احتفل المسلمون في الصين ببداية شهر رمضان، الخميس الماضي، وسط استعدادات من السلطات الحكومية في البلاد لاستقبال الشهر الكريم. حيث أشارت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، إلى أن المدن في جميع المقاطعات الصينية، استعدت بعدد من التدابير التي تشمل السلامة من الحرائق ومراقبة الأغذية، وتدابير الأمن العام. وقال موقع الحكومة على الإنترنت إن السلطات الدينية في مدينة "مانشان" بمقاطعة "آنهوي" شرقي الصين، أمرت بإجراء تفتيش أمني بما في ذلك فحص شامل للمياه والكهرباء ومعدات الإطفاء ومخارج الأمان في المساجد. وصرح مسؤول من مكتب القضايا الإسلامية في لجنة "شانغهاي" للشؤون العرقية والدينية، ل"جلوبال تايمز" أن السلطات الدينية في المدينة اتخذت إجراءات لضمان أن تكون الأنشطة الدينية "محدودة داخل المساجد، ولا تزعج العامة، وأن تقام بطريقة آمنة ومنظمة". وقالت لجنة "شانغهاي" للشؤون العرقية والدينية إن هذه الخطوة تهدف إلى التأكد من احتفال المسلمين في المدينة بشهر رمضان بشكل "سلمي ومبهج"، وكذلك بعيد عيد الفطر في نهاية شهر رمضان. اقرأ المزيد: الصين تحظر أسماء صدام وبن لادن وعرفات في مناطق الأيجور وذكر موقع اللجنة على الإنترنت أن السلطات الدينية في شنغهاي، تطلب المسلمين البالغ عددهم في المدينة 127 ألف مسلم، على التسجيل قبل حضور المناسبات الدينية. معسكرات «غسيل مخ» إلا أن وضع المسلمين في الصين ليس ورديًا كما تصوره الصحيفة الصادرة باللغة الإنجليزية، والتابعة للحزب الشيوعي الحاكم في البلاد. فبعد يومين من بداية شهر رمضان، نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، تقريرًا يرصد أوضاع المسلمين في البلد الشيوعي التي لا تشجع المواطنين على الإيمان بالأديان. حيث أشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن الحكومة الصينية اعتقلت العديد من المسلمين من أجل إعادة تعليمهم التعاليم الشيوعية، وأجبروا على تناول لحم الخنزير وشرب الكحول، وفقا لسجين سابق في معسكر الاعتقال. وقال عمير بكالي، أحد الأشخاص الذين قُبض عليهم، والذي قد يصل عددهم إلى مليون شخص، إنه احتجز في معسكرات إعادة تعليم جماعية، دون محاكمة أو الاتصال بمحامٍ وأُرغم على التنصل من معتقداته، والإشادة بالحزب الشيوعي. اقرأ المزيد: أتراك يتظاهرون احتجاجًا على سوء معاملة الصين ل«اليوغور» المسلمين ويعيش نحو 21.67 مليون مسلم في الصين، وفقًا لتعداد عام 2009، ولأرقام إدارة الشؤون الدينية في البلاد، وينتشر الإسلام بين العديد من الأقليات العرقية في الصين، بما في ذلك عرقية "هوي"، واليوجور، والكازاخ والأوزبك. ومنذ ربيع العام الماضي، احتجزت السلطات في منطقة "شينجيانج" عشرات أو مئات الآلاف من المسلمين في المعسكرات، بما في ذلك بعض الأجانب، فيما أشار أحد التقديرات إلى أكثر من مليون مسلم. اجتاحت حملة الاعتقال منطقة "شينجيانج"، التي تبلغ مساحتها نصف مساحة الهند، وتجنب المسؤولون الصينيون الحديث عن هذه المعسكرات، إلا أن بعضهم صرح لوسائل إعلام حكومية أن هناك حاجة لتغييرات أيديولوجية لمحاربة النزعة الانفصالية والتطرف الإسلامي. وأضاف المسؤولون أن المسلمين اليوجور المتطرفين قتلوا المئات في السنوات الأخيرة، وتعتبر الصين المنطقة تهديدا للسلام في بلد غالبية سكانه من قومية "الهان" الصينيين. وأشارت "الإندبندنت" إلى أن برنامج الاعتقال يهدف إلى تغيير الأفكار السياسية للمحتجزين، ومحو معتقداتهم الإسلامية وإعادة تشكيل هويتهم. اقرأ المزيد: رمضان في سوريا تحت الأنقاض.. موائد الإفطار بنكهة الدمار وتوسعت المخيمات بسرعة خلال العام الماضي، مع عدم وجود أي إجراءات قضائية أو أوراق قانونية، حيث يكافأ المعتقلون الذين يتخلون عن معتقداتهم، ويعاقب من يرفضون ذلك بالحبس الانفرادي والضرب والحرمان من الطعام. انتقاد أمريكي من جانبها أصدرت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية، بيانًا عشية بداية شهر رمضان، انتقدت فيه حملة الحكومة الصينية المتزايدة على المسلمين اليوجور في منطقة شينجيانج المتمتعة بالحكم الذاتي، حيث يقيم غالبية اليوجور. قائلة إن السياسات التي تنتهجها الحكومة الصينية والضوابط الأمنية المتطفلة، تمنع المواطنين المسلمين من ممارسة حقوقهم الأساسية وشعائر عقيدتهم، بما في ذلك خلال شهر رمضان. وصرح دانييل مارك رئيس اللجنة "أن القيود التي تفرضها الحكومة الصينية على المسلمين اليوجور هي محاولة لطمس هوية أقلية دينية وعرقية محاصرة، وذلك من خلال تثبيت كوادر الحزب الشيوعي في مناطق اليوجور، واحتجاز عدد لا يحصى من الأبرياء في معسكرات إعادة تعليم خارج نطاق القضاء". وأشارت اللجنة إلى أنه بالإضافة إلى القيود التي فرضت منذ وقت طويل على ممارسة المسلمين اليوجور شعائرهم خلال شهر رمضان، مثل المنع من الصيام والصلاة، فإن الحكومة الصينية أقامت شبكة أمنية كبيرة في جميع أنحاء "شينجيانج" وأنشأت نقاط التفتيش المسلحة، ومراقبة الهاتف المحمول. اقرأ المزيد: اللاجئون في اليونان.. ليسوا بمفردهم في رمضان وعلاوة على ذلك، تسعى الحكومة الصينية إلى إعاقة نمو الجيل القادم من مسلمي اليوجور من خلال حظر تعليم اللغة الأويجورية في المدارس، ومنع الأطفال من الذهاب إلى المساجد، وتحريم أسماء الأطفال المسلمين. الصيام ممنوع ودروس «الاشتراكية» في المساجد وفي سياق متصل قال "راديو آسيا الحرة" إن السلطات في "شينجيانج" تحاول منع اليوجور المسلمين من الصيام والصلاة خلال شهر رمضان من خلال إرسال المسؤولين الصينيين إلى منازلهم، للتأكد من عدم ممارستهم الشعائر الدينية، وتجبرهم على تناول الطعام، وتوجه للممتنعين عن تناول الطعام والشراب تهمة ممارسة "الصوم غير الشرعى". وأضافت أن المقاطعة ألزمت المدارس ودور رياض الأطفال بتوقيع اتفاقيات تضمن عدم صيام أي من العاملين بها، كما تراقب السلطات هواتف الطلاب وحساباتهم على تطبيقات الدردشة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي. وفي سياق سيطرة البلاد على المسلمين، قال جين روبن نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية الإسلامية الصينية لصحيفة "جلوبال تايمز" إنه تم إجراء محاضرات بمناسبة شهر رمضان، وكان أولها في مسجد بمقاطعة "شينجيانج" في 11 مايو، حيث ألقى ثلاثة أئمة محاضرات حول القيم الأساسية للاشتراكية. كما أعلنت أكبر هيئة تنظيمية إسلامية في البلاد، عن قرار يلزم جميع المساجد الصينية، برفع العلم الوطني "لتعزيز روح الوطنية" بين المسلمين، في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الشيوعي إلى تشديد قبضته على الدين. وينبغي على المساجد أن تقدم معلومات عن "القيم الاشتراكية الجوهرية" للحزب، وأن تشرحها للمصلين عن طريق القرآن، بحيث تكون "متجذرة بعمق في قلوب الناس".