رغم إعلان الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الأراضي السورية، فإن الجيش الأمريكي أخذ يفكر في البقاء لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي والقضاء على آخر جيوبه في البلد العربي، وهو ما قد يشكل أزمة بين الطرفين. صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أكدت أن مهمة الجيش الأمريكي في محاربة "داعش" في سوريا تبقى مفتوحة، رغم تعهد ترامب بانسحاب أمريكي سريع، مشيرة إلى أن كيفية التوفيق بين رؤية الجيش ورؤية الرئيس في هذا الصدد لا تزال غير واضحة. ويُركز قادة الجيش على طرد التنظيم من الجيوب الصغيرة التي يسيطر عليها في شرق سوريا، والتأكد من عدم قدرته على التخطيط لشن هجمات إرهابية في الولاياتالمتحدة، الأمر الذي يتطلب وجودًا أمريكيًا في سوريا حتى بعد توقف القتال مع التنظيم المتطرف، حسب الصحيفة. اقرأ أيضًا: انسحاب أمريكا من سوريا.. هل تندلع أزمة بين ترامب و«بولتون»؟ تقارير إعلامية نقلت عن قائد القيادة الوسطى بالجيش الأمريكي الجنرال جوزيف فوتيل قوله: إن "الجزء الصعب في الملف السوري لا يزال قادمًا، مع سعي المدن السورية التي تحررت من سيطرة "داعش" إلى إعادة البناء والتأكد من عدم قدرة مسلحي التنظيم على العودة. فالتعليقات العلنية والسرية، التي أعقبت تصريحات ترامب كشفت عن فجوة في الآراء حول مستقبل الدور الأمريكي فى سوريا، حيث تحدث بعض القادة العسكريين بشكل متكرر عن الحاجة إلى أجندة قوية لما بعد النزاع العسكري في سوريا. يمكن اعتبار أن إعلان ترامب أثار اهتمام دوائر صنع القرار الداخلي في الولاياتالمتحدة المعنية منها وزارتا الخارجية والدفاع، لما يمثله من نقطة تغير واضحة في مسار الاستراتيجية التي تتبعها واشنطن إزاء المعادلة السورية، حسب وكالة أنباء الشرق الأوسط. المثير هنا أن الرئيس الأمريكي ترامب أتبع قراره بتصريحات جديدة حول تجميد 200 مليون دولار مُخصصة لدعم مشروعات إعادة الإعمار في مناطق شمال سوريا، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول تفسيرات وأبعاد القرار الأمريكي وتوقيت الإعلان عنه وتداعياته والأطراف التي تحقق مكاسب أو خسائر جراء هذا القرار. اقرأ أيضًا: 4 سيناريوهات تكشف أسباب تخلي واشنطن عن أكراد سوريا مراقبون رأوا أن الأسباب التي دفعت ترامب لاتخاذ مثل هذا القرار "وصول مكافحة تنظيم داعش في سوريا إلى طريق مسدود"، حيث كان ظهور التنظيم في المنطقة من عام 2014 وحتى 2017 لحظة مفصلية، وتسبب في خلق قوات كردية ذات طموح انفصالي، أبرزها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، وحزب الاتحاد الكردستاني القريب من نظام الأسد، حسب الوكالة. في حين أن الرئيس الأمريكي على قناعة تامة بأن الأكراد أصبحوا يسيطرون على مناطق عديدة بالأراضي السورية، ويمكن الاعتماد عليهم في المناطق التي لها أهمية لدى واشنطن، خاصة مع وجود قواعد عسكرية أمريكية على الأرض السورية. أما التفسير الثاني، فيقف عند الأزمة المتصاعدة بين موسكو والغرب، ورغبة الولاياتالمتحدة الابتعاد ولو إعلاميًا عن كل ما سيحدث في سوريا وترك روسيا في الواجهة، وترك المنطقة تدخل فوضى عارمة ولإنهائها لا بد من تدخل أمريكي حاسم بقوة عسكرية والعمل على تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، وفقًا للوكالة. والتفسير الثالث: وهو أن الإعلان الأمريكي بالانسحاب من سوريا له صلة بمعطيات داخلية أمريكية، مرتبطة أساسًا باستمرار التحقيقات الأمريكية في قضية التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية لصالح ترامب، وتصاعد الخلاف بين أمريكاوروسيا على خلفية أزمة العميل المزدوج في بريطانيا، وتداعياتها المتمثلة بالحرب الدبلوماسية والطرد المتبادل للدبلوماسيين، وإغلاق القنصليات، إضافة إلى التشكيلات الجديدة في الإدارة الأمريكية. بينما يرتبط التفسير الرابع بمستقبل العلاقة مع إيران وبرنامجها النووي، حيث من الواضح أن المواقف المتشددة لوزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين تعارض أي انسحاب أمريكي مُبكر من سوريا، وهو ما يعزز احتمال الشكوك بإعلان الرئيس الأمريكي، وأنه سيذهب باتجاه توجيه ضربة عسكرية لإيران، ولا يريد أي تواجد لجنود أمريكيين تحت تأثير رد الفعل الإيراني. وأخيرًا ربما يكون الانسحاب الأمريكي مقدمة لوضع نهاية للحرب في سوريا، والبدء في إطلاق مسار سياسي حقيقي، يتجاوز "مناكفات" جنيف وسوتشي وأستانا، بشرط وجود اتفاق أمريكي روسي، وهو ما يمكن تسميته ب"صفقة القرن". اقرأ أيضًا: «تهديد وارتباك أمني واعتقالات».. الأزمة تشتعل بين تركياوأمريكا ويعتقد المحللون أن قرار ترامب بالانسحاب من سوريا، يثير مخاوف داخلية وخارجية، إذ يحذر مسؤولون أمريكيون من أن الانسحاب الآن من شأنه ألا يقوض فقط مصداقية الولاياتالمتحدة في المنطقة، ولكن سيدفع إلى صراع مدمر بالفعل، لكون الوجود الأمريكي يشكل نقطة توازن، حسب "يورو نيوز". كما أن قرار ترامب لن يمر دون مقاومة داخلية، خصوصًا من المسؤولين الذين عينهم مؤخرًا، وتحديدًا جون بولتون الذي يكن العداء للنظامين السوري والإيراني، بالإضافة إلى وزير الدفاع جيمس ماتيس الذي يرى وجوب بقاء واشنطن في المناطق التي كان فيها "داعش" وإعادة إعمارها للنجاح في إنشاء بيئة جديدة معادية للفكر المتطرف. كان جيمس ماتيس صرح في أكتوبر الماضي، بأن قوات بلاده ستبقى إلى أجل غير مسمى، لمنع عودة "داعش" ومحاربة التمدد الإيراني الذي يؤثر على المصالح الأمريكية. يمكن القول، إن قرار ترامب بالانسحاب سيلقى ضغوطا عديدة أولها "من داخل المؤسستين العسكرية والأمنية"، وثانيا "رفض من الكونجرس الذي يمول برامج مختلفة في سوريا"، وثالثا "رفض إقليمي حيث سترى دول إقليمية عدة هذه الخطوة انتصارًا كبيرًا لإيرانوروسيا"، وفقًا ل"يورو نيوز".