تواجه روسيا حالة من الغضب في المجتمع الدولي بشكل عام، والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، وذلك على خلفية الرفض القاطع لضمها منطقة شبه جزيرة القرم في أوكرانيا خلال عام 2014، الأمر الذي وضع منطقة اليورو في موقف الناقد المستمر للممارسات الروسية. وعبر السنوات القليلة الماضية، أولت موسكو أهمية بالغة للعمل المشترك على المستوى الاقتصادي والتجاري مع العديد من الدول التي انتقدت تلك السياسات، بما في ذلك أوكرانيا، خاصة أن الروابط الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين متواجدة بشكل فعلي رغم الخلافات السياسية المستمرة، وفقا لموقع "أونيان" الأوكراني. الرهان الروسي لحل الخلافات السياسية دومًا ما يكون على الجوانب الاقتصادية والعلاقات التجارية، إلا أن أوكرانيا تعي تلك السياسات بشكل جيد، وهو الأمر الذي دفعها لتبني موقف معارض لتلك العلاقات. حيث أعلن وزير الشؤون الخارجية الأوكراني بافلو كليمكين أن وزارته أعدت حزمة من الوثائق لبدء إجراءات قطع معاهدة الصداقة والتعاون والشراكة مع الاتحاد الروسي، والتي تم توقيعها في عام 1997، وفقًا للموقع. وقال كليمكين: "لقد تم بالفعل إعداد هذه الوثائق، والحزمة كاملة متاحة للجميع، ويمكن الكشف عن هذا الآن"، مشيرًا إلى أن كييف ستتقدم بشكل رسمي لفسخ تلك المعاهدة مع روسيا. اقرأ أيضًا: هل تنشر روسيا أسلحة نووية في سوريا ردا على العقوبات الأمريكية؟ وأضاف "دائمًا أقول أن روسيا انتهكت كل شيء في هذه المعاهدة، بدءً من الديباجة إلى آخر المواد، وبالطبع لا يخلو القرار من الجانب العاطفي، وهو ما دفعنا لاتخاذ هذا القرار"، لافتًا إلى أنه سيثبت للجميع انتهاك روسيا للمعاهدة منذ بداية تفعيلها". من جانبه، مهد الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو منذ أيام قليلة، لظهور مجموعة من الوثائق الخاصة بوزارة الخارجية الأوكرانية، وذلك لإنهاء معاهدة الصداقة والتعاون والشراكة بين أوكرانياوروسيا، بحسب الموقهع الأوكراني. اقرأ أيضًا: هل دفعت طائرة F-22 الأمريكية المتطورة روسيا لدخول الحرب في سوريا؟ وظل الموقف الروسي ملتزمًا بسياسة التقارب الاقتصادي مع أوكرانيا، والذي لم يستطع تحقيق العديد من النجاحات خلال الفترة الماضية، حيث استثمرت الشركات الروسية 436 مليون دولار في أوكرانيا خلال النصف الأول من عام 2018، وذلك وفقًا لما أظهرته دائرة الإحصاءات الحكومية الأوكرانية. وتُشكل الاستثمارات الروسية 34.6% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة البالغة 1.3 مليار دولار، فيما جاءت قبرص كثان أكبر مستثمر بقيمة 219 مليون دولار، تلتها هولندا بواقع 208 مليون دولار، والنمسا 59 مليون دولار. اقرأ أيضًا: بمشاركة الصين.. روسيا تجري أكبر مناورات عسكرية منذ الحرب الباردة موقع "أونان" أكد أن الاستثمارات الروسية تمتد في قطاعات مختلفة وكبيرة، إلا أن أبرزها في مجالات البنوك والتأمين، حيث كان الضخ المالي الروسي بمقدار 750 مليون دولار أي ما يعادل 60% من إجمالي استثماراتها، فيما حصلت مجالات تجارة الجملة والتجزئة على 10% من أموال الروس، ثم التصنيع بنسبة 8.2%، وتكنولوجيا المعلومات 8%. وأظهرت البيانات انخفاض تدفق الأموال إلى أوكرانيا في النصف الأول من العام بنسبة 31% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. فرهان الروس الدائم على العلاقات الاقتصادية والتجارية، يجعل أوكرانيا تعاني بشكل واضح على المستوى السياسي، لا سيما وأنها تعيش في ظروف اقتصادية صعبة. وقال الصحفي والمحلل السياسي يوري سفيتوف:"أوكرانيا في الحقيقة على حافة الإفلاس، لذا فهي تأخذ المال دون أن تكون مُحرجة، وقتما كان ذلك ممكنًا"، بحسب "سبوتنيك". وأضاف سفيتوف "بالنظر إلى تصريحات السياسيين الأوكرانيين، فإن كييف تأخذ هذه الأموال كنوع من واجب موسكو تجاه أوكرانيا، وهو ما تضطر روسيا إلى سداده بعد قرون من الاضطهاد". ووفقًا للخبير الاقتصادي، من الواضح أن المصالح التجارية الروسية لها قيمتها في أوكرانيا، حتى وإن كانت الأوضاع السياسية تتنافى مع ذلك. وأشار إلى إمكانية وقف الاستثمارات الروسية في وقت قريب، وهو ما فسرَه كرد فعل طبيعي لموسكو في ظل استمرار التصريحات العدائية من القيادة الأوكرانية حول خرق معاهدة الصداقة والتعاون، وإمكانية إنهاء بعض العلاقات الوثيقة في مجالات محددة. واختتم الموقع بالقول: إن "الأوضاع الاقتصادية في أوكرانيا تضع قيادتها السياسية في موقف لا تحسد عليه، فمن ناحية مُطالبة بالاستمرار في موقفها السياسي العدائي لموسكو، وفي نفس الوقت لا تستطيع الاستغناء الكامل عن الاستثمارات والعلاقات التجارية مع الروس".