حالة ارتباك وترقب تسيطر على كثير من أولياء الأمور بعد أن أعلن وزير التربية والتعليم، عن نية الوزارة تطبيق منظومة التعليم الجديد بداية من العام المقبل، يأتي ذلك في ظل عدم وضوح كامل لرؤية وكيفية تطبيق هذا النظام، وما إذا كان سيسهم في تخفيف الضغط عن الطلاب، وهل سيقضي فعلًا على الدروس الخصوصية؟ وقال الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، إن الاستراتيجية الموضوعة لتطوير التعليم التي سيبدأ تطبيقها في سبتمبر 2018، ستتم وفقًا للدستور، مشيرًا إلى أنها تتفرع ل4 محاور هى "تطوير نظام التعليم، وتعديل نظام المرحلة الثانوية، وفتح المدارس اليابانية، والمدارس التكنولوجية بالنسبة للتعليم الفني". جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس الإثنين، بمقر صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، لشرح تفاصيل النظام التعليمي الجديد الذي يبدأ بمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي في سبتمبر 2018. وأضاف "شوقي": تم الاتجاه إلى النظام الجديد، لأن النظام التعليمي القائم لم يؤد الهدف المطلوب منه وفقًا للدستور، وهو ما ترتب عليه تدني تصنيف مصر عالميا، قائلًا: "الدولة اختارت أن تبدأ بالعقول، ولو عندي مدرس كويس ومنهج كويس الطالب هيتعلم لو على الرصيف قبل ما نبني المدارس 5 نجوم، مفيش حاجة اسمها اطلب من الرئيس 100 مليار علشان ابني مدارس و50 مليار أجيب تابلت، لازم نبدأ بالتدريج. الدكتور كمال مغيث الخبير التربوي، قال: لا توجد منظومة تسمى بمنظومة التعليم الجديد والتي تحدث عنها وزير التربية والتعليم، فالمنظومة يكون لها جانب علمي ومكون فكري وأيديولوجية سياسية وتخطيط زمني وطرق تدريس، وليس لدينا في مصر من هذه المنطومة سوى تصريحات وزير التربية والتعليم الصحفية. وأضاف «مغيث»: كل ما تحدث عنه وزير التربية والتعليم هو توزيع التابلت للطلاب وتحويل نظام التعليم في مصر إلى النظام الإلكتروني، ولكن لا توجد إحصائية رسمية صادرة من الوزارة بعدد المعلمين الذين يجيدون التعامل مع التكنولوجيا والتابلت، كما أنه لا توجد إحصائية بعدد المدارس القابلة لتطبيق النظام الجديد من حيث النظام الكهربائي أو الإنترنت، كذلك من الأمور التي تحتاج إلى إجابة من قبل وزير التربية والتعليم: هل تستطيع شركات الإنترنت إمداد هذه المدارس بخدمة مميزة في وقت واحد بما يضمن عدم انقطاع الخدمة في ظل ما نعانيه من سوء خدمة الإنترنت في مصر؟ وتساءل مغيث بقوله: "معرفش بيضحكوا على مين بقولهم منظومة التعليم الجديد". وأشار "مغيث" إلى أن نظام الثانوية التراكمية سيكون أفضل بكثير من التقويم الفجائي من الناحية التربوية ولكن بشرط تطوير منظومة الامتحانات نفسها وطرق وضع الأسئلة، ففي الماضي كانت لدى مصر تجربة مشابهة كانت تسمى "نظام التحسين" وهو النظام الذي كبد الأسر المصرية العديد من الخسائر، حيث ضاعف المصاريف الخاصة بالدروس الخصوصية، فبعد أن كان يتم دفع مبلغ من المال في عام واحد أصبح يدفع المبلغ مضاعفا خلال عامين، وأصبحت المراجعة النهائية تنهش عظم الأسر المصرية. وأكد مغيث أن الاعتماد على الثانوية التراكمية لن يقضى على الدروس الخصوصية، قائلا: "طالما أن التعليم في مصر يعتمد على حفظ المعلومة ستكون هناك دروس خصوصية". وزير التربية والتعليم أكد أنه سيتم تدريب المعلمين على النظام التعليمي الجديد خلال إجازة الصيف على محورين، الأول هو السلوك مع التلاميذ، والمحور الثاني هو تدريبهم على المناهج الجديدة، موضحًا أن الوزارة قامت بشراء محتوى العلوم والرياضيات الأمريكية وترجمتها للغة العربية للاضطلاع بمواد إثرائية للطلاب لحين تخرج الطلاب من المنظومة بشكل أفضل. ولفت وزيرالتربية والتعليم إلى أن الطريقة التي وضع بها هذا النظام تشبه "الكمين" لأي شخص يريد تغيير النظام أو اللعب فيه مستقبلا، لأننا "أغلقنا كل الطرق أمام أي محاولات مستقبلية ولو بعد سنوات لتغيير هذا النظام". وأوضح "شوقى" أن الملتحقين برياض الأطفال بالنظام التعليمي الجديد حين يصلون للمرحلة الثانوية سيتم إلغاء نظام العلمي والأدبي، وسيكون أمامهم مجموعة كبيرة من الاختيارات منها مجموعة اللغات أو التكنولوجيا أو دراسة الروبوتات وتطبيقات الحاسب ومجموعات العلوم. الدكتور أحمد طوبال الخبير التربوي، قال إن الأسس التعليمية عن بعد أو من خلال التكنولوجيا أمر متعارف عليه في جميع دول العالم، وفي عهد الدكتور أحمد زكى بدر في عام 2009 كان هناك عدد من الزيارات إلى الدول الأوروبية للتعرف عن قرب إلى التجربة، من بينها دولة البرتغال والتي تمتلك تجربة رائدة في هذا المجال، حيث قامت بتصنيع التابلت داخل البرتغال، وقامت بتصديره إلى العديد من الدول وتم استخدام التكنولوجيا داخل المدارس بداية من رياض الأطفال، حتى إن الأطفال يستخدمون برنامج الأوفيس والإكسيل في المسائل الحسابية وهذه الأمور من شأنها أن تنمي فكر الطفل. وأضاف "طوبال": الشيء المهم في تطبيق نظام التعليم الجديد هو أن يتم الإعداد الجيد له، وليس بمجرد أن تكون المادة العلمية متاحة على التابلت، والأهم أن يكون الكتاب المدرسي المتاح على التابلت صالحا للتدريس بطريقة إلكترونية، كما يجب تطوير المناهج بما يتناسب مع التطور العصري الحالي، مؤكدًا أنه لا بد أن يكون الطلبة والمعلمون مهيئين لاستخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية، وفي بعض الأحيان يكون المعلم غير مهيأ ومستوى الطلاب أعلى من مستواه بكثير في التعامل مع التكنولوجيا. ولفت "طوبال" إلى أن من العوائق التي سوف تواجه تطبيق نظام التعليم الجديد، ضيق الوقت، فالوقت غير كاف لتطبيق هذه النظم مع بداية العام المقبل، وكان لا بد أن يتم تطبيق هذه النظام على طلاب المرحلة الإعدادية لكي يصبح الطلاب بمجرد وصولهم إلى الثانوية قادرين على التعامل بنظام الثانوية التراكمي. وتابع طوبال: من الأمور مسار الجدل في نظام التعليم الجديد، "الثانوية التراكمية" لأنها سوف تزيد العبء على الطلاب لأن قيام الوزارة بأخذ 6 امتحانات للطالب من أصل 12 امتحانا أمر صعب للغاية في ظل نظام الامتحانات، بنك الأسئلة، صعب للغاية لوجود أعداد هائلة تصل لأكثر من مليون ونصف المليون طالب، تؤدي الامتحان في نفس الوقت إلكترونيا، مضفاً: "معتقدش أننا جاهزون لهذه التجربة فى ظل ضعف النت في مصر". وأوضح "طوبال": لا أعتقد أن نظام الثانوية التراكمية سوف ينجح في القضاء على الدروس الخصوصية، لأن الطلبة في مصر كانوا يحصلون على الأسئلة قبل الامتحانات بساعات ويحصلون على أعلى الدرجات، وسوف يخرج من يحاول الالتفاف على القانون. واستطرد قائلا: إن أولى الدفعات التي سيتم تطبيق نظام الثانوية التراكمية عليها سيزيد الضغط عليهم وعلى أولياء الأمور، لأن المدارس التي تستخدم التكنولوجيا تستخدمها لمدة عام واحد ومن ثم تتوقف، وفي حالة إن تعطلت أجهزت عدد من الطلاب سوف تحدث ضجة كبيرة جدا وستكون هناك مقاومة كبيرة جدا له. ومن مميزات نظام التعليم الجديد حسب قول شوقي، أنه سيعتمد على إعادة استغلال الفراغات بالمدارس والفصول لاستقبال الطلاب الجدد لمراعاة الظروف الاقتصادية للدولة لأن "الشاطرة تغزل برجل حمار". وشدد على أن التدريس سيتم باللغة العربية أول 6 سنوات مع تعليمه اللغة الإنجليزية بجانب اللغة العربية، مشيرا إلى أن الطلاب لن يتعاملوا مع التكنولوجيا قبل الصف الرابع الابتدائي على أن يتم تدريس العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية بدءًا من الصف الأول الإعدادي. وانتقد شوقى حالة التطاول والتشكيك ضد الوزارة بشأن النظام التعليمي الجديد، قائلا: نحن لا نصنع ال"فنكوش" وتابع: المناهج الجديدة التي يتم وضعها تتضمن مواصفات الخريج المطلوب المتطابقة لرؤية 2030 والدستورالمصري. وأكد الدكتور طارق شوقى: "أن المعلمين وطنيون وهيكونوا على قدر كبير من التطوير واللى حابب التطوير هندربه ومش هنقبل أى اعتراض أو تبويظ للخطة مش هنقبل والدولة نفسها مش هتقبل وأقول له احذر"، وتابع: زيادة رواتب المعلمين قرار دولة وليس قرار وزارة ويتعلق بالموازنة.