أثار الصمت القطري تجاة الأزمة التي تشهدها تركيا بعد تراجع قيمة العملة التركية، حالة من الغضب داخل أنقرة عبرت عنه وسائل إعلام تركية حيث انتقدت الموقف القطري من الأزمة، إذ اعتبرت أن الدوحة لم تقم ب"واجبها تجاه أنقرة" في أزمتها. وفقدت العملة التركية نحو 40 بالمائة من قيمتها منذ بداية العام، بعدما ضاعف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة الماضية، الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والصلب التركية، بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، متذرعة بعدم الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برانسون الذي يحاكم في تركيا بتهمة تتعلق بالإرهاب. "صدمة وشو إعلامي" صحيفة "تقويم" التركية عبرت عن حالة الإحباط التي باتت تخيم على المجتمع التركي جراء الصمت القطري تجاه أزمة الليرة التركية التي تعصف باقتصاد تركيا، مشيرة في لغة تملؤها مرارة الشعور بخيبة الأمل من الخذلان القطريلتركيا في محنتها، إلى أنه "بدلاً من أن تدعم قطرأنقرة، اختارت أن تبقى صامتة تجاه ما يحدث في تركيا، رغم أن الأخيرة انبرت لدعم قطر خلال أزمتها مع دول الرباعي العربي". وذكرت الصحيفة في تقرير لها، أن الصدمة التي وصفتها بأنها "غير متوقعة" كانت من طرف قطر التي بدلا من أن تدعم أنقرة اختارت أن تبقى صامتة تجاه ما يحدث في تركيا، رغم أن تركيا كانت من أوائل الداعمين لقطر خلال المقاطعة. اقرأ أيضا : «بي بي سي» تكشف تفاصيل صفقة قطر مع «حزب الله» العراقي واستعرضت الصحيفة ما وصفته بالدعم التركي الكبير الذي قدمته أنقرة للدوحة على مختلف الأصعدة على خلفية مقاطعة دول الخليج للدوحة بسبب "دعمها الإرهاب وتدخلها في شؤون الدول الأخرى وعلاقاتها مع إيران". وقالت الصحيفة :"إن تركيا سيرت عشرات رحلات الشحن الجوية إلى قطر ووقفت معها جنبا إلى جنب خلال المقاطعة، إلا أنه يجب الاعتراف أن حكومة قطر تتجاهل الوضع في تركيا الآن ولم تقدم الدعم السياسي والإنساني اللازم، متسائلة: "هل هذه هي الصداقة؟"، بحسب "روسيا اليوم". كما اعتبر موقع "أحوال" التركي أن بعض التصريحات التي خرجت من المسؤولين القطريين حول الأزمة مجرد "شو إعلامي" واستعراض دعائي فقط، مرجعا هذا الموقف إلى أن الدوحة لا تستطيع إغضاب الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تستضيف واحدة من أكبر قواعدها العسكرية، وفقا ل "إرم نيوز". اقرأ أيضا : هل تودع قطر تجريم «المثلية» من أجل «كأس العالم»؟ دعم في الخفاء من ردود الأفعال التي تؤكد ضخامة الغضب التركي من "صمت قطر"، ويؤكد التغير الذي طرأ على علاقات تركياوقطر، ما أعلنه الأكاديمي القطري الدكتور علي الهيل في محاولة لتخفيف حدة الاحتقان التركي، قائلاً: "إن قطر اختارت دعم تركيا في الخفاء"، مشيراً إلى أن "كثيرا من القطريين توجهوا لمحلات الصرافة لشراء الليرة التركية بعشرات الملايين من الدولارات، بهدف دعم وإنعاش العملة التركية". واللافت هنا أن الهيل تحدث عنه دعم شعبي قطري، ولم يفصح عن أي شكل من أشكال الدعم الرسمي، مما يدفع إلى التكهن بغياب الدعم الرسمي من الأساس، بحسب "سبق". اقرأ أيضا: بعد انتفاضة «الغفران».. هل يحاكَم تميم بتهمة «الإبادة الجماعية»؟ وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تلقى اتصالا هاتفيا مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد يوم من تقرير لصحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية، قال إن أردوغان سيلجأ إلى قطر في خلافه الأخير مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. زيارة تميم ويبدو أن تقرير "الصدمة التركية" حول الصمت القطري الذي تناولته "تقويم"، قد دفع الأمير تميم بن حمد لزيارة تركيا التي قام بها اليوم، بعد الانتقاد التركية التي اعتبرت أن الدوحة لم تقم ب"واجبها تجاه أنقرة" ، في محاولة لإنهاء حالة الاحتقان المفاجئ بين البلدين نتيجة هذا الموقف. ولم يتم أي إعلان مسبق عن إجراء هذه الزيارة العاجلة أو الكشف عن موعدها. وهذه أول زيارة لأمير قطر إلى تركيا منذ بدء الأزمة بين أنقرةوواشنطن، وثاني زيارة خلال عام 2018، والثالثة منذ اندلاع الأزمة الخليجية بين قطر ودول الرباعي العربي في يونيو 2017. وتعليقا على زيارة أمير قطر، اعتبر المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن زيارة تميم لأنقرة هي دليل على دعم قطر الكامل لتركيا ولسعيها لتطوير العلاقات بين البلدين. موكدا أنها تظهر وقوف الدوحة إلى جانب بلاده. اقرأ أيضا : وسط مطالب باعتقاله.. لندن تستقبل «تميم» بالاحتجاجات واللافتات وقال المتحدث: "لا نرغب في قطع العلاقات مع أمريكا لكن من حقنا الرد على أي موقف سلبي ضدنا ننتظر حل المشاكل العالقة بأسرع وقت ممكن، ولذلك يتوجب على الولاياتالمتحدة احترام عمل القضاء في تركيا"، وشدد على أن الاقتصاد التركي جزء لا يتجزأ من اقتصاد بلاده، بحسب "الأناضول". استجداء للجانب التركي ويرى مراقبون، أن زيارة أمير قطرلتركيا هي استجداء قطري للجانب التركي حيث جاءت بعد يوم واحد من هجوم الإعلام الموالي لأردوغان على الدوحة بسبب التخلي عن أنقرة في أزمتها الحالية مع واشنطن، مذكرة إياها بما قدمته أنقرة للدوحة من أفضال خلال المقاطعة العربية. محمد حامد، الخبير في الشؤون التركية والباحث في العلاقات الدولية، اعتبر، في تصريح لموقع "العين الإخبارية" أن زيارة أمير قطرلأنقرة هدفها الأول استجداء النظام التركي بعد الحملة الإعلامية التي هاجمت موقف الدوحة من الأزمة التركية الأمريكية. وأكد حامد أن النظام القطري لا يستطيع إغضاب حليفه أردوغان لأن الوجود التركي مهم وحيوي لنظام الدوحة. ولفت حامد إلى أن الوجود التركي سوف يستمر لفترة طويلة في الدوحة، وبالأخص عقب عمليات تعليم اللغة العربية للجنود الأتراك، ما يعني أن تنظيم الحمدين يسعى إلى إدماج الأتراك في المجتمع القطري لحماية النظام، مضيفا: "الزيارة القطرية بعد الهجمة الإعلامية التركية تؤكد تخوف الدوحة من تخلي أنقرة عنها". اقرأ أيضا : «نساء آل تميم».. محاولات فاشلة للتأثير على موسم الحج ويؤدي النزاع بين واشنطنوأنقرة إلى تزايد المخاوف من إمكانية حدوث أزمة اقتصادية في تركيا، مما أثار قلق المستثمرين الأجانب في البلاد، بمن فيهم القطريين. ولدى قطر استثمارات في تركيا تبلغ قيمتها 20 مليار دولار، بحسب أرقام صدرت الشهر الماضي في وقت تعد أنقرة في مقدمة الجهات المصدرة إلى الدولة الخليجية، ويعتقد أن العديد من الاستثمارات القطرية قد تكون في خطر جراء الأزمة في تركيا.