في الوقت الذي تعيش فيه إيران على وقع الاحتجاجات الشعبية، تلوح في الأفق خلافات داخل الحرس الثوري الإيراني، الذي يعد أكبر مؤسسة اقتصادية صناعية في إيران، إلى جانب مهامه العسكرية الأمنية. طعنات داخلية بيان صادر عن "الحرس الثوري الإيراني" مؤخرا، كشف عن وجود خلافات عميقة في إيران، حيث استعمل البيان عبارات "طعنات داخلية" و"طعنات غير رجولية"، وأكد البيان الذي جاء في ذكرى تأسيس الحرس التاسعة والثلاثين ونشره موقعه الرسمي أنه "يوجد خطوات وتصريحات تضرّ الوحدة وتثير الفرقة، وبأن جهات داخلية تتصف بالجحود توجه طعنات داخلية وغير رجولية، تضعف الحرس الثوري". اقرأ أيضا: «سعيد مرتضوي».. تورط في قتل المتظاهرين وهربه النظام الإيراني وكان البرلماني الإيراني المقرب من الحرس الثوري، وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان جواد كريمي قدوسي، قد اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني ب"تنفيذ أوامر الأوروبيين"، من خلال السعي إلى حل الحرس الثوري. أنباء متضاربة ووسط هذه الخلافات الداخلية، طالعتنا وسائل الإعلام الإيرانية على أنباء متضاربة حول إقالة قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذراع الخارجية لإيران، وذلك بعد خلافاته مع القائد العام للحرس الثوري الإيراني محمد على جعفري. اقرأ أيضا: هل ينقذ النظام الإيراني «التومان» من الانهيار؟ مساء الخميس، نشرت وكالة أنباء "آريا" الإيرانية، خبر إقالة سليماني ونشرت تقريرا يحتوي على اتهامات مبطنة لقاسم سليماني بالفساد وعدم الشفافية، إلا أنها سرعان ما حذفته، كما أكدت أن المرشد الأعلى ينتوي دمج فيلق القدس في الحرس الثوري. بينما نقلت قناة "تهران تايمز" على تلجرام عكس ما قالته الأولى قائلة: "إن المرشد ينوي إقالة محمد علي جعفري من قيادة الحرس الثوري وتعيين قاسم سليماني خليفة له". و"فيلق القدس" هي فرقة تابعة للحرس الثوري الإيراني ومسؤولة في الأساس عن العمليات العسكرية والسرية خارج حدود إيران وفي جوارها الإقليمي. وسليماني واحد من بين عشرة قادة إيرانيين مهمين في الفرق الإيرانية العسكرية المنتشرة على الحدود، كونه من قدامى المحاربين في الحرب العراقيةالإيرانية خلال الثمانينيات، وقاد فيلق "41 ثار الله"، وهو فيلق محافظة كرمان. وعُيِّن سليماني عام 1998 قائدا لفيلق القدس خلفا لأحمد وحيدي، والذي من مهامه إجراء عمليات عسكرية وسرية خارج حدود إيران، وتجنيد ميليشيات في الدول التي ينشط بها لتكون موالية لطهران وتتحرك وفق أوامرها، ومثال على ذلك الميليشيات الأجنبية في سوريا وحزب الله في لبنان. اقرأ أيضا: «استهداف النفط».. ورقة إيرانية جديدة لتهديد أمن الخليج مرحلة ما بعد خامنئي من جانبه، يرى المحلل محمد عبادي مدير مركز "جدار" للدراسات، أن الخلافات داخل الحرس الثوري ليست عميقة، فهي مؤسسة متماسكة، والخلاف فيها يكون خلاف تنوع، فالحرس الثوري الآن مشغول بمرحلة ما بعد المرشد الإيراني علي خامنئي المريض والمتوقع وفاته في أي وقت. وأضاف "عبادي" في تصريحات خاصة ل"التحرير"، أن الحرس الثوري يسعى الآن إلى جمع كلمته، خشية تكرار انتفاضة نهاية العام الماضي، وحدوث حالة انفلات بالبلاد. وتابع "هناك معلومات يتم تداولها داخل الأوساط السياسية في إيران، بإمكانية انقلاب الحرس الثوري على السلطة، وتشكيل حكومة عسكرية، وإحكام القبضة الأمنية على البلاد بالحديد والنار، خصوصا في ظل الأوضاع الداخلية السيئة والأوضاع الخارجية الأكثر سوءا المتمثلة في محاولات أمريكا هدم الاتفاق النووي، ونذر الحرب بين طهران وإسرائيل انطلاقا من الأراضي السورية". ضربة استباقية وبسؤاله عن الأنباء التي تتحدث عن إقالة قاسم سليماني، أكد مدير "جدار"، أن ذلك "غير ممكن طبعا"، مشيرًا إلى أن سليماني ربما يعد الرجل الأول في البلاد الآن، وهو من يدير جمهورية إيران في الخارج من خلال إدارة المليشيات العسكرية ومتابعة الأوضاع في دول الجوار من العراق إلى سوريا واليمن وغيرها". اقرأ أيضا: بعد «إهانة القومية العربية».. «الأحواز» ينتفضون ضد النظام الإيراني واختتم عبادي قائلا "لكن ربما يكون لدى رجال خامنئي علم بمخططات الحرس الثوري الطامع في السلطة، فيسعى إلى توجيه ضربة استباقية بإقالة عدد من جنرالات الحرس، لكن في النهاية لن يستطيع خامنئي مجابهة نفوذ رجالات الحرس، وإن أصر خامنئي على الصدام مع الحرس، فهذا ربما يعجل بالانقلاب على سلطته في البلاد". "رئيس جمهورية عسكري" ومؤخرا تداولت وسائل الإعلام الإيرانية تصريحًا يفيد أن الرئيس حسن روحاني قد لا يكمل ولايته الحالية، مشيرة إلى أن الحرس الثوري يسعى لتحقيق رغبة مكتومة لتسلم السلطة في البلاد. وتناولت الكاتبة مهسا جزيني، موضوع الصراع بين الحرس الثوري وروحاني في مقال تحليلي مطول تحت عنوان "رئيس جمهورية عسكري"، وفي ذلك إشارة إلى ما جاء على لسان رئيس المجلس التنسيقي لقوات الباسيج، حسين الله كرم، الذي صرح بضرورة تولي الحرس الثوري منصب رئاسة الجمهورية في إيران في الوقت الراهن، بحسب "شرق" الإيرانية. اقرأ أيضا: «الاعتداء على السفارات» متنفس الإيرانيين في الخارج ضد نظام الملالي وكان حسين الله كرم، رئيس المجلس التنسيقي لقوات الباسيج المعروفة ب"أنصار حزب الله"، قد قال: "إن أي شخص يريد أن يكون رئيسًا لإيران يجب أن تكون لدية عدة صفات منها أن يكون عسكريا". وأضاف كرم أنه بالنظر إلى الوضع الاستراتيجي الراهن، فإن الأفراد العسكريين أكثر تأهيلًا وقوة وأهمية لمنصب رئاسة الجمهورية في إيران. وقالت الصحيفة: إن "الهمسات حول تولي الرئاسة شخص عسكري أو حكومة عسكرية يديرها الحرس الثوري لمواجهة التحديات، حلم قديم لفئة سياسية طال أمده، حيث ظهرت هذه الفئة بعد الثورة وتعود خلفية هذا التفكير وجذوره إلى مسار سياسي عقائدي متزمت ومتطرف في إيران". شخصية مؤثرة تجدر الإشارة إلى أن "سليماني" هو شخصية عسكرية نادرة الظهور، ولكن له دور كبير من الناحية العسكرية سواء في إيران أو خارجها في العراقوسوريا، ولكن هذه الشخصية الظل لا نرى لها صورا أو حتى مقابلات صحفية لنتعرف على قصته هنا بالكامل. اقرأ أيضا: علماء إيران.. صداع في رأس نظام الملالي سليماني، هذا العسكري والجنرال الإيراني، يختفي لفترات طويلة قد تصل لشهور، ومع ذلك تأثيره شديد في المنطقة، وهو يقود فيلق القدس صفوة الحرس الثوري الإيراني، منذ قرابة عقدين، وقد اتهم بالضلوع في العديد من الأعمال "الإرهابية" ضد أهداف سعودية، وأمريكية، وإسرائيلية، وهو مصنف من قبل أمريكا كأحد أهم داعمي الإرهاب، وقد حظرت الإدارة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي التعامل معه. أما داخل إيران، فهو بطل قومي، وله من النفوذ والتحكم ما لا يمتلكه الكثير من رجال الحكم في إيران، فهو بمثابة الذراع اليمنى للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، ويسعى رموز النظام الإيراني لنيل رضاه.