«يا قطب دائرة الأفلاك خذ بيدي.. وكن أماني في الدارين يا سندي.. يا لهزم القوم كن للقلب ملتفتا.. و اكشف غطاه أبا الحجاج بالمدد».. بأصوات مرتفعة تتجلى روحانيات المديح والذكر وترديد القطبية، إذ يحتفل أهالي الأقصر هذه الأيام بمولد سيدي أبو الحجاج الأقصري، والذي يوافق الرابع عشر من شهر شعبان. أبو الحجاج الأقصري ولد أبو الحجاج الأقصري في العراق لأسرة ميسورة الحال، وعرف عنه التقوى والورع، وينتهي نسبه إلى سيدنا علي بن أبي طالب، وقد انتقل إلى القاهرة ليتقلد مناصب هامة، والتقى بالعديد من أتباع الطرق الصوفية ليصبح من أهم مريدي الشيخ عبدالرازق الجازولي. والتقى الأقصري بالشيخ عبد الرحيم القنائي في محافظة قنا، واستقر بالأقصر وأنشأ مسجدًا، وتخطى عمره ال 90عامًا، حتى توفي في رجب سنة 642 ه، ديسمبر 1244 م، ودفن داخل مسجده في ضريح مخصص له. واتخذ أهالي الأقصر يوم 14 من شهر شعبان، ذكرى للاحتفال بمولده، حيث تبدأ الاحتفالات من أوائل شهر شعبان داخل المسجد وخارجه، لتنتهي بما يسمى بالدورة، فتطوف العائلة الحجاجية بالدفوف ويتبعها الآلاف من مريدي الشيخ بالخيول والجمال المزينة، شوارع المحافظة. حلقات ذكر بالدفوف أحمد العطيفي، أحد زوار ومريدي الشيخ، قال ل«التحرير»: إن حالة من البهجة تسيطر على احتفالات المولد، وتتجلى الروحانيات في حلقات الذكر، التي يؤديها أبناء العائلة الحجاجية والمريدين والزوار، ويردد مجلس العائلة القطبية حبًا في سيدي أبو الحجاج واحتفالًا بمولده. وأضاف العطيفي، أن الاحتفالات تتضمن ذكر لله عز وجل، وقراءة القرآن الكريم، وترتيله من جانب الزوار، وتقام حلقات المدح لآل البيت والرسول الكريم، بالقرب من مقام سيدي أبو الحجاج، وأيضًا تقام جلسات المدح بالدفوف يقوم بها الموالدية أمام المسجد من الخارج. كباب ولحمة محمد عبدالله، أحد أبناء الأقصر، فقال إن جميع أهالي الأقصر يحرصون على تناول الكباب واللحوم، كأحد أهم الموروثات التي اعتادوا عليها، خلال احتفالات مولد سيدي أبو الحجاج وتقديمها للضيوف. وأكد عبد الله، أنه يتم تجهيز كباب المولد بطريقة خاصة من خلال خلط كميات القمح الناعم مع بالبصل والثوم واللحم المفروم، ثم يشكل على هيئة دوائر صغيرة ثم يوضع في الفرن للشوي أو في الزيت للقلي. لبن بالجنزبيل للزوار أما أحمد مصطفى، أحد المريدين، فقال إن الحج الهابوب كبير العائلة الحجاجية، يقدم اللبن بالجنزبيل للزائرين، كما يحرص على توزيع القرفة بالسمسم على المقرئين ومجلس الحجاجية والمتواجدين داخل المسجد. ولفت مصطفى، إلى أن أصحاب الطرق الصوفية يقدمون وجبات العشاء أمام المسجد للزائرين والمغتربين، بالإضافة إلى توزيع وجبات طعام على المساكين والفقراء احتفالا بالمولد. مسيرات بالدفوف والخيول في «الدورة» ويضيف مصطفى جلال الدين، أحد أبناء الساحة الحجاجية، أنه حينما يحين يوم 14 من شهر شعبان، يحتفل الأهالي وأبناء العائلة الحجاجية بمولد أبو الحجاج من خلال مسيرات تطوف بالدفوف والخيول والجمال المزينة في الشوارع المحيطة بالميدان عقب صلاة الظهرة مباشرة. وأشار جلال الدين إلى أن الآلاف من الزوار والمريدين من مختلف المحافظات يأتون خصيصًا للمشاركة في الاحتفال بالمولد، ويضربون بالدفوف، فيما يحمل آخرون المصاحف يتلون القرآن الكريم، والبعض يذكر الله ويمدح الرسول الكريم، بمشاركة مراكب تحملها الجمال بكل مركب نموذج لحرفة معينة.