كتبت - سمر فتحي شهدت محاكم مصر في الآونة الأخيرة العديد من جرائم القتل البشعة، تجرد أبطالها من المشاعر، وقرروا التخلص من أبنائهم، بدافع الانتقام... ويبررون فعلاتهم بأنهم تعرضوا لإهانات دفعتهم إلى ارتكاب جرائمهم. "التحرير" ترصد وقائع قتل أبناء علي يد آباء فقدوا كل معانى الإنسانية.. 24 طلقة في جسد ابنه داخل منزل صغير بمنطقة مصر القديمة.. لم يتخيل الأب أن نهاية حياة ابنه وقرة عينه ستكون على يده.. بعدما أصبح شابا في الثلاثين من عمره، أراد أن يحقق حلم حياته ويكمل نصف دينه في الزواج من فتاة أحبها.. ومن هنا وقعت الخلافات بين الأب والابن بسبب رفض الأخير مساعدته في تكاليف ونفقات الزواج.. تعددت الخلافات والمشادات فيما بينهم واحتد النقاش، لينتهي بعدة رصاصات من سلاح والده لتستقر في جسد الابن، فيصبح في عداد الأموات ويتحول الزفاف إلى وفاة. الواقعة حدثت في منطقة مصر القديمة، وتبين من التحريات وأقوال الشهود أن الأيام الماضية شهدت خلافات بين المتهم والمجني عليه بسبب رفض الأب مساعدة ابنه في مصاريف الزواج، وهو ما جعل الابن يتشاجر مع الأب. وبعدما ضاقت السبل بالابن، توجه للمنزل وتشاجر مع زوجة والده وهددها بسلاح أبيض وأجبرها على الاتصال بوالده للحضور، وفور وصول الأب غاب عقله وصوب سلاحه في وجه نجله وأطلق أعيرة نارية من سلاح ناري ليسقط قتيلا، وكأنه خصمه في معركة وليس ابنه. سقط الابن غارقًا في بركة دماء وانتابت القاتل حالة من الذهول والجنون لما فعله وترك ابنه جثة وفر هاربًا، وبإعداد الأكمنة اللازمة بالأماكن التي يتردد عليها تم ضبطه وبحوزته السلاح الناري المستخدم في ارتكاب الواقعة و24 طلقة، وبمواجهته اعترف بارتكابه للواقعة. لينتهي به المطاف بإيداعه خلف القضبان دون أن يشيع جثمان فلذة كبده الذي أنهى حياته بيده.. ويقبع القاتل داخل السجن في انتظار إحالته إلى المحاكمة لينال جزاء ما فعله. سم في البليلة وشيكارة وجثة واقعة أخرى كان بطلها سمكرى قام بخنق ابنته وألقاها فى الترعة انتقاما من أمها، وقام بتعليق ابنه الثاني بسقف الغرفة وجلده بالحزام حتى الموت. حيث استغل فترة نومها، ثم وضعها فى شيكارة، وظل يجول بها أنحاء القاهرة حتى ألقاها فى ترعة عين الصيرة . وكشفت تحقيقات النيابة أن المتهم كان دائم الخلافات مع زوجته، منذ زواجهما من عدة سنوات لشكه فى سلوكها، بسبب كثرة كلام الناس عليها على حد قوله مع أنه لا يملك أى دليل أو حجة على صدق كلامه، إلا أن الوسواس ملأ رأسه بالشكوك وسوء الظن بها. وقال فى اعترافاته إنه كان ينوى التخلص من زوجته وقتلها، إلا أن ابنته الكبرى 9 سنوات كانت شبيهة بوالدتها فى ملامحها وتصرفاتها، فانتقم منها فى شخص ابنته، مضيفًا: "استغل فرصة نومها فى النهار وقام بخنقها بإيشارب وكتم أنفاسها حتى تأكد من أنها ماتت وفارقت الحياة، ثم وضعها فى شيكارة وحملها على الدراجة النارية، وبدأ يدور بها فى شوارع القاهرة لعدة ساعات كي يجد مكانا يدفنها فيه، حتى توجه إلى ترعة عين الصيرة، وأنزل الشيكارة من على الموتسيكل وألقاها فى الترعة ثم عاد إلى المنزل. كما أوضح الوالد أنها ليست المرة الأولى له حيث حاول التخلص من أولاده الثلاثة مرات سابقة آخرها عندما قام بوضع سم لهم فى "البليلة"، إلا أنه تم نقلهم إلى المستشفى وإنقاذهم. عذب ابنته بمساعدة زوجته الثانية ادعى الأب أن ابنته اعتادت الهروب من المنزل بصفة دائمة، وأنكر الواقعة قائلا إنها امتنعت عن تناول الطعام لمدة ثلاثة أيام، مما أثر سلبا على صحتها وتسبب فى وفاتها. ولكن تحقيقات النيابة كشفت عن كذب الأب، مكوجى، ومعه زوجته الثانية، كانا يتعديان على الابنة ذات ال17 عاما، وتبين وجود آثار تعذيب وضرب خلال مناظرة الجثة، وتبين أن والدها كان يستعين بزوجته لتعذيبها وضربها وتقييدها فى الكرسى لمدة طويلة. 700 جنيه ثمن حياة طفل فيما قام سائق بالتخلص من حياة ابنه بمنشأة ناصر، حيث قام بتعذيبه والتعدى عليه بالضرب حتى الموت، بسبب لهوه بدراجة أمام منزله بمنطقة منشأة ناصر، مما أدى إلى تصادم سيارتين لتفاديه، كشفت التحقيقات عن وجود آثار التعذيب بالظهر والقدمين والوجه، نتيجة قيام والده بجلده بالحزام. وتبين أن المجنى عليه تسبب فى تصادم سيارتين ملاكى أثناء لعبه بالدراجة أثناء محاولتهما مفاداته، مما تسبب فى وجود تلفيات بالسيارتين وإلزام والده، بدفع 700 جنيه تعويضا لأصحاب السيارات، فاستشاط غيظا وقام بتقييد نجله لمدة يومين متتالين وتعدى عليه بالضرب حتى الموت. وقال شهود العيان والجيران، إنهم قاموا بفك قيود نجله لأكثر من مرة، إلا أن والده كان يقوم كل مرة بإعادة ربطه بالقيود فى يديه وقدميه، وقام بتعليقه فى سقف الحجرة، والتعدى عليه بالضرب والتعذيب حتى فارق الحياة، وقام بلف جسده بملاية سرير زرقاء اللون. وحاول الأب نقل نجله إلى المستشفى إلا أنه فارق الحياة، بينما أنكر أمام النيابة ارتكابه الواقعة، وقال إن ابنه توفى نتيجة تصادم السيارتين واصطدامهما به أثناء مفاداته عندما كان يلعب بالدراجة فى الشارع أمام منزله. بأمر الجان وفي محافظة كفر الشيخ، أقدم أب علي إلقاء طفلته الرضيعة أمام قضبان القطار.. وعندما تم التحقيق معه وسؤاله عن الدوافع، قال إنه مأمور من الجن، ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يقوم فيها الأب بقتل طفلته. عقد نفسية على المستوى الأكاديمي.. يؤكد الدكتور عدلي السمري -أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة- إن ظاهرة تعذيب الأبناء واستغلاهم من قبل ذويهم أصبحت متكررة بشكل لافت للنظر، حيث إن ضرب الآباء للأبناء وتعنيفهم المستمر يصيبهم بعقد نفسية، وبزيادة العنف الأسري وتفاقمه، تصبح المشكلة أكبر، ومن الصعب مواجهتها، وينتج عنه مجموعة من السلوكيات الشاذة كإظهار الكراهية له، أو توعده وتخويفه بأمور مخيفة، مثل: الحرق، والحبس في الظلام، وإشعاره بالنقص وبالذنب، فجميعها طرق تؤدي إلى الجريمة التي تقود إلى القتل في النهاية، سواء قتل الأب لابنه أو العكس. وأضاف السمري أن تعرض الأبناء للإيذاء له تأثير نفسي عليهم، فقد يؤثر في نموهم أو توافقهم العاطفي والاجتماعي والسلوكي، ومثل هذه التأثيرات قد تكون قصيرة أو طويلة الأجل، وذلك حسب شدتها وتكرارها. واستكمل: لا يستطيع الأبناء الذين يتم ضربهم بانتظام، أن يعتبروا الأبوين مصدر حب وحماية وآمان وراحة، كذلك يتعلم الخداع والكذب وأيضا الجحود. وخاصة إن كان إدمان المخدرات وتناول جرعات مفرطة منها والتي تؤدي بالشخص إلى فقدان وعيه فيقبل على قتل أبنائه دون وعي، بل وهناك أيضا، خلافات زوجية تؤدي إلى تراكم الحقد عند أحد الشريكين تجعله ينتقم من شريكه بواسطة قتل أبنائه. وشدد على ضرورة تحسين وتقوية الروابط العاطفية، فكلما قوى الارتباط العاطفى بين الأبناء ووالديهم، قلت مستويات الجريمة أو الانحرافات الاجتماعية . "الانتقام هو الحل" وفي نفس السياق قالت الدكتورة نيفين غباشي، أستاذة علم النفس بجامعة 6 أكتوبر، إنها جريمة انحراف عن القيم الإنسانية، وخلل نفسي واجتماعي، لظاهرة مرضية وشاذة وتخرج عن إطار القانون والدين.. وهناك أمراض نفسية تصيب الآباء وتدفعهم إلى قتل أبنائهم دون الوعي بعملية القتل نفسها، فمرتكبها سواء كان امرأة أو رجلا مختل نفسيا إما أن يكون لديه "تبلد عاطفي"، أو ازدواج في الشخصية، أو وسواس قهري، فلا يمكن لشخص سليم من الناحية النفسية أن يرتكب جريمة القتل ضد أبنائه، لأن عاطفة الأبوة تمنع أي ضرر من المحتمل أن يضر بالأبناء. وتابعت: أن الأبناء المهملين المهمشين والذين يسيء الوالدان معاملتهم، لا يكون لديهم إلا خيارات محدودة، كما أن لهم سمات شخصية تتلخص فى ظهور علامات العنف الأسرى. وأشارت "غباشي" إلى أن هناك ثلاثة أنواع من الآباء الذين يُقدمون على تلك الجرائم، وهم الآباء الذين يتعرضون للمعاملة شديدة السوء التي تتخطى كل الحدود من جانب زوجاتهم، ومن يعانون من اضطرابات عقلية حادة، والزوج المدمن أو المخدوع الذى يعانى من اتجاهات معادية للمجتمع. غالبا ما يحاول أحد الوالدين الذي قتل أبناءه الانتحار بعد ذلك لأنه في لحظة ارتكاب جريمته لا يكون واعيا بما يفعل، فبعد أن يرتكب جريمته يهدأ ويرجع إليه وعيه يكتشف هول ما فعل فلا يقبل بالأمر الواقع ويصاب بالانهيار العصبي فيفضل الانتحار ليهرب من ألمه ومعاناته وحسرته على قتل أبنائه.