاتلون بعضهم بعضًا، ولا يمكن لأعدائنا أن يطلبوا سيناريو أفضل من ذلك". الخلاف بين الرئيس الأمريكي ووادي السيليكون، يأتي في الوقت الذي استطاعت فيه التكنولوجيا إثبات قوتها في دعم جهود الأمن القومي الأمريكي. وفي هذا السياق، كشف المقال الذي نُشر في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان "أنا جزء من المعارضة داخل إدارة ترامب"، والذي أكد أن الرئيس استعان ببعض الشركات المعنية بجمع البيانات السرية في وادي السيليكون، للتأكد من ولاء بعض أعضاء الإدارة وإخلاصهم لسياساته. وأرجعت الصحيفة الأمريكية الصراع الدائر بين ترامب وكبرى الشركات التكنولوجية في بلاده، إلى ملف التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016، فعندما تمت دعوة المدراء التنفيذيين لشركات فيسبوك وجوجل وغيرها للإدلاء بشهاداتهم في هذا الملف، بدأ الصراع الكلامي بين الرئيس الأمريكي وعمالقة وادي السيليكون. ترامب يصطدم بخسائر غير مسبوقة للاقتصاد الأمريكي بسبب حربه مع الصين ومن جانبه، قال بارت سيلمان، الرئيس المنتخب لجمعية النهوض بالذكاء الاصطناعي: "إذا نظرتم إلى التاريخ، فإن شركات التكنولوجيا، غالبًا ما كانت تتعاون بشكل وثيق مع الحكومة الأمريكية والجيش، أعتقد أننا لا نرى الكثير من ذلك في عالم تكنولوجيا المعلومات بالوقت الحالي". ومما زاد الأمور تعقيدًا، انتقل موظفو قطاع التكنولوجيا في جميع أنحاء وادي السيليكون ذوي الميول اليسارية من اللامبالاة إلى النشاط السياسي في السنوات القليلة الماضية، حيث قاد الآلاف من عمال التكنولوجيا من الشركات الكبرى، بما في ذلك جوجل، وأمازون، ومايكروسوفت، ثورات داخلية واسعة النطاق ضد أرباب عملهم بسبب العقود المبرمة مع الحكومة، رافضين استخدام هذا النمط المتطور من تكنولوجيا الذكاء الصناعي بالشق العسكري. وأشار CNBC إلى أن الصين هي المستفيد الأول من هذا الصراع، خاصة في ظل الجهود الضخمة لها في مجالات الذكاء الاصطناعي. ويهدد الانقسام بين واشنطن ووادي السليكون شراكة من شأنها أن تكون حاسمة للحفاظ على تقدم الولاياتالمتحدة في الذكاء الاصطناعي، وهو المجال الذي تولي له الصين أهمية بالغة في الفترة الحالية، حيث تستثمر أموالها بكثافة في أبحاث التطوير والتقنيات المستخدمة فيه. وأعلن الذراع البحثي للجيش الصيني DARPA ، أول خطة استثمارية رئيسية للذكاء الاصطناعي، والتي تبلغ 2 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وهو ما يعني أن بكين عازمة على المدى المتوسط الوصول إلى مستوى متقارب مع القدرات التكنولوجية الضخمة للولايات المتحدة. بعد أسبوع مثير للجدل.. هل يسقط ترامب؟ وبشكل عام، يواجه ترامب العديد من الأزمات الأخرى مع شركات تكنولوجية عملاقة مثل أبل، والتي تواجه أضرارا ضخمة على مستوى الإنتاج بسبب اعتمادها في جزء لا بأس به من مكونات أجهزتها على الصين.