تحتفل دول العالم، في الثاني عشر من يونيو من كل عام، باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، تحت رعاية منظمة العمل الدولية، ويهدف إلى "توجيه الانتباه إلى محنة الأطفال العاملين، على أمل أن يتمكنوا يومًا ما من إنهاء جميع أشكال عمالة الأطفال التي قد تكون موجودة في العالم اليوم". ووفقًا للأمم المتحدة، أكثر من 218 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا يعملون في جميع أنحاء العالم، أكثر من 152 مليون من هؤلاء الأطفال هم ضحايا عمل الأطفال، وتتراوح بين العمل القسري، والعبودية بسبب الديون والعبودية، والدعارة أو الأنشطة غير المشروعة. 73 مليون منهم يعملون في بيئات خطرة من المحتمل أن تؤدي إلى إصابات بدنية أو عقلية وأضرار، حيث تبلغ نسبة الأولاد من الأطفال العاملين نحو 58٪، يعمل 62٪ منهم في بيئات عمل خطرة. ولم تكن عمالة الأطفال غائبة عن الدول العربية، بل على العكس، كانت الدول العربية على قائمة الدول التي تشهد أكبر نسبة لعمالة الأطفال حول العالم. ففي اليمن مثلا أشار تقرير أعدته الحكومة اليمنية بالتعاون مع منظمات دولية من بينها منظمة العمل الدولية، إلى وجود نحو مليون وثلاثمائة ألف طفل في سوق العمل من أجل مساعدة أسرهم ماديًا. وأضاف التقرير أن من بين هؤلاء 469 ألفا تتراوح أعمارهم ما بين خمسة إلى 11 عامًا، موضحًا أن 21% من الأطفال في اليمن يعملون، والبعض منهم يعمل في مجالات لا تتناسب مع أعمارهم. اقرأ المزيد: صور| من يراقب عمالة الأطفال فى «شق التعبان»؟ وفي مصر، بلغ حجم عمالة الأطفال وفق تقديرات منظمة العمل الدولية نحو ما يقرب من 2.2 مليون طفل، بنسبة تصل إلى 26%. ووفقا لآخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لسنة 2013، فإن حجم عمالة الأطفال يبلغ نحو 1.6 مليون طفل، منهم 83% يعملون في الريف مقابل 16% بالمدن. وأشارت مجلة "فوربس" الأمريكية، إلى أن منظمة العمل الدولية تعتبر أن عمالة الأطفال بين الفتيات قد تكون منتشرة، ولكنه قد لا يتم الإبلاغ عنها، خاصة عندما تعمل الفتيات كخادمات في المنازل. وأضافت أن من بين الأطفال الأكثر عرضة للخطر الأطفال المنتمون إلى مجموعات الأقليات، والأطفال المحرومون أو الذين يتعرضون للتمييز أو المضطهدين. ويميل البعض إلى إظهار عمالة الأطفال على أنها مفيدة، حيث يزعمون أنها تساعد بعض الأطفال على ضمان حصولهم على المأوى والطعام الذي لن يكون متاحًا لهم. وترى المجلة أن هذا الرأي ينتقص من قضيتين مهمتين، أولاً، أن لعمالة الأطفال تأثير سلبي على جميع جوانب حياة الأطفال، حيث تؤثر بشكل بالغ على الصحة العقلية والبدنية للأطفال. اقرأ المزيد: «عمالة الأطفال».. جريمة إنسانية تهدد الوطن.. والأجهزة الرقابية غائبة كما يكون لبعض أشكال العمل تأثير ضار على صحة الأطفال ورفاهيتهم، وغالبا ما يكون لها تأثير دائم على صحتهم، عندما يعمل الأطفال في بيئات خطرة. ويُمنع الأطفال العاملون من الحصول على التعليم الذي يساعدهم في بناء مستقبل أفضل مما يعيشون فيه، وعلاوة على ذلك، لا يحصل الأطفال العاملين، في كثير من الأحيان، على الرعاية الطبية وغيرها من المساعدة السلوكية والإدراكية التي قد يحتاجونها، حيث يتعرض الكثير منهم للإساءة أو الابتزاز أو ما هو أسوأ. ثانيًا، أن القبول بعمل الأطفال يتجاهل الأوضاع التي غالبًا ما تجبر الأطفال على القيام بالعمل في المراحل المبكرة جدًا من تطورهم، حيث تقول اليونيسف: إن "عمالة الأطفال تعزز دورات الفقر بين الأجيال، وتقوض الاقتصادات الوطنية وتعوق تحقيق التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة". ولمعالجة قضية عمالة الأطفال، في عام 2002، أطلقت منظمة العمل الدولية، اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، ويتم الاحتفال به سنويًا في 12 يونيو، ويهدف هذا اليوم إلى زيادة الوعي بمسألة عمل الأطفال وإيجاد جهد منسق للقضاء عليه. إلا أن هذا اليوم يستغل في أهداف أكثر من ذلك، حيث يركز اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال لهذا العام على الحاجة العالمية لتحسين صحة وسلامة العمال الشباب وإنهاء عمالة الأطفال. حيث تعمل منظمة العمل الدولية على مكافحة عمالة الأطفال منذ أكثر من 16 عامًا بعد إنشاء اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، كما كان إلغاء عمل الأطفال أحد الأهداف الرئيسية لمنظمة العمل الدولية عند انشائها في عام 1919، إلا أنه بعد 99 سنة، لم يتحقق الهدف بعد، وسط المزيد من الإحصائيات التي تشير إلى أن الطريق للقضاء على عمالة الأطفال سوف يكون أطول. اقرأ المزيد: بعد هجوم الأهالي عليه.. هل انتهك محافظ كفر الشيخ قانون عمالة الأطفال؟ وعندما اعتمدت أهداف التنمية المستدامة في عام 2015، أدرجت التزامًا عالميًا بإنهاء عمل الأطفال، حيث تدعو أحد أهداف التنمية المستدامة المجتمع الدولي إلى "اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على العمل القسري وإنهاء الرق الحديث والاتجار بالبشر وضمان حظر وإزالة أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيد الأطفال واستخدامهم، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله، بحلول عام 2025". وقالت "فوربس": إن "الأعداد الكبيرة المقلقة من الأطفال المنخرطين في العمل والنضال المستمر للقضاء على هذه الممارسة يوحي بأننا بحاجة إلى فعل المزيد". وعلى الرغم من إحراز بعض التقدم على مر السنين، كان التقدم بطيئًا للغاية، حيث تشير اليونيسف إلى أن النظر في المعدلات الحالية، بحلول عام 2020 سيظل هناك أكثر من 100 مليون طفل يعانون من عمالة الأطفال. وأكدت أن العالم بحاجة إلى معالجة الظروف التي تدفع الأطفال اللجوء إلى العمل، في سن مبكرة جدًا، بدلًا من الحصول على فرص التعليم والعمل نحو مستقبل أفضل. بالإضافة إلى بناء بيئة توفر المزيد من الحماية للأطفال، وتسمح لهم بأن يكونوا أطفالًا، بدلاً من أن يصبحوا بالغين قبل وقتهم، وتوفير الرعاية والتعليم التي من شأنها أن تتيح لهم الحصول على مستقبل مزدهر.