في مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه عن وثائق من الأرشيف النووي الإيراني، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إيران كانت تسعى إلى الحصول على قنبلة نووية. إلا أن صحيفة "هآارتس" العبرية، أشارت إلى أن إيران كانت قريبة، على مدار أكثر من أربعة عقود، من تطوير سلاح نووي، لكنها لم تقم بذلك، وذلك ليس لأنها لم تصل إلى التكنولوجيا اللازمة لذلك، على العكس، يمكن لإيران، التعامل مع التحدي التكنولوجي بسهولة. حيث كانت إيران على بُعد بضعة أشهر فقط من إنتاج القنبلة النووية الأولى، عشية توقيع الاتفاقية النووية مع القوى العالمية في عام 2015. وأضافت أن إسرائيل لم تكن هي التي منعت إيران من الوصول إلى تطوير سلاح نووي، وقد يكون لإسرائيل دور في تصعيب الأمر على الإيرانيين من خلال التخريب والعرقلة والترهيب، لكن هذا ليس ما منع إيران من تطوير سلاح نووي، كما أن العقوبات التي فرضها العالم على البلاد، جعلت الأمر أكثر صعوبة، لكنها لم تكن هي التي منعتها أيضًا. اقرأ المزيد: كيف يؤثر انسحاب أمريكا من «الاتفاقية النووية» على إسرائيل؟ وأكدت أن إيران لم تطور سلاحا نوويا لأنها قررت أنها ليست ضرورة وطنية، حيث إن الاعتقاد الإسرائيلي السائد بأن إيران مصممة على أن تصبح دولة نووية، يعكس سياسة الخوف التي طورها نتنياهو لمصلحته السياسية، لكنه لا يعتمد على أدلة واقعية. وفي الواقع، فإن معركة إيران المستمرة مع عدد من الدول حول القضية النووية لم تكن معركة حول القنبلة النووية نفسها، بل حول مدى قربها من الوصول إلى القدرة لتطوير قنبلة نووية. إيران نفسها لم تشر علانية أبدا إلى حقها في تطوير سلاح نووي، وبدلا من ذلك أكدت حقها في تخصيب اليورانيوم كدولة غير نووية، وموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. لقد نظر كثيرون إلى حقيقة أن إيران طورت "مجموعة أسلحة" خلسة، كدليل على تصميمها على تطوير أسلحة نووية، ولكن إذا كان لدى إيران النية بالفعل للحصول على أسلحة نووية، لكانت استمرت في أنشطتها النووية، ولكانت قد انسحبت من معاهدة حظر الانتشار النووي منذ فترة طويلة. وامتنعت إيران عن القيام بأي من تلك الخطوات، والتي ترى الصحيفة أنها تعكس حقيقة أن طموحاتها في الحصول على أسلحة نووية قد خفت بدلًا من رسوخها. اقرأ المزيد: «ذا هيل»: أمريكا «خائفة» من إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي وتكمن أهمية الاتفاقية النووية لعام 2015 في أنها عززت وضع إيران غير النووي، حيث تعهدت طهران بعدم تطوير أسلحة نووية طالما كان الاتفاق ساري المفعول. وفي الوقت الذي كانت فيه معاهدة منع الانتشار مبهمة، ولا تحدد الخط الفاصل بين ما هو مسموح وما هو غير مسموح به، فإن الاتفاقية النووية قد حددت ذلك بوضوح. لذا يعتبر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية، أكثر ضررًا على الاتفاقية مما يعتقد، ففرض عقوبات على النظام الإيراني، وكذلك على الكيانات التي تتاجر مع إيران، يمكن أن يؤدي إلى انهيار الصفقة حتى دون انسحاب القوى العالمية الأخرى. كما أن ترامب مستعد حتى لإلحاق ضرر بأسس التحالف مع أوروبا، والذي كان أساس النظام العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فقط ليسيطر على حلفائه الأوروبيين ويجبرهم على الانسحاب من الاتفاق أيضا. وأشارت "هآارتس" إلى أن ترامب مستعد بسهولة لتدمير ما هو موجود دون اقتراح بديل إيجابي، بخلاف موقفه العدواني الغامض، بأن لديه القدرة على دفع إيران إلى التفاوض والتوصل إلى اتفاقية أفضل. إذا أدى انسحاب الولاياتالمتحدة إلى انهيار الاتفاق، فيمكن افتراض أنه من المؤكد أن إيران سترفض طلب ترامب بإعادة التفاوض عليه، ولن ترفض إيران فقط إعادة التفاوض، ولكن من المتوقع أن تدفع طهران إلى التوصل إلى قرار كانت قد امتنعت عنه في الماضي، وهو تطوير سلاح نووي. اقرأ المزيد: 3 أزمات سياسية تلاحق ترامب بعد انسحابه من اتفاق إيران النووي حيث أصبح هناك فرضية تقول إن دولة لديها قدرات نووية ستكون قادرة على التصدي للمضايقات الأمريكية - الإسرائيلية، التي تهدف إلى تقليص حجم إيران وإحداث تغيير في النظام في طهران، لذا يمكن اعتبار قرار ترامب هو بداية العد التنازلي للحرب. وفي إسرائيل، ينظر الجمهور إلى قرار ترامب باعتباره إنجازًا كبيرًا لرئيس الوزراء نتنياهو، وينظر إلى ترامب كرئيس يتبنى بالكامل آراء نتنياهو بشأن إيران. وأكدت الصحيفة أنه من المهم أن يدرك الإسرائيليون أن التحالف مع ترامب وإدارته من المرجح أن يُظهر أنه أمر غير جدير بالثقة في وقت قصير، حيث يجب أن تعلم إسرائيل أن موقف ترامب هش للغاية، وأنه قد يجد نفسه في معركة للاستمرار في منصبه خلال الأشهر المقبلة. وإذا كان يُنظر إلى إسرائيل ورئيس وزرائها، في الانتخابات الأمريكية المقبلة، على أنهما قادا ترامب والولاياتالمتحدة إلى سياسة قد لا تكون في صالحها، فإن ذلك لن يكون في صالح إسرائيل.