وزير الداخلية يعتمد نتيجة المقبولين في كلية الشرطة    الإدارية العليا تواصل جلساتها للفصل في 31 طعنا على انتخابات 19 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    جامعة أسيوط تبدأ تطوير داري الإقامة بالدقي وقصر العيني لتعزيز جودة الخدمات والتحول الرقمي    وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والقاهرة    أسعار الذهب اليوم في مصر.. الجنيه الذهب يسجل 45،840 جنيهًا عقب ارتفاع عيار 21    تدشين خط جوي قريبًا يربط قطر بمدينة العلمين الجديدة    ضم الأبناء والزوجة للبطاقة التموينية إلكترونيًا.. خطوة بسيطة لتوسيع الدعم    وزير البترول: مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز أمن الطاقة العربي    «الضرائب» تخصص مقر مركز ثان متوسطى الممولين بمبنى «الشركات المساهمة» بالقاهرة    هيئة الاستثمار تبحث التعاون مع "IT Park Uzbekistan" لدعم الشركات التكنولوجية    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    الإسعاف الأسترالي: نقل 13 مصابا إلى المستشفى إثر حادث إطلاق النار في سيدني    شاهد| أول صورة لمنفذ إطلاق النار في احتفالات عيد «الحانوكا» بسيدني    عاجل- الاحتلال الإسرائيلي يواصل خروقات وقف إطلاق النار بغزة وينفذ سلسلة اعتقالات واسعة    الدوري السعودي يستعد لاستقبال محمد صلاح.. والهلال يفتح خزائنه    مانشستر سيتي في مواجهة صعبة أمام كريستال بالاس    تصحيح الأخطاء.. توروب يعقد محاضرة فنية بالفيديو للاعبي الأهلي    فليك: بيدري لاعب مذهل.. ولا أفكر في المنافسين    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    التنمية المحلية تقود حملات لرفع الإشغالات بشوارع وميادين مصر الجديدة والنزهة    تجديد حبس فرد أمن متهم بالتحرش بالأطفال في مدرسة شهيرة بالقاهرة الجديدة    نشوب حريق بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري بشبرا الخيمة    وفاة الفنان نبيل الغول بعد صراع مع المرض    عبلة كامل.. النجمة التي ما زالت حاضرة في قلوب محبيها رغم الغياب    «متحف الطفل» يستضيف معرضًا فنيًا عن رحلة العائلة المقدسة في مصر    أول تعليق لرسام "المليجي بالكمامة" على ظهور اللوحة خلف أحمد السقا    الخشت: الدين لم يفرض نظام حكم بعينه والسياسة ليست وحيًا إلهيًا    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    مدبولي: منظومة التأمين الصحي الشامل تعكس رؤية مصر في بناء نظام صحي قوي وشامل    صحة سوهاج: لا توجد أي عدوى فيروسية وبائية منتشرة بخلاف الإنفلونزا الموسمية    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    سعر الدولار الامريكى اليوم الأحد 14 ديسمبر 2025    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مركز السيطرة بالتنمية المحلية يقود حملات لرفع الإشغالات بمصر الجديدة والنزهة    القاهرة الإخبارية: مهرجان أيام قرطاج يحظى باهتمام واسع من الصحافة التونسية    الأقصر تستعد لإزاحة الستار عن تمثال الملك امنحتب الثالث التاريخي    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    السيطرة على حريق نشب بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري ببهتيم القليوبية    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    لماذا يرفض الأهلي إتمام صفقة انتقال حمزة عبدالكريم لبرشلونة ؟ اعرف الأسباب    الرياضية: جناح النصر لا يحتاج جراحة    فيروس أنفلونزا الخنازير يهدد المدارس| إجراءات هامة وعاجلة للوقاية منه    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام ألافيس في الدوري الإسباني    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    هام من الصحة بشأن حقيقة وجود فيروس ماربورغ في مصر.. تفاصيل    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    إعلام إسرائيلى : إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة فى قوة الاستقرار بغزة    مصرع حداد سقطت عليه رأس سيارة نقل بالدقهلية    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد رشدي «صوت الفلاحين».. حاربه حليم وقتله غياب التقدير
نشر في التحرير يوم 20 - 07 - 2018

محمد رشدي.. لسان الفلاحين البسطاء وكلمة الطبقة الكادحة وصاحب الصوت الشجى الشعبي الذى ذاع صيته فى أقصى شمال المحروسة بليالى مولد سيدى إبراهيم الدسوقي وهو لا يزال صبيًا، غزا العاصمة فى شبابه مع بداية الخمسينيات ليُصبح ابنًا لثورة 23 يوليو 1952 وأحد المعبرين عنها، احتل مكانة رفيعة فى الحياة الموسيقية المصرية والعربية، بفضل ما قدمه من أعمال غنائية ذات طابع شعبى، كما تناول فى أغانيه معانى جديدة على هذا اللون من الغناء، ولاقى قبولًا جارفًا وحقق نجاحًا ساحقًا.
رشدى مطرب الفلاحين وليس مطرب القصور، أحدث نقلة نوعية فى الغناء الشعبي الأصيل الدافئ، بمجرد أن تسمع صوته يُسيطر على مشاعرك، وترى أمامك مصر بنيلها وتشم رائحة أرضها، استطاع أن يحقق لنفسه أسلوبًا متميزًا فى الأداء عُرف به وأصبح دالًا على شخصيته، وغنى ألحانه وألحان كبار الملحنين، وعبر عن معنى الكلمات بالحس المرهف إلى جانب سيطرته على النغمات أثناء الأداء.
النشأة
هو محمد محمد الراجحى، المولود فى 20 يوليو عام 1928، فى مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، لأسرة متوسطة الحال، نشأ وترعرع فى وسط دينى، وكان يسكن قرب مسجد العارف بالله سيدى إبراهيم الدسوقي، وحرص والده على أن يحفظ القرآن الكريم ويؤدى فروضه باستمرار، وأخذ طريقه إلى المسجد يسمع ويقرأ حتى أقام الأذان ولفت الأنظار لصوته، وهو ما يزال صبيًا.
عندما التحق بالمدرسة الابتدائية، كان يلقى نشيد الصباح، وعندما بدأ صيته يتردد بين أبناء المدينة، تبناه عازف العود محمود الدفراوى، وعلمه أصول الغناء، وكان رشدى ينتظر مولد إبراهيم الدسوقي عسى أن يشارك مع إحدى الفرق الغنائية، وهو ما حدث، إلا أن والده حاول منعه فأرسله ليعمل بورشة إصلاح سيارات، ثم أرسله إلى مصنع القطن، وظل يعمل فيه لعدة سنوات أثناء العطلات الصيفية، لكن لم تنقطع علاقته بالغناء فى ليالى المولد، ومع مرور الوقت رأى والده أن كبار الموظفين فى البلدة يهتمون بابنه وأغانيه، فغير موقفه وأعلن موافقته على أن يسلك ابنه طريق الفن.
أم كلثوم.. والبداية
كانت اللحظة الفاصلة فى حياة رشدي الغنائية، عندما أُقيم احتفال بمناسبة نجاح ابن العمدة فريد باشا زعلول، فى الانتخابات ليصبح عضوًا فى مجلس النواب، وكانت أم كلثوم هى التى تُحييه، وقام صاحب الدعوة بتقديمه إليها، وعندما استمعت له الست أُعجبت بصوته وتنبأت له بمستقبل كبير فى عالم الغناء، وأوصت بضرورة انتقاله إلى القاهرة كى يتعلم الموسيقى ويلتحق بإحدى الفرق الغنائية هناك.
ما أن انتهى رشدى من دراسته الثانوية عام 1948، حتى قرر أن ينتقل إلى القاهرة ليبدأ مشواره الفنى بمعهد الموسيقى العربية، وكان من بين زملائه محمد الموجي وفؤاد حلمى، ودرس التواشيح على يد الشيخ درويش الحريرى، والعود على يد منصور عوض، وعاش فى العاصمة حياة صعبة، وكانت أسرته ترسل له ثلاثة جنيهات كمصاريف شهرية.
عمارة ليلى مراد
لعبت الصدفة دورها مرة أخرى فى حياة رشدى، ليكون محل سكنه فى نفس عمارة مُلهمته الفنانة ليلى مراد، وكان أول لقاء بينهما حينما كان يفتح باب الأسانسير وكانت هى بالداخل فوقف مذهولًا ولم ينطق وكان يحمل العود فى يديه فسألته ليلى: "أنت موسيقي؟"، فأجابها: "مطرب"، فردت عليه، قائلةً: "هو فى مطرب تخين وبكرش كده؟"، وسألته عن اسمه الذى كان وقتها محمد الراجحى قبل أن يعرفه الناس بمحمد رشدى، وانتصر القدر للأخير بعد فترة، وحينما تم اللقاء الثانى بينهما قالت له ليلى: "أنا متبعاك يا محمد وبسمعك.. خليك محافظ على لونك واوعى يضحكوا عليك ويخلّوك قاهرى".
سرقة عبد الوهاب.. والإذاعة
ومن المحطات التى لا تُنسى خلال هذه المرحلة إقامته فى حى باب الشعرية بالقاهرة، مع أحد أبناء قريته الذى كان يعمل فراشًا بمكتب الموسيقار محمد عبد الوهاب، وكان رشدى يذهب إليه يوميًا ليجلس فى البوفيه ويستمع إلى موسيقار الأجيال، وتصادف أنه كان يُلحّن فى هذه الفترة أغنية "إنت إنت"، فسمع رشدى الأغنية وحفظها وغناها فى الأفراح، مما عرَّض عبد الوهاب لموقف محرج عندما قرر أن يُقدّمها للجمهور لأول مرة فى حفل بدار سينما راديو، ففوجئ بهم يتهمونه بعد سماعها بأنه سرقها من مطرب شاب، أخذ عبد الوهاب منذ هذه اللحظة يبحث عن هذا الشاب الذى سرق منه أغنيته وشوَّه سمعته، حتى ضبطه فى مكتبه ومنعه من دخول منزله.
لم يمض عامان إلا وسمعه الإذاعى على فايق زغلول، فشجعه على الالتحاق بالإذاعة، وبالفعل تقدم للاختبار ومعه المطرب الشاب عبد الحليم شبانة الذى أصبح فيما بعد عبد الحليم حافظ، وتقرر أن يُسجل أغنية تجيزها لجنة مكونة من "أم كلثوم، محمد القصبجي، وعبد الوهاب"، وبمجرد أن رآه الأخير قال له: "مش أنت اللى سرقت أغنيتي؟"، ما أثار خوف رشدى من أن يتعمّد عبد الوهاب إفشاله، لكنَّ ما حدث كان عكس ذلك وتجاوز الاختبار بنجاح، ومنحته اللجنة ربع ساعة للغناء كل أسبوعين واعتمدوه مطربًا وملحنًا، وقدّم أولى أغانيه فى الإذاعة وهى "قولوا لمأذون البلد" التى حظيت بشهرة كبيرة.
عندما غنى للمرة الأولى للإذاعة كان الفنان سعد عبد الوهاب وقتها مراقب الموسيقى والغناء، فما كان منه بعد انتهاء محمد من الغناء إلا أن قال لجمهور المستمعين: "استمعتم للمطرب محمد رشدى"، ذلك الأمر أغضب الأخير، وقال: "ليه كده يا أستاذ عبد الوهاب؟"، فرد عليه عبد الوهاب إن اسم محمد رشدى أكثر سلاسة، ومن يومها أصبح اسمه.
تحوّل المسار
مرّ رشدى بموقف تغيَّر على أثره مساره الفنى، فبينما كان يُسجل إحدى أغانيه، وجد الموسيقار محمد حسن الشجاعى المستشار الموسيقى بالإذاعة يقف إلى جوار مهندس الصوت، وبمجرد أن انتهى استدعاه وخيَّره قائلًا: "إما أن تتخلص من تقليدك لمحمد عبد المطلب، أو لا تدخل مبنى الإذاعة ثانية"، ومن بعد ذلك اليوم حرص المطرب على أن يصنع أسلوبه الفريد فى الغناء.
تعرض محمد رشدي لحادث كبير عام 1959، رحل فيه كل من كان معه فى السيارة، عندما شارك فى إحياء حفل للقوات المسلحة فى السويس، وأثناء العودة انقلبت السيارة ومات خمسة أفراد، بينما أُصيب هو بكسور متفرقة فى جسده، واضطر لإجراء عملية تجميل فى وجهه، وغنى "تحت الشجر يا وهيبة" وساقه حبيسة الجبس.
وفى عام 1961، كان أول من غنى فى الإذاعة الملحمة الشعبية عندما طلب منه رئيسها أمين حماد، غناء الملحمة التى كتبها الشاعر محمود إسماعيل تحت عنوان "أدهم الشرقاوي" والتى قدّمت صورة البطل المقاوم للإنجليز والإقطاعيين والمدافع عن الخير، والمهموم بإعادة الحق للفقراء، وقام بإخراجها يوسف الحطاب، وغنى رشدي 85 موالًا من ألحانه تروى حكاية ذلك البطل الشعبى فحقق شهرة كبيرة وأصبح العمل من الكلاسيكيات.
الثلاثى.. وحليم
مسيرة الفنان محمد رشدى بلغت ذروتها عندما التقى الرائعين عبد الرحمن الأبنودي شاعرًا، وبليغ حمدى ملحنًا، وكان هذا سبب لبداية بزوغ نجم الأغنية الشعبية، حيث كونوا معًا فريقًا أثمر عن العديد من الأغنيات التى لا زال يتردد صداها إلى الآن، مثل: "تحت الشجر يا وهيبة، عدوية، بلديات، وسع للنور، يا ناعسة، خبرينى".
حقق الثلاثى رشدى والأبنودى وبليغ نجاحًا ساحقًا بلغ قمته فى أغنية "عدوية"، التى اجتاحت بألحانها كل حارة مصرية آنذاك، وما أن وصلت إلى أسماع عبد الحليم حافظ، حتى أثارت غيرته، الأمر الذى ترتب عليه خطف الأبنودى بواسطة رجلين إلى شقة عبد الحليم فى عمارة بالزمالك، وهناك طلب منه أغنية بنفس اللغة، فأعطى له "توبة"، شريطة أن يُلحنها بليغ حمدي، وهو ما تم بالفعل، وامتدت غيرة حليم إلى منع بث أغنية "حسن المغنواتى" لرشدي فى الإذاعة، بحجة أنها تقتبس جملة من أغنية "توبة"، وذلك وفق ما رواه أيمن الحكيم، نائب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون.
الحلاق.. وعرباوى
بعدما تمكن عبد الحليم حافظ من الاستحواذ على شاعره الأبنودى، وملحنه بليغ، ظل رشدى يبحث عن بدائل، ومن أهم أغانيه فى تلك الفترة "عرباوى"، والتى لحّنها الموسيقار حلمى بكر، وكتب كلماتها الحلاق حسن أبو عتمان، ولم تكن قصة تعارفهما عادية، حيث ظل أبو عتمان يطارد رشدى فى كل الأماكن التى يغنى بها محاولًا الاقتراب منه، وعرض موهبته عليه دون جدوى، إلى أن ألقى ذات مرة ورقة داخل سيارته تحمل كلمات أغنية "عرباوى" ورقم هاتف القهوة التى توجد بجوار منزل "أبو عتمان" فى "أبو أتاتا"، وبالفعل جاءت المكالمة المنتظرة، وبدأت أهم أحلام "أبو عتمان" فى التحقق.. صوت رشدى يشدو بكلماته.
السينما
انتشار رشدى الواسع مهد لدخوله السينما، ليس ممثلًا أساسيًا كما فعل غيره من المطربين، لكن كمغنِ تهتز صالات العرض لصوته القوى، كما قدّم فيلمين من بطولته هما "عدوية، ورد وشوك"، لكنهما لم يحقق نفس القدر من النجاح الذى حققه غيرها، مثل: "فرقة المرح، المارد، الزوج العازب"، ولكن السينما فى المجمل أخذت منه ولم تُعطه.
المنع
فى أوائل السبعينيات مُنع رشدى من الغناء فى الإذاعة بسبب خلافات مع القائمين عليها، لم يجد مفرًا إلا السفر إلى لندن للعمل هناك، واستقبله الفنانون واعتبروه عمدتهم أو الأب الروحي لهم، واستقر هناك سنوات عدة حتى عاد إلى مصر، وراح يشارك فى حفلات التليفزيون ويحرص على حضور مهرجانات الأغنية فى الدول العربية، وغنى ثلاث حكايات مستوحاة من التراث مثل السيرة الهلالية والبطولات العربية القديمة.
المشوار
غنى محمد رشدى، أكثر من 600 أغنية ما بين الشعبى، والعاطفى، والدينى، والوطنى، إلا أنه اشتُهر بالأول، ومن أشهر أغانيه: "طاير يا هوا، عالرملة، كعب الغزال، مغرم صبابة، ميتى أشوفك، وهيبة، يا عبد الله يا أخويا سماح، يا ليلة ما جانى الغالى"، كما غنى عددًا من الملاحم الشعبية الأخرى فى الإذاعة مثل "الميثاق، قصة فلاح، 6 أكتوبر".
تزوج رشدى وأنجب أربعة أبناء، هم "عادل، طارق، سناء، وأدهم"، واشترك فى جميع احتفالات 6 أكتوبر بدءًا من عام 1973 وحتى توقفه عن الغناء عام 2002، وصدر له 25 ألبومًا غنائيًا، ومع تغير وضع السوق الفنى، وتقدم رشدى فى السن، عاد مرة أخرى من خلال ألبوم أخير، بعنوان "قطر الحياة" عام 2004، واستعان فيه بالشاعر مصطى كامل، وقدّم له 5 أغنيات من تأليفه، هي: "أرجوك حبيبى، ارجع تعالى، السعادة، وعهد الله، وقطر الحياة".
الغياب
وفى أبريل عام 2005، وبينما رشدي فى مدينة الإنتاج الإعلامى لتصوير آخر أغنياته "قطر الحياة" (خرجت للنور دون أن يستمع إليها)، أُصيب بالتهاب رئوى وتم نقله للمستشفى، وظل أكثر من 30 يومًا بالعناية المركزة، ولخّص الطبيب المعالج لأسرته حالته فى أواخر أيامه بأنه فاقد الرغبة فى الحياة، لقلة التقدير والاهتمام الذى كان يتوقعه من الدولة ولم يجده، وكان يُردد مقولة: "أنا خدمت البلد 50 سنة غُنا.. هل يُعقل أن رئيسها لا يتصل بى مرة واحدة وأنا لم آخذ منه يومًا مليمًا واحدًا؟"، حسب نجله "طارق" فى حواره مع "إعلام دوت أورج".
وفى مساء الثانى من مايو 2005، فارق دنيانا، وتم تشييع جثمانه فى اليوم التالى إلى جوار مدفن عبد الحليم حافظ، وما زال صوت رشدى المنساب المرن السهل محفورًا فى وجدان الملايين بأغانِ استقت مفرداتها من روح الشعب وطقوسه وتفاصيله، وسيظل رشدي أحد الرموز المضيئة فى تاريخ الأغنية الشعبية العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.