لم ينته الخلاف السياسي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، حتى بعد وفاة الأخير السبت الماضي، فبخلاف ما أكدته بعض التقارير الإعلامية عن وصية ماكين، والتي تضمنت رفضه حضور الرئيس الأمريكي لجنازته الرسمي، بت هناك أزمة جديدة تلوح في الأفق لترامب. جون ماكين والذي ظل على مدار فترات طويلة معاديًا لبعض السياسات التي اتبعتها الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض، على غرار حرب فيتنام وغزو العراق ومعتقل جوانتانامو وغيرها من الملفات، أصبحت جنازته الرسمية التي من المقرر أن تنطلق من إحدى القواعد الجوية خارج واشنطن، مصدر إزعاج للرئيس الأمريكي. «أسير حرب وثعلب سياسة».. ما لا تعرفه عن السيناتور جون ماكين وفي الوقت الذي تستعد فيه الدولة للوداع الأخير للسيناتور، من المقرر أن يقود الرئيس دونالد ترامب تجمعًا حاشدًا ضمن أجندة عمله الاجتماعية، وذلك وفقاً لتقرير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. وأفاد التقرير أن مساعدي البيت الأبيض اعتبروا قيادة ترامب لإحدى المسيرات الاجتماعية في الوقت الذي تنعي فيه الدولة السيناتور المخضرم، هو إجراء يمكن أن يكون بمثابة وصمة العار السياسي في تاريخ الرئيس الأمريكي، لا سيما وأن ماكين هو أحد الأعضاء الذين تولوا مهام مجلس الشيوخ الأمريكي لفترة طويلة، كما أنه يعد -بالنسبة للشعب الأمريكي- أحد أبطال الحرب الفيتنامية. وعلى الرغم من تحذيرات مستشاري الرئيس الأمريكي، إلا أنه بدا في النهاية أنه من غير الممكن إجراء تغييرات على جدول ترامب، وهو الأمر الذي صدًر أزمة فعلية للبيت الأبيض خلال الساعات القليلة الماضية. وبحسب ما ذكرته مصادر للصحيفة الأمريكية، فإن هؤلاء المساعدين خلصوا إلى أن ترامب قد يتأثر بتداعيات سلبية كنتيجة لمثل هذه الخطوة، مؤكدين أن محاولات تغيير الجدول الخاص بالرئيس الأمريكي لا تزال قيد التنفيذ، وإن كانت هناك صعوبات واضحة في إحداث أي تغيير فعلي حول مشاركة ترامب بالمسيرة. ترامب الذي أعرب عبر تويتر عن خالص أسفه وحزنه لوفاة ماكين، كان له العديد من جولات الصراع مع السيناتور الجمهوري الشهير، وذلك على الرغم من التوجهات السياسية التي بدت في ظاهرها متفقة إلى حد بعيد. جون ماكين يوقف علاجه من السرطان: المرض والشيخوخة أصدرا حكمهما وبشكل عام يمثل الصراع بين ترامب وماكين أحد المعالم المستغربة في السياسة الأمريكية، لا سيما وأن كلا الجانبين ينتميان إلى الحزب نفسه، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا للوقوف بقوة أمام العديد من المشكلات والصراعات التي نشأت بينهما. وحسب الجدول المعلن، فإن غدًا الجمعة سيشهد نقل ماكين إلى مبنى الكابيتول روتوندا لإقامة حفل تأبيني متلفز، حيث من المتوقع حضور نائب الرئيس مايك بينس وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ورئيس مجلس النواب بول رايان. وستُقام مراسم تأبين أخرى في كاتدرائية واشنطن الوطنية يوم السبت، حيث سيُقدم الرئيسان السابقان باراك أوباما وجورج بوش وداعهما لماكين، وهو الأمر الذي يتم وفقًا لطلب سابق من السيناتور الأمريكي الراحل قبل عدة أشهر. وستكون وجهة ماكين النهائية هي الأكاديمية العلمية التابعة للولايات المتحدة في أنابوليس بولاية ماريلاند، حيث سيتم دفنه إلى جانب تشاك لارسون، زميله السابق في الأكاديمية البحرية وصديقه المقرب. ماكين الذي خطط بشكل كامل لجنازته وتفاصيلها والحاضرين لها، أسقط عمدًا ترامب، لتكون بذلك أول مرة يتم تجاهل حاكم فعلي للبيت الأبيض في مثل هذه المناسبات، حيث سيكون ترامب في ولاية ماريلاند لحضور إحدى المحافل في كامب ديفيد. العلاقات بين ترامب وماكين مرت بالعديد من المراحل الخاصة، والتي لم يجد المتابعين تفسيرات واضحة لها منذ سنوات طويلة، فالبداية كانت في عام 1990، عندما قلل ترامب من شأن بطولات ماكين في حرب فيتنام، ثم أعاد التلميح لتلك النقطة في برنامجه الانتخابي عام 2016. وفاة السيناتور الأمريكي جون ماكين عن عمر يناهز 81 عاما ونفى الرئيس الأمريكي خلال أحد اللقاءات الإعلامية أن يكون ماكين بطلًا في حرب فيتنام، وذلك على الرغم من سقوط طائرته وتعرضه للأسر لمدة لم تقل عن خمس سنوات. وعلى الرغم من المناوشات التي ظلت مستمرة لعدة أيام بين الجانبين في تلك الفترة، إلا أن رد ماكين الأبرز على ترامب كان بضرورة توجيه الاعتذار إلى أسر الضحايا الذين سقطوا في هذه الحرب. السيناتور الجمهوري الأشهر في العقود الماضية، حرص بدوره على انتقاد سياسات ترامب، بما في ذلك مسائل الأمن القومي والرعاية الصحية والهجرة، خاصة وأن انتقاد المهاجرين القادمين من المكسيك مكانة ليست بالبسيطة في برنامج الرئيس الأمريكي الحالي.