اعتمد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على العديد من الملفات التي عانت منها فرنسا على مدى سنوات طويلة من أجل الوصول إلى قصر الإليزيه، وعلى رأسها الشأن الاقتصادي الفرنسي، الذي كان من أهم أركان البرنامج الانتخابي لماكرون عام 2017، غير أن الأرقام التي تم الكشف عنها بعد عام كامل من توليه مهام الرئاسة في باريس، قد تبدو في غير صالح ماكرون بعد سلسلة من النجاحات على المستوى السياسي على مدى عام مضى على توليه مهام الرئاسة. وسلطت وكالة أنباء بلومبرج الأمريكية الضوء على الأداء الاقتصادي لفرنسا على مدى النصف الأول من العام الجاري، حيث وصفت الأداء غير المتوقع لباريس في هذا الصدد بمثابة انتهاء لشهر عسل ماكرون الاقتصادي، في إشارة إلى الدفعة القوية التي منحه توليه مهام الرئاسة في فرنسا، وحرصه على إبقاء الإصلاحات في مسارها الصحيح. وقالت الوكالة الأمريكية إن الربع الثاني في العام الجاري حقق الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2%، منخفضًا عن معدل 0.7% في المتوسط خلال عام 2017، وهو ما جاء مخالفًا لتوقعات الخبراء الاقتصاديين، الذين توقعوا ارتفاعًا بنسبة تصل إلى 0.3% خلال الأشهر الربع الثاني من العام الجاري. ماكرون يخرج عن صمته ويحدد المسؤول في فضيحة مساعده الأمني ولعل الصدمة الكبرى كانت على مستوى الإنفاق الاستهلاكي، والذي يعد المحرك الرئيسي للنمو في فرنسا، حيث أظهرت بيانات منفصلة أن إنفاق الأسر زاد بنسبة 0.1% فقط، أي أقل بكثير من التوقعات التي رجحت ارتفاع معدل الإنفاق الاستهلاكي بنسبة تصل إلى 0.6%. وتعد هذه الأرقام ضربة واضحة للرئيس للفرنسي، فبعيدًا عن الرهان الرئيسي في حملته الانتخابية على الخطط الاقتصادية، فإن الكشف عن تلك الأرقام المخيبة لآمال الشعب الفرنسي أعاد تسليط الأضواء مجددًا على واقعة تعدي أحد حراس ماكرون الشخصيين على المتظاهرين، وهو الأمر الذي تم إشغال الرأي العام عنه بفوز المنتخب الفرنسي ببطولة كأس العالم التي أقيمت خلال الشهر الماضي في روسيا. إخفاقات الاقتصاد الفرنسي لم تكن مفاجأة أو وليدة اللحظة، حيث سبق أن حذر عدد من المسؤولين من تبعات واقعة تعدي الحارس الشخصي للرئيس الفرنسي على المتظاهرين، حيث أكد بعض الوزراء أن الفضيحة قد تؤخر الجهود الرامية إلى إصلاح الاقتصاد، وذلك بعد أن بدأت الحكومة بشكل فعلي في إحراز تقدم بجدول أعمالها السياسي، وإن كان النظام الجديد للمعاشات التقاعدية لا يزال يمثل مهمة صعبة للحكومة في باريس، خاصة في ظل موجات مختلفة من الاعتراضات في هذا الصدد. فوضى في فرنسا بسبب إضراب موظفي السكة الحديد ولا يزال وزير المالية برونو لو ماير ينتظر موعدًا في البرلمان لتقديم مشروع قانون واسع النطاق يهدف إلى إزالة الحواجز التي تحول دون نمو الشركات الصغيرة، وهو ما تراه الحكومة الفرنسية أمرا حيويا لإنعاش جهود التطوير الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، وإنجاز التعهدات التي قطعها ماكرون على نفسه خلال برنامجه الانتخابي. وأرجعت بلومبرج البداية غير المتزنة للاقتصاد الفرنسي هذا العام إلى سوء الأحوال الجوية والعواصف الثلجية التي أثرت على الإنتاج في جميع أنحاء أوروبا، وهو الأمر الذي أدى إلى فقدان عام للزخم في العديد من القطاعات الاقتصادية حول أوروبا هذا العام، الأمر الذي بدوره أدى إلى تفاقم التباطؤ في فرنسا. وعلى الرغم من الصدمة التي واجهها الاقتصاد الفرنسي في الربع الثاني من العام الجاري، فإن بعض الخبراء الاقتصاديين أكدوا أن الخسارة تبدو متواضعة وهناك إمكانية لتدارك الموقف خلال الربع الأخير في العام الجاري. بعد 3 أشهر.. إلى أين وصلت «فضيحة» ضرب المتظاهرين في فرنسا؟ وقال جيمي موراي خبير بلومبرج الاقتصادي: "هناك خسارة متواضعة في الزخم على الاقتصاد الفرنسي بعد فترة من النمو الدوري القوي، ولكن من المتوقع أن يستمر التوسع بوتيرة سليمة، حتى وإن كانت الأرقام الرئيسية ترسم صورة مختلفة لذلك". إيمانويل ماكرون هو في الأساس وزير اقتصاد سابق بحكومة الاشتراكيين قبل أن يؤسس حزبه السياسي في عام 2016، ولذلك فإنه راهن بقوة على الاقتصاد واحتياجات فرنسا في هذا الصدد، حيث تعهد ماكرون خلال العديد من كلماته في البرنامج الانتخابي أمام حشود من الجماهير، بأن يتبع خططا اقتصادية ترتكز إلى صفقات كبرى، الأمر الذي كان أحد عوامل الانتصار على حساب فيون في الاستحقاق الديمقراطي الذي خاضه ماكرون في مايو من العام الماضي.