في مايو الماضي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية عليها مرة أخرى. القرار الأمريكي أثار غضب الدول الأخرى الموقعة على الاتفاقية، وعلى رأسهم ألمانيا، والتي أكدت تمسكها بالاتفاق من جانبها، طالما تلتزم إيران ببنود الاتفاق. إلا أن تقريرا مخابراتيا أصدرته مدينة هامبورج الألمانية، الخميس الماضي، قال إن النظام الإيراني مستمر في السعي للحصول على أسلحة دمار شامل، وفقًا لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية. وهو ما يمثل ضربة استخباراتية جديدة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تعتقد أن الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية عام 2015 كان فعالًا في كبح جماح طموحات طهران النووية. واستعرضت الصحيفة، الوثيقة المؤلفة من 211 صفحة والتي ذكرت أن "هناك بعض البلدان ما زالت تبذل جهودًا للحصول على أدوات لتصنيع أسلحة الدمار الشامل الذرية والبيولوجية والكيميائية، وتكنولوجيا الصواريخ المتطورة". وأضاف تقرير "هامبورج" أن "أكثر الدول نشاطًا في مجال أنشطة الانتشار النووي في الوقت الحالي هي إيرانوباكستانوسوريا". اقرأ المزيد: كيف يؤثر انسحاب أمريكا من «الاتفاقية النووية» على إسرائيل؟ وتأتي استنتاجات وكالة الاستخبارات في ولاية هامبورج، بخصوص سلوك إيران غير المشروع المزعوم، مع المعلومات الاستخباراتية التي أشارت إليها التقارير الاستخباراتية لولايات بافاريا، وبادن فورتمبيرج، شمال الراين-وستفاليا، وهسن خلال 2018. وكتب مسؤولو الاستخبارات في هامبورج في تقريرهم أن "إيران لا تزال تشكل محور اهتمام ألمانيا في قطاع مكافحة الانتشار النووي، بسبب أنشطتها النووية السابقة"، وأضاف التقرير أن "إيران تواصل العمل على برنامج طموح لتحديث تقنيتها الصاروخية، وذلك بهدف زيادة مدى صواريخها". وكانت ميركل قد صرحت في 9 يوليو أن "ألمانيا ما زالت ملتزمة بالاتفاق النووي"، مضيفة "نعتقد أنه تم التفاوض عليه بشكل جيد". ولم تعلق ميركل على النتائج الاستخباراتية لوكالات الاستخبارات المحلية، التي يبدو أنها تقوض بشكل كبير دفاعها القوي عن فعالية الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع القوى العالمية في يوليو 2015. وقالت الصحيفة العبرية، إن التقرير أشار إلى أنشطة إيران التي تتراوح بين التجسس ودعم حزب الله، ونشر التطرف الديني، نحو 48 مرة. وكانت وكالة استخبارات ولاية هيسن قد نشرت في يونيو الماضي وثيقة حول مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل، وخصت جمهورية إيران الإسلامية كواحدة من دولتين تسعيان للحصول على الأسلحة النووية. اقرأ المزيد: ماذا سيحدث إذا انسحب ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران؟ وتقول الوثيقة "إن أسلحة الدمار الشامل هي أداة يمكن أن تحطم الاستقرار الكامل لهياكل الدولة، في حالات الأزمات الإقليمية والدولية، وتحاول دول مثل إيران وكوريا الشمالية الحصول على مثل هذه الأسلحة ونشرها من خلال تمويه طرق النقل عبر بلدان ثالثة". وذكرت صحيفة "ذي بوست" البريطانية في أوائل يونيو الماضي، أن وكالة الاستخبارات في بادن فورتمبيرج، كتبت في تقريرها أن "إيران تواصل بذل المزيد من الجهود للحصول على الأدوات والتكنولوجيا اللازمة في تطوير أسلحة الدمار الشامل، كما فعلت باكستانوسوريا، كما أنها تعمل على تحسين أنظمة إطلاق الصواريخ". وفي إبريل الماضي، أشارت وكالة الاستخبارات في ولاية "بافاريا" في تقرير لها أن "كلا من إيران وكوريا الشمالية وسورياوباكستان تبذل جهودًا لتوسيع ترسانتها من الأسلحة التقليدية من خلال إنتاج أسلحة الدمار الشامل". وذكرت وكالة استخبارات ولاية شمال الراين-وستفاليا التي تعد أكبر الولايات الألمانية من حيث عدد السكان، أن إيران سعت إلى الحصول بطريقة غير مشروعة على أدوات لبرنامجها الصاروخي من ألمانيا. وأضافت أن "سعي إيران المتواصل للحصول على السلع ذات الصلة ببرنامجها الصاروخي، يدفعنا إلى التركيز على منع انتشار الأسلحة النووية في تقاريرنا". ويذكر أن الصادرات الألمانية إلى إيران ارتفعت لتصل إلى نحو 3.5 مليار يورو في عام 2017، مقابل 2.6 مليار يورو في عام 2016. اقرأ المزيد: 9 صفعات لإيران بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي وتعقد كل من ألمانياوإيران صفقات مزدوجة الاستخدام، حيث يمكن استخدام التكنولوجيا والمعدات الألمانية في الأغراض العسكرية والمدنية. وكانت صحيفة "ذا بوست" قد ذكرت في فبراير الماضي أن رجال أعمال إيرانيين اشتروا مواد صناعية من شركة "كريمل" في ولاية بادن فورتمبيرج، والتي تم العثور عليها فيما بعد في صواريخ كيماوية استخدمت في الهجوم على مدنيين سوريين في يناير وفبراير الماضي. وأضافت الصحيفة أن الهجوم أسفر عن إصابة نحو 24 سوريًا بجروح خطيرة، إلا أن المكتب الاتحادي الألماني للشؤون الاقتصادية ومراقبة الصادرات أكد أن مواد شركة "كريمل" ليست ذات استخدام مزدوج، ورفضت وقف التجارة بين "كريمل" والجمهورية الإسلامية. ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن الصحفي الإيراني أمير طاهري، قوله في تغريدة إن "شركة الصلب الروسية سيفرستال أوقفت تعاملها مع إيران، خوفًا من العقوبات الأمريكية، شريكها الإيراني 'مباركة للفولاذ' يجري محادثات مع شركات ألمانية لسد العجز المتوقع، وهي ما تدعمه حكومة برلين".