في خطابه أمام المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينج، أنه يجب على الحزب "الحفاظ على المبدأ القائل بأن الأديان في الصين يجب أن تكون صينية التوجه، والعمل على تكيف الأديان مع المجتمع الاشتراكي". وفي أعقاب تصريح شي، قام المسؤولون المحليون في جميع أنحاء الصين بشن حملات صارمة على الممارسات الدينية، وأثرت الحملة بشكل خاص على المجتمعات الإسلامية في الصين. حيث أشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إلى أنه خلال الأشهر ال18 الماضية، أجرت الصين حملة واسعة ضد مجتمعات الأقليات المسلمة في منطقة "شينجيانج" غربي البلاد، بما في ذلك اعتقال نحو مليون شخص في معسكرات "إعادة التعليم". وقد تمكنت بكين من القيام بذلك في سرية تامة، دون حصول القضية على الاهتمام الكافي، وسط أصوات قليلة من العالم الخارجي اكتفت بالإدانة. إلا أن الأيام القليلة الماضية شهدت بعض الدلائل التي تبعث على الأمل، في معاقبة الصين وعدم الإفلات من العقاب بسبب جرائمها تجاه المسلمين. ففي جنيف يوم الجمعة الماضية، واجه أعضاء في إحدى اللجان التابعة للأمم المتحدة، ممثلي الحكومة الصينية، وطالبوهم بتقديم إجابات حول هذه المعسكرات. اقرأ المزيد: بعد الحملة الأمنية في «شينجيانج».. 21% من معتقلي الصين «مسلمون» حيث قالت جاي ماكدوغال نائب رئيس لجنة القضاء على التمييز العنصري، إنه كانت هناك "تقارير عديدة وذات مصداقية" تفيد بأن "شينجيانج"، التي تبلغ مساحتها ضعف مساحة ألمانيا، أصبحت "أشبه بمعسكر اعتقال محاصر، في سرية"، لتتحول إلى منطقة "لا تسرى فيها حقوق الإنسان". وللمرة الأولى، اضطر كبار المسؤولين الصينيين للرد، علانية، على هذه التقارير في اجتماع دولي، وبشكل متوقع، كانت ردودهم عبارة عن مجرد ادعاءات واهية. حيث نفى مسؤولو الحزب الشيوعي الصيني، يوم الاثنين، احتجاز المواطنين المسلمين بصورة تعسفية، أو وجود "مراكز إعادة تأهيل". إلا أنهم أقروا بأنه تم وضع "المجرمين المتورطين في جرائم بسيطة" فقط في "مراكز التدريب المهني والتوظيف، بهدف المساعدة في إعادة تأهيلهم وإعادة دمجهم في المجتمع". وفي المقابل، قالت الصحيفة الأمريكية، إن الأوضاع على أرض الواقع كانت أكثر قتامة، حيث تم احتجاز مئات الآلاف من أقلية الأويغور العرقية، إلى جانب الكازاخستانيين والأقليات المسلمة الأخرى، في هذه المعسكرات، التي يبلغ عددها الآن أكثر من ألف معسكر، وفقًا لتقرير الأممالمتحدة. التقرير يضيف أن المسلمين يعتقلون في هذه المعسكرات، بعد أن تتهمهم الدولة بالتطرف الديني لأسباب بسيطة مثل ارتداء الحجاب أو السفر إلى الخارج أو مشاركة مقاطع من القرآن على وسائل التواصل الاجتماعي. اقرأ المزيد: بعد انضمام «الإيجور» ل«داعش سوريا».. هل تشارك الصين في معركة إدلب؟ كما أُجبر ما يقدر بنحو مليوني شخص آخرين على الخضوع لجلسات تلقين، دون احتجاز رسمي. ويشمل المعتقلون مثقّفين من الأويغور، وأقارب الصحفيين الذين قدموا تقارير عن الحملة الأمنية الصينية ضد المسلمين، بما في ذلك العاملين في إذاعة آسيا الحرة التي ترعاها الولاياتالمتحدة. وأشارت ماكدوغال إلى أن أكثر من 100 طالب من المسلمين الأويغور العائدين من الخارج، قد اختفوا وتوفي بعضهم. الصحيفة كشفت أيضًا عن تعرض المعتقلين في معسكرات إعادة التعليم، لما يشبه "غسيل المخ"، حيث يُجبرون على قراءة الشعارات وغناء الأغاني مقابل الطعام، والضغط عليهم للتخلي عن ممارسة الشعائر الإسلامية. وقال بيان صادر عن المنشقين الصينيين الأسبوع الماضي، إن التعذيب في هذه المراكز أصبح أمرا شائعا، وسط تزايد حالات الوفاة بين المعتقلين. وتصف "واشنطن بوست" الحملة بأنها الأكبر والأكثر وحشية التي يمارسها النظام منذ الثورة الثقافية، كما أنها أشبه بحملة التطهير العرقي التي شنتها ميانمار ضد الأقلية المسلمة من "الروهينجا"، التي حظيت باهتمام أكبر بكثير. وأضافت أنه يجب أن تدعم جلسات الأممالمتحدة بخصوص هذا الشأن، الحكومات الغربية على التدخل، بما في ذلك إدارة ترامب، التي حصرت حتى الآن رد فعلها بالتعبير عن القلق. اقرأ المزيد: رمضان «ممنوع» في الصين.. الأكل إجباري والمساجد لتعليم الاشتراكية واقترح السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، رئيس اللجنة التي عقدت جلسة استماع في 26 يوليو الماضي، بخصوص أحداث "شينجيانج"، الأسبوع الماضي، بفرض عقوبات على المسؤولين عن الحملة بموجب قانون "ماجنيتسكي"، الذي يستهدف منتهكي حقوق الإنسان حول العالم. واقترح أن يكون من ضمن المسؤولين الذين تستهدفهم العقوبات، "شين كوانجو" سكرتير الحزب الشيوعي في مقاطعة "شينجيانج"، والذي أُرسِل إلى المنطقة قبل عامين للإشراف على الحملة. وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، غالبًا ما يتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم، إلا عندما يتعرض لها مواطنون أمريكيون. مضيفة أن السماح لبلدان مثل ميانمار والصين بشن حملة تطهير عرقي جماعي مع الإفلات من العقاب، ما هي إلا دعوة لهذه الدول وغيرها لارتكاب المزيد من الجرائم، مؤكدة أنه إذا لم تتصرف الإدارة بخصوص ما يحدث في "شينجيانج"، فيجب على الكونجرس التدخل.