«أنت أقوى من المخدرات».. شعار رفعه محمد صلاح، نجم المنتخب الوطني والمحترف ضمن صفوف فريق ليفربول الإنجليزي، في حملته الأخيرة، لتوعية الشباب بمخاطر الإدمان وتعاطي المخدرات، حيث يعد الإدمان أحد العادات التي تدمر حياة الفرد، ولا يتوقف أثر الإدمان على المتعاطي فقط، بل يمتد لأسرته وعمله ومجتمعه، وقد يؤدي لوفاة المدمن في بعض الأحيان، وما يسبقه من فقدان الأصدقاء والأهل والأبناء والعمل، وهي أشياء لا يعرف المتعاطي قيمتها إلا بعد فوات الآوان فلماذا يلجأ البعض للإدمان؟ وهل العلاج وحده يكفي؟ تتعدد أسباب تعاطي الشخص للمواد المخدرة، ومن هذه الأسباب ما ذكره حسن أحمد شحاتة في كتابه "التدخين والإدمان وإعاقة التنمية"، ومنها: 1- تعد التجربة وحب الاستطلاع هي الباب الأول والأوسع لدخول الفرد إلى عالم التعاطي والمخدرات، وهناك الكثير من الأسباب التي تقف وراء تجربة الشخص لهذه المواد، وأهم ما يتحكم في استمرار الفرد في التعاطي هو إرادته، والتي تمكنه من التوقف قبل فوات الأوان والتي أحيانا تكون سببا في استمرار الفرد في هذه الدائرة، ومن هنا يمكنك حماية ابنك من الإدمان إذا كان في سن المراهقة. 2- في بعض الحالات يكون الأصدقاء هم السبب الرئيسي لدخول الفرد إلى عالم الإدمان، وذلك لعرضهم عليه أن يجرب، ويساعدوه على الاستمرار في التعاطي من خلال توفير هذه المواد له أو إرشاده إلى طرق الحصول عليها وكيفية تعاطيها. 3- يلعب القلق والتوتر والضغوط التي يعاني منها الفرد دورا هاما في تعاطيه لهذه المواد نتيجة لتأثيرها الذي يقلل القلق ويسبب الاسترخاء وعدم الانتباه للضغوط وأسبابها، وبالتالي كلما يشعر الفرد بهذا التوتر والقلق يلجأ إلى هذه المواد المخدرة للحصول على الراحة والهدوء. 4- علاقة الفرد بأسرته تلعب دورا هاما في اتجاهه إلى التعاطي، فعندما يكون الفرد على خلاف دائم مع زوجته أو والديه، فإنه من السهل أن يجد الراحة والاسترخاء والاستمتاع عندما يتناول المخدرات، وهو ما لا يجده عندما يكون مع أسرته. 5- المجتمع له دور كبير في تعاطي الفرد للمخدرات، وخاصة عندما يرى المجتمع أن تقديم مثل هذه المواد أحد أشكال الكرم للضيف أو أحد الطقوس الأساسية التي يجب أن تتم في مناسبات مثل الأفراح والأعياد. هناك كثير من التغيرات التي يمكن أن نلاحظها على المتعاطي، والتي أشار إليها عبد الهادي مصباح في كتابه "الإدمان"، ومنها: 1- يبدو المتعاطي شاحب الوجه وعينه حمراء كما أنه يحاول إيجاد الأعذار المتكررة لتناول الأدوية، والتي هي المواد التي يتعاطاها، كما يحاول تناول هذه المواد بمفرده أو في معزل عن الآخرين. 2- يحاول المتعاطي الانعزال والابتعاد عن الآخرين في الأسرة أو حتى أصدقائه القدامى، وخاصة الذين لا يشتركون معه في تعاطي المخدرات أو يعارضون تعاطيه للمخدرات، حتى لا يمنعه أحد منهم من التعاطي وينضم للذين يتعاطون معه أو يوفرون له المواد التي يتناولها. 3- يخاف المتعاطي كثيرا من اختفاء هذه المواد من متناول يده ويحارب كثيرا للوصول إليها ويصبح مستعدا للمجازفة وتعريض نفسه للخطر للوصول إليها وتأمين توافرها حتى لا يتعب إذا احتاج لها. 4- تقل قدرة المتعاطي على التركيز والانتباه، ويكون إدراكه لما حوله من أشياء غير سليم، وبالتالي تقل قدرته على العمل والإنتاج وتضعف قدرته على التفكير وتقل قدرته على الإبداع، وبالتالي تكثر أخطاؤه في العمل ويزداد غيابه عنه، ويفقد ثقته بنفسه ويفقد عمله أيضا في بعض الحالات. 5- نتيجة للنقاط السابقة يفقد المتعاطي بالتدريج قدرته على القيام بمسؤولياته في العمل وتضيع مسؤولياته وواجباته نحو أسرته من واجبات مادية ومعنوية تجاه زوجته وأولاده، وواجبات أخلاقية من توفير قدوة حسنه لأولاده. أما عن علاج المتعاطي، فقد تحدث عنه محمد حسن غانم، أستاذ علم النفس المساعد بجامعة حلوان، في كتابه "العلاج والتأهيل النفسي والاجتماعي للمدمنين"، ويشمل ما يلي: 1- يحتاج المتعاطي إلى الإرادة القوية لاتخاذ قرار التوقف عن التعاطي لأنه دون الإرادة القوية لن يستطيع تحقيق الخطوة الأولى، وهي الامتناع عن التعاطي والابتعاد عن هذه المواد والالتزام بالعلاج الذي يجب أن يستمر عليه حتى يتخلص جسمه من أثر هذه المواد السامة. 2- لا يتوقف علاج الفرد المتعاطي على العلاج الدوائي فقط ولا تنتهي فترة العلاج بانتهاء سحب المادة المخدرة نهائيا من جسم المتعاطي، ولكن تبدأ مرحلة أخرى تسمى التأهيل، وهي الإجراءات التي تعد الفرد نفسيا واجتماعيا لممارسة دوره الاجتماعي والمهني بشكل طبيعي. 3- التأهيل لا يساعد المتعاطي على العودة إلى حياته التي كانت تسبق الإدمان، إنما تساعده على التوقف عن أسلوب حياته السابق الذي انتهى به إلى إعاقة حياته المهنية والأسرية ووصل به إلى مرحلة الإدمان للمواد المخدرة. 4- التأهيل يساعد المدمن المتعافي على اكتساب مهارات اجتماعية هامة، تمكنه من التفاعل بشكل سليم داخل المجتمع ومع الآخرين، ويساعده على استمرار حياته بشكل سليم وتحقيق أهداف تكسبه الثقة بنفسه وتساعد على استمراره في الابتعاد عن المواد المخدرة. وأخيرًا.. العلاج وخروج المادة السامة من الجسم وحدهما لا يكفيان للتوقف عن تعاطي المخدرات، فلا بد من تغيير نمط حياتك السابق حتى لا يؤدي بك للعودة مرة أخرى إلى هذه الدائرة اللعينة والتي تنجو منها بمعجزة.