يطالعنا عالم الجريمة بوقائع تقشعر لها الأبدان لقسوة أحداثها، إلا أن الأمر بدا مختلفا خلال الفترة الأخيرة، فالجناة تربطهم علقة عائلية بالدرجة الأولى (أب - أم - أشقاء) في ظل تعدد وقائع القتل والتعذيب، أبطالها آباء وأمهات، لتدق ناقوس الخطر في المجتمع. "التحرير" يرصد أبرز الوقائع التي سجلتها محاضر الشرطة.. سير موتور ومسمار في دمياط، ارتكب أستاذ جامعي جريمة عصفت بكل معاني الإنسانية والأبوة معا، عندما انهال بالضرب على أبنائه بدعوى تقويم سلوكهم، لكنه لم يدر أن هذه المرة ستقود أحدهم إلى مثواه الأخير، وتزج به خلف القضبان. البداية مع تلقي قسم دمياط الجديدة بلاغا بمقتل طالب يبلغ من العمر 14عاما، وكشفت المعاينة الأولية وجود آثار ضرب وكدمات متفرقة بالجسم، وبسؤال والده، مدرس بكلية طب الأزهر، أكد أن نجله غادر المنزل دون استئذانه وعندما بحث عنه وجده ملقى بالقرب من العقار محل سكنه، ونقله إلى المستشفى إلا أنه توفى. تقرير مصلحة الطب الشرعي كشف عدم صحة أقوال الأب، خاصة مع وجود إصابات مماثلة بأماكن متفرقة لجسدي شقيقي المجني عليه وهما: "محمد" 17 سنة، و"عمر" 13 سنة، وأقرا بتعدي والدهما عليهما وشقيقهما المتوفى وإحداث إصاباتهم؛ بسبب قيام والدتهم بإبلاغه عن استيلائهم على 400 جنيه، و2 جنيه ذهب وسبيكة ذهبية، وأمهلتهم فرصة لإعادة تلك الأشياء، خاصة بعد علمها باقتسام المتوفى المبلغ مع أشقائه. وبمواجهة الأب، اعترف تفصيلا بارتكابه الواقعة بالتعدي على أبنائه بالضرب وإحداث إصابتهم التي أدت لوفاة أحدهم، حيث أعد سير موتور غسالة مثبتا به مفك حديدي وأكدت الزوجة أقوال الأب. أطفال المريوطية حالة من الرعب انتابت الأهالي بسبب واقعة "أطفال المريوطية" التي هزت الرأي العام مؤخرا عقب العثور على جثث الأطفال الثلاثة، خاصة مع توصل رجال المباحث إلى أن الأم وصديقتها تجردتا من مشاعر الإنسانية ووضعتا الجثث داخل أكياس بلاستيكية ومن ثم ألقتا بها في الشارع. وعن سبب إلقاء جثث الأطفال قالت الأم إنها خافت من المساءلة القانونية بسبب طبيعة عملها، وارتكابها أخطاء قانونية حيث إنها قيدت طفليها المجني عليهما باسم رجل آخر غير والدهما، كما أن الطفل الثالث قيدته من زوجها عرفيا ويدعى "عزام.م"، 25 سنة مقيم بالهرم. سم في البليلة وجثة داخل شيكارة واقعة أخرى بطلها سمكري خنق ابنته بإيشارب في أثناء نومها، ووضعها في شيكارة، وظل يجول بها أنحاء القاهرة حتى ألقاها في ترعة عين الصيرة؛ انتقامًا من والدتها. وكشفت تحقيقات النيابة أن المتهم كان دائم الخلافات مع زوجته لشكه في سلوكها، وكان ينوي التخلص منها وقتلها، إلا أن ابنته الكبرى "9 سنوات" كانت شبيهة بوالدتها، فانتقم منها في شخص ابنته، لكنها لم تكن المرة الأولى، حيث حاول التخلص من أولاده الثلاثة مرات عدة، آخرها وضع سم لهم في "البليلة"، إلا أنه تم إنقاذهم عقب نقلهم إلى المستشفى. قربان للجن وفي واقعة مأساوية تهتز لها الأبدان، كانت ضحيتها طفلة 14 سنة، لا ذنب لها، وقدرها أن والدها انفصل عن والدتها، وعاشت طوال السنوات الثلاث الأخيرة مع والدها وزوجته الجديدة، من أجل البحث عن الآثار. بدأت الواقعة، عندما تقدمت فاطمة أبو طماعة المحامية، خالة المجنى عليها "منى"، ببلاغ إلى النائب العام، قررتا فيه أنها وشقيقتها تلقتا اتصالا هاتفيا من عائلة زوجها المقيمين بمنطقة عرب أبو ساعد البحرية بحلوان، أبلغوها بوفاة ابنتها الكبرى، وطلبوا حضورها لتوقع الأم على أمر الدفن، وإلقاء النظرة الأخيرة عليها. وذكرت فى بلاغها، أن هذا جعلها تتشكك فى الأمر، نظرا لعلمها أن أسرة والد المجنى عليها يبحثون عن الآثار، لافتة إلى أن أحد الشيوخ طلب منهم إحضار طفلة لتقديمها كقرابين للجان، لمساعدتهم على فتح مقبرة فرعونية، وتلاحظ وجود آثار دماء بحنجرة المجني عليها، وسواد داكن بالعين، ودماء حول الفم والأنف، فأمر بتشريح جثتها، لوجود شبهة جنائية، وبيان سبب الوفاة الحقيقي. تعذيب رضيع يومان ابتعدت خلالهما الأم عن المنزل بسبب تفاقم الخلافات الزوجية، لتنقذ طفلها الرضيع من قسوة الأب الذي راح يعذبه دون رحمة. واتهمت ربة منزل -في بلاغ بقسم شرطة منشأة ناصر- زوجها بقتل طفلها الرضيع الذي لا يتعدى الثلاثة أشهر من عمره، وأنها بعد عودتها للمنزل فوجئت بزوجها يعلق طفلها بمروحة السقف ويتعدى عليه بالضرب المبرح، لافتة إلى أنها نقلته للمستشفى، واسترد عافيته، وعادت به إلى المنزل قبل أن يتوفى بعد يومين. بياكل كتير وفي منطقة الخليفة، تعدت زوجة الأب ضربا حتى الموت على ابن زوجها، والسبب"أكل الطعام الموجود في المنزل". حيث تلقت نجدة القاهرة، بلاغا بوفاة طفل إثر سقوطه من مكان مرتفع بمنزلهم بشارع البقلي، وتبين وجود آثار تعذيب بجسد الطفل، وقال والده إنه انزلق وسقط على الأرض، مما أسفر عن وفاته، الرواية التي أكدتها زوجته أيضا. وكشفت التحقيقات أن الأب تزوج منذ 5 أشهر، ويتلقى الطفل معاملة سيئة من زوجة أبيه، وتحرمه من الطعام طوال الوقت، كعقاب له، بينما يربطه الأب أحيانا، وأنه يوم الواقعة عادت الزوجة من الخارج، ووجدت الطفل قد تناول كل الأطعمة، فانهالت عليه ضربا، وكانت تُحاول إجباره على تقيؤ ما أكله، مما أسفر عن وفاته. علق طفله بالمروحة وتجرد عامل من مشاعر الإنسانية، وعذب طفله الرضيع، البالغ من العمر 3 أشهر، حتى الموت، وذلك بتعليقه فى المروحة بسبب بكائه. وأشارت جهود البحث لضباط مباحث منشأة ناصر إلى أن والدة الطفل اتهمت زوجها بأنه دائم الاعتداء بالضرب على ابنهما الرضيع، وكان يعذبه للكف عن البكاء داخل شقتهما بمنطقة أبو النمرس، حتى تدهورت حالة الطفل، وقررت ترك المنزل والتوجه إلى منزل والدها بمنشأة ناصر، ولكن بعد ساعات لفظ ابنها أنفاسه الأخيرة. وفي منطقة الوراق، كشف رجال أمن الجيزة، تفاصيل مقتل طفلة على يد أبيها، بعد أن تعدى عليها "لعدم سماعها كلامه"، حسب أقوال المتهم أمام جهات التحقيق. كما شهد مركز أوسيم بالجيزة جريمة مؤسفة بعدما حاول أب إخفاء جريمته بقتل ابنه "4 سنوات"، وإيهام رجال الأمن أنه تعرض لحادث سيارة أعلى كوبري غيضان، إلا أن شقيقة الجاني وطليقته وأقاربه، كشفوا الحقيقة. المفاجأة جاءت في أثناء جمع التحريات، حينما توجهت شقيقة الأب وطليقته (والدة الطفل) وبعض أقاربهم إلى قسم الشرطة، وكشفوا أن الوفاة سببها اعتداء الأب على ابنه، وأنه يُعذبه بصفة دائمة، حتى تسبب في وفاته. افتقاد الروابط العاطفية ويؤكد الدكتور سامح شاهين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة 6 أكتوبر، أن ظاهرة ضرب وتعذيب الآباء للأبناء وتعنيفهم المستمر يصيبهم بأزمة نفسية، وأن زيادة العنف الأسري بات مشكلة من الصعب مواجهتها، خاصة أنه ينتج عنه مجموعة من السلوكيات الشاذة كإظهار الكراهية له، أو توعده وتخويفه بأمور مخيفة، مثل: الحرق، والحبس في الظلام، وإشعاره بالنقص وبالذنب، فجميعها تؤدي إلى وقوع جريمة. ويضيف "شاهين" في تصريحات ل"التحرير"، أن تعرض الأبناء للإيذاء قد يؤثر في نموهم أو توافقهم العاطفي والاجتماعي والسلوكي، ومثل هذه التأثيرات قد تكون قصيرة أو طويلة الأجل، وذلك حسب شدتها وتكرارها. ويتابع: "لا يستطيع الأبناء الذين يتم ضربهم بانتظام أن يعتبروا والديهم مصدر حب وأمان، كذلك يتعلم الخداع والكذب وأيضًا الجحود"، حسب وصفه، محذرا من حالات إدمان الآباء للمخدرات التي قد تدفعهم لقتل أبنائهم دون وعي. ويوضح أستاذ علم الاجتماع بجامعة 6 أكتوبر، أهمية تقوية الروابط العاطفية بقوله: "كلما تماسك الارتباط العاطفي بين الأبناء ووالديهم تراجعت مستويات الجريمة أو الانحرافات الاجتماعية".