قال الدكتور حسام الإمام المتحدث باسم وزارة الرى في تصريحات خاصة ل"التحرير" إن هناك عددا من اللجان تعمل حاليا على دراسة الآثار السلبية والضارة على مصر نتيجة قيام إثيوبيا ببناء سد النهضة. وأضاف الإمام أن ملف سد النهضة يدار حاليا من خلال وزارة الخارجية، مشيرا إلى أن عددا من الخبراء بالدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا يدرسون الآثار البيئية والاجتماعية والمائية للسد على دولتي المصب مصر والسودان. وحول ما أكده عدد من الخبراء أن إثيوبيا ستحتجز 24 مليار متر مكعب من المياه لتشغيل سد النهضة وأن هذه الكمية ستخصم من حصة مصر قال الإمام "دعونا ننتظر اللجان الفنية التي تعمل الآن حتى تعلن نتائجها ولا نستبق الأمر". في 7 مايو الماضي أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن الاجتماع الفني الذي عُقد على مدى يومين في العاصمة الإثيوبية أديس بابا، وضم وزراء الري وخبراء من مصر وإثيوبيا والسودان، فشل في كسر الجمود الذي يعتري المفاوضات المتعلقة بأزمة سد النهضة الإثيوبي. وقال شكري، في مؤتمر صحفي حينها "هناك دائما من قبل مصر استعداد ورغبة وكان هناك طرح لعدد من الأطروحات التي قد تؤدى إلى كسر هذا الجمود" لافتا إلى أن إثيوبيا تريد أن تجر القضية خارج اتفاق إعلان المبادئ الموقع بينها في مارس 2015". وفي المقابل رد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية ملس ألم، في مؤتمر صحفي، على تصريحات شكري قائلا: "إثيوبيا تأسف من تصريحات الوزير باتهام إثيوبيا بالتسبب في تعثر المفاوضات الفنية لسد النهضة بأديس أبابا في الوقت الذي عبر فيه القادة الثلاثة عن أنهم يتحركون كجسد واحد". ومن قبل ذلك فشل اجتماع مماثل عقد في الخرطوم في السادس من إبريل في الوصول إلى اتفاق حول الدراسات الفنية الخاصة بالسد والآثار المترتبة على إقامته. وتعود بداية أزمة سد النهضة إلى الأول من مايو من عام 2010، حين خرجت إثيوبيا معلنة عزمها على بناء السد، لتبدأ التنفيذ في 28 مايو 2013. وجرت سلسلة طويلة من المفاوضات سعت فيها مصر، لعدم إقامة السد الذي يحرمها من 174 مليار متر مكعب من المياه. وكانت بداية سلسلة المفاوضات في سبتمبر في عام 2011 حين اتفق عصام شرف أول رئيس وزراء بعد ثورة 25 يناير 2011، مع نظيره الإثيوبي ميلس زيناوي، على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء السد الإثيوبي، والتي تشكلت من 10 خبراء مصريين وإثيوبيين وسودانيين و4 خبراء دوليين محايدين. في مايو2013 انتهت اللجنة من عملها وخلصت بعدما رأت بدء بناء السد إلى عدة توصيات مهمة بإجراء دراسات هندسية: تتعلق بارتفاع السد وسعة تخزينه وأمان السد، ودراسات مائية: تتعلق بمواءمة السد مع المياه التي يقف أمامها ونسب التسرب، ودراسات بيئية: تتعلق بعمل دراسات اقتصادية واجتماعية وتأثير ذلك على الدول المحيطة بالسد. ولما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، طلب خلال اجتماعه مع رئيس وزراء إثيوبيا، هيلي ماريام ديسالين، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في 25 يونيو 2014، التي عقدت في عاصمة غينيا الاستوائية "مالابو"، استئناف المفاوضات مرة أخرى. واتفق وزيرا الري المصري والإثيوبي على تنفيذ توجيهات الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي والبدء في مفاوضات بحضور السودان، وتشكيل "لجنة وطنية" لتنفيذ توصيات اللجنة الدولية المشكلة في 2012 من خلال مكتب استشاري عالمي. وخلال القمة الثلاثية بين رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان، في الخرطوم، وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين، وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة". ونص الإعلان على: "تقوم المكاتب الاستشارية بإعداد دراسة فنية عن سد النهضة في مدة لا تزيد على 11 شهرًا، ويتم الاتفاق بعد انتهاء الدراسات على كيفية إنجاز سد النهضة وتشغيله دون الإضرار بدولتي المصب مصر والسودان". وفي ديسمبر 2015 وقع وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا على وثيقة الخرطوم، تضمنت الاتفاق والتأكيد على إعلان المبادئ الموقع من رؤساء الدول الثلاث. وفي المقابل صرح وزير الإعلام والاتصالات الإثيوبي غيتاشو رضا، في مايو 2016، بأن حكومة بلاده توشك على إكمال 70% من بناء "سد النهضة"، وأن ما تم إنجازه يتضمن الأعمال الإنشائية والهندسة المدنية، وتركيب التوربينات وعمليات هندسة المياه. وبعد سلسلة طويلة من المفاوضات المتعثرة أعربت مصر في سبتمبر 2017 عن قلقها البالغ من عدم حسم نقاط الخلاف في التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري. وعادت مفاوضات سد النهضة في17 أكتوبر 2017 حين زار وزير الري موقع سد النهضة الإثيوبي، لأول مرة لمتابعة الأعمال الإنشائية والتحقق من التفاصيل الفنية في إطار أعمال اللجنة الثلاثية الفنية. وفي نوفمبر 2017 استضافت القاهرة على مدى يومين جولة جديدة للمفاوضات بين وزراء الموارد المائية الثلاثة، ولكن أعلنت السودان وإثيوبيا رفض التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات "سد النهضة"، وأكدت مصر عدم التوصل لاتفاق. وأكد وزير الري الدكتور محمد عبد العاطي أن عدم التوصل لاتفاق يثير القلق على مستقبل التعاون ومدى قدرة الدول الثلاث على التوصل للتوافق المطلوب بشأن سد النهضة وكيفية درء الأضرار التي يمكن أن تنجم عنه بما يحفظ أمن مصر المائي. واقترح وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه نظيره الإثيوبي في ديسمبر 2017، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بأن يشارك البنك الدولي كوسيط محايد في أعمال اللجنة الثلاثية، التي تبحث في تأثير إنشاء سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصبّ، مصر والسودان. ولكن رفضت إثيوبيا في يناير 2018 المقترح المصري بإشراك البنك الدولي في مفاوضات سد النهضة. وفي 13 مارس 2018 أعلن السفير السوداني لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، عن توجيه الخرطوم دعوة رسمية للجانب المصري، لعقد اجتماع ثلاثي لوزراء الخارجية والري ومديري أجهزة المخابرات في السودان وإثيوبيا ومصر، بشأن سد النهضة، في يومي 4 و5 إبريل الجاري بالخرطوم والتي انتهت بالفشل. وكان موعد آخر قد أخفقت فيه جولة جديدة من المفاوضات في منتصف إبريل الماضي، بعد 17 ساعة من مفاوضات كانت تستضيفها العاصمة السودانية الخرطوم، لإجراء محادثات بشأن مخاوف مصر من سد النهضة، ومحاولة الوصول إلى اتفاق مشترك. وأعلن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، رفع اجتماع اللجنة الثلاثية الخاصة بسد النهضة دون الوصول إلى توافق أو الخروج بقرار مشترك، لكنه وصف المحادثات بأنها كانت "بناءة ومهمة"، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية في السودان. وأشار وزير الخارجية السوداني إلى أن الأطراف ما زالت على خلاف بشأن قضايا فنية، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل. كما أعلن سامح شكري وزير الخارجية، عدم الوصول إلى اتفاق في جولة المفاوضات، وقال في تصريحات صحفية، إن المشاورات كانت شفافة وصريحة، وتناولت كل الموضوعات ولكن لم تسفر عن مسار محدد ولم تؤت نتائج محددة يمكن الإعلان عنها. وكانت المفاوضات تتركز حول اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات التي يجريها المكتبان الاستشاريان الفرنسيان، والذي سبق ورفضت السودان وإثيوبيا الموافقة على التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات "سد النهضة"، بينما وافقت مصر على التقرير في جولة المفاوضات السابقة نوفمبر 2017. واختتم الاجتماع الثاني لمجموعة العمل البحثية العلمية المستقلة والتي تضم خبراء وأكاديميين من دول السودان ومصر وإثيوبيا أعماله في الخرطوم الأحد الماضي، بعد مناقشة خيارات واستراتيجيات ملء بحيرة سد النهضة، حيث قدم السودان ومصر ملاحظاتهم حول المقترح الإثيوبي لطريقة ملء بحيرة سد النهضة والذي قدمته إثيوبيا في الاجتماع الأول للمجموعة العلمية في القاهرة. وقد اتفقت الأطراف الثلاثة على أن تقوم مجموعة الباحثين الإثيوبيين بالرد على ملاحظات الدولتين في الاجتماع القادم بأديس أبابا يومي 21 و22 يوليو القادم. وقال رئيس الاجتماع الثاني في الخرطوم المهندس مستشار خضر قسم في تصريح صحفي عقب الاجتماع: "إن روحًا ودية سادت المداولات العلمية للمجموعة اتسمت بالاستناد إلى الحقائق، مما مكن الاجتماع من الوصول إلى مخرجات اتفق عليها وفق الجدول الزمني والأجندة المحددة". يذكر أن مقترح تكوين هذه اللجنة العلمية قدم في الاجتماع التساعي بمشاركة وزراء الخارجية والموارد المائية وقادة المخابرات للدول الثلاث في الخرطوم في 6 إبريل 2018 م، وتم تضمينه في وثيقة مخرجات الاجتماع التساعي الثاني في أديس أبابا في 15 مايو 2018.