"العدو أمامنا والبحر من خلفنا هنعمل إيه"، جاءت تلك الكلمات على لسان الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، خلال اجتماعه مع لجنة الخطة والموازنة، السبت الماضي، مبررًا اضطراره مطلع يوليو من كل عام بزيادة أسعار فواتير الكهرباء، والتي بدأت فى يوليو 2014 ومستمرة حتى يوليو 2022، لتلتهم ميزانية ملايين المصريين. وزير الكهرباء، واصل حديثه، معربًا عن أسفه لزيادة الأسعار، قائلًا: ببقي مضايق وأنا برفع الأسعار، كما كشف في مضمون كلمته عن مستحقات وزارته لدى الجهات الحكومية، التي قدرت ب27 مليارا، حسب كلامه، ولم يتطرق للحديث عن مستحقات الوزارة لدى القطاع المنزلي والتجاري، ملوحًا بعدم تراخيه في قطع التيار عن أي مؤسسة حكومية تمتنع عن سداد فواتير الكهرباء. 27.2 مليار جنيه مديونيات الحكومة للكهرباء مستحقات الوزارة لدى الجهات الحكومية، حسب آخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي لوزارة الكهرباء حتى نهاية 30 سبتمبر من العام الماضي، وحصلت "التحرير" على نسخة منها، قدرت ب27.2 مليار جنيه، موزعة ما بين مديونيات على الجهات الحكومية "أوقاف – سياحة – وزارات- إلخ" ومتأخراتها 13573425، أما شركات مياه الشرب والصرف الصحى فبلغت 7859992، والهيئات الاقتصادية 990323، والقطاع العام 752333، وقطاع الأعمال العام 4016824. لم تكشف الإحصائية عن القيمة المالية لمتأخرات الوزارة لدى القطاع المنزلي، كونه يلتهم أكبر قدر من إنتاج الطاقة المولدة يوميًا ب42%، واقع الرقم السابق للاستهلاك اليومي، يشير إلى أن متأخرات القطاع المنزلي رقم "ضخم"، بينما الوزارة رفضت من خلال مصادرها الرسمية الكشف عن متأخراتها لدى القطاع المنزلي، مرددين: معندناش إحصائية عن متأخرات القطاع المنزلي. مصدر مسؤول بالوزارة لفت إلى أن مستحقات القطاع المنزلي لوزارة الكهرباء تقدر ب6.5 مليار جنيه، حتى نهاية العام الماضي، مشددًا على أن القطاع المنزلى رغم زيادات الأسعار المتلاحقة كل عام، فإنه في مقدمة المستوفين لما عليه من مبالغ مالية نظير استهلاكه. الجهات الحكومية تستهلك 4% وتدفع 24.3%.. والمنازل تستهلك 42% وتحصل 94.4% وأوضح المصدر ل"التحرير" نسب التحصيل الخاصة لعدد من القطاعات سالفة الذكر، بدفع قيمة الفواتير فى الفترة من 1 يوليو 2016 الماضى حتى 31 مارس 2017 الماضى، بنسبة تحصيل الجهات الحكومية ب24.3%، وتعدّ فى أدنى مستوى للتحصيل، وتستهلك 4% فقط من إنتاج الكهرباء، أى أنها نسبة لا تقدر بحجم المديونيات عليها، كما أضاف أن نسبة تحصيل شركات المياه والصرف الصحى ب32.4%، ونسبة تحصيل فواتير القطاع العام 57.7%. وكشف المصدر أن نسبة تحصيل فواتير المنازل والمحلات التجارية تقدر ب94.4%، لتعد أكثر الجهات التزامًا بدفع الفواتير، لتوضح التزام المواطنين بدفع الفواتير رغم الزيادات السنوية، إلا أن الحكومة والجهات التابعة لها لا تدفع ما عليها من أموال لصالح قطاع الكهرباء. مين يقدر يقطع الكهرباء عن المؤسسات الحكومية؟ هل بدأت وزارة الكهرباء قطع التيار عن عدد من القطاعات الحكومية الممتنعة عن دفع فواتير استهلاكها من الكهرباء، حسب ما ردده وزير الكهرباء بالبرلمان؟ سؤال طرحته "التحرير" على المصدر المسؤول، ليرد باقتضاب يصاحبه نبرة تهكم "هو مين يقدر يقطع الكهرباء عن المؤسسات الحكومية.. منقدرش نقطع الكهرباء عن الحكومة.. وكلام الوزير حماسي مش أكتر". لم نكتفِ بكلام المصدر، بل تواصلنا مع من هم أكثر اقترابًا من المواطن والجهات الحكومية في تحصيل الفواتير لتكون إجابتهم كاشفة عن هل يُقطع التيار عن الممتنعين، من الجهات الحكومية كانت أو المنزلية؟. الامتناع عن دفع فاتورة المنازل أحمد أبوهشمية، رئيس الشؤون التجارية بإدارة الهرم للكهرباء، إحدى الإدارات التابعة لشركة جنوبالقاهرة لتوزيع الكهرباء، والذي قال: من يتأخر عن دفع فواتير الكهرباء لأكثر من ثلاثة أشهر، أو تتخطى قيمة الفاتورة الخاصة به ال1000 جنيه، ويمتنع عن دفع الفواتير في كلتا الحالتين، يتم إنذاره لمدة 7 أيام. وفي حالة الرفض، حسب أبو هشيمة، وعدم حضور المشترك لمقر الفرع لسداد أو عمل طلب جدولة مالية لتقسيط القيمة، يتم رفع العداد، وتحرير محضر بسرقة التيار، وعند عودة المشترك للسداد، يتم أولًا: دفع القيمة المستحقة عليه سابقًا، ويركب عداد مسبوق الدفع له "بكارت شحن"، نظير دفع 50 شهريًا حتى سداد 900 جنيه - قيمة العداد الأحادى مسبوق الدفع - وبسؤاله عن نسب تحصيل القطاعات الحكومية، فلفت إلى أن التعامل مع الجهات الحكومية يخص قطاع كبار المشتركين بمقر الشركة الرئيسي ب 26 يوليو بوسط البلد. صلاح عمار، رئيس قطاع كبار المشتركين بشركة جنوبالقاهرة، قال إن الشركة في حالة تأخر الجهات الحكومية عن دفع الفواتير، يتم إرسال مكاتبات وإنذرات عديدة لهذه الجهات، لحين عمل تسوية أو جدولة، ولكن لا يتم قطع التيار، ولم نقطع التيار عن أي جهة حكومية. قطع التيار عن الحكومة وتأتي شركة جنوبالقاهرة في مقدمة شركات التوزيع المدينة للجهات الحكومية والمنزلية بقيمة تخطت ال6 مليارات جنيه، لتكون من المفترض هذه الشركة في مقدمة من يطبق قرار وزير الكهرباء بقطع التيار عن الجهات الحكومية. بينما هذا لم يحدث، حسب ما أفاد به عمار ل"التحرير"، قائلا: لم أقطع التيار قبل كده عن الحكومة.. بس قطعت التيار كتير عن القطاع الصناعي «ورش – مصانع»، ليكون في الختام حديث وزير الكهرباء، ما هو إلا تصريحات إعلامية، بينما العقاب يقتصر على المواطن دون الحكومة.