بين الحين والآخر، يخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات مثيرة للجدل، حول ضرورة انسحاب قواته من مناطق الصراع التي استولى عليها تنظيم داعش الإرهابي، وذلك بعد تقارير تؤكد تراجع الإرهاب بنسبة 98%، إلا أن الأخير لا يُنفذ ما تعهد به. ففي العام الماضي، خاض ترامب جدلًا مُشابهًا بشأن ما إذا كان سيسحب قوات بلاده من أفغانستان، لكن في نهاية المطاف وافق على الإبقاء عليها. واليوم، أبلغ الرئيس الأمريكي، مستشاريه برغبته في انسحاب قوات بلاده مُبكرًا من سوريا، وهو الموقف الذي قد يثير خلافات بينه وبين الكثير من كبار مسؤوليه، وفقا لمسؤولين كبيرين بالإدارة الأمريكية. ووفقا للمسؤولين، فإنه من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الوطني اجتماعًا في بداية هذا الأسبوع لبحث الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد تنظيم "داعش" في سوريا. اقرأ أيضًا: 4 سيناريوهات تكشف أسباب تخلي واشنطن عن أكراد سوريا الخطوة التي أقدم عليها ترامب، يمكن أن تكون مرتبطة بقرار تجميد أكثر من 200 مليون دولار من الأموال المخصصة لجهود التعافي في سوريا، مع إعادة تقييم دور واشنطن في الحرب الدائرة هناك منذ فترة طويلة، خاصة أنها جاءت بالتزامن مع إعلان ترامب خلال كلمة في ريتشفيلد بولاية أوهايو، بأنه حان الوقت لانسحاب القوات من سوريا. وهذا يعني أن هناك تعارضًا بين موقفي البيت الأبيض ووزارة الخارجية، أو أن الرئيس الأمريكي اتخذ هذا الموقف من دون أن يبلغ إدارته به، وهذا أمر مستبعد، خاصة أنه ربط وجود القوات الأمريكية في سوريا بالكُلفة المالية هناك، التي بلغت 7 مليارات دولار خلال ثلاثة أشهر قائلاً: "بنينا مدارس وقصفوها، وبنينا منشآت ويقومون بقصفها" لكن إذا أردنا أن نبني مدارس في أوهايو أو آيوا، فإننا لا نحصل بسهولة على الأموال". واشنطن بوست، نقلت عن مسؤول بالبيت الأبيض قوله: إن "قرار ترامب بتجميد أموال الإعمار لسوريا، جاء بعد قراءة تقرير إخباري أشار إلى التزام واشنطن بتحقيق الاستقرار في المناطق التي تمت استعادتها من التنظيم الإرهابي". كان ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي المُقال، قد تعهد بتقديم هذا المبلغ خلال اجتماع للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في الكويت في فبراير. اقرأ أيضًا: عدوان تركيا على عفرين.. فخ للأكراد وكسب لود واشنطن تصريحات ترامب، جاءت في الوقت الذي قالت فيه فرنسا: إنها "ستزيد من وجودها العسكري في سوريا لتعزيز الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة". ورغم تأكيدات الرئيس الأمريكي الانسحاب، فإن مسؤولين عسكريين حذروا من أن التنظيم قد يستعيد المناطق المحررة بسرعة ما لم يتم تحقيق الاستقرار فيها، وهو ما يلزم إدارة ترامب بضخ الأموال المخصصة لإعمار سوريا. خلاصة القول، إن تصريح ترامب يعكس مشاورات داخلية مع مستشارين تساءل خلالها عن سبب بقاء القوات الأمريكية بينما يوشك المتشددون على الهزيمة، حسب رويترز. ويبدو أن ترامب يتطلع لأن تلعب الولاياتالمتحدة دورًا أكبر في توفير الأمن والاكتفاء، إلا أن معالم هذه السياسة لم تتضح بعد. وسرعان ما علقت وزارة الدفاع الأمريكية، على تصريحات ترامب، بالقول: "ينبغي أن تبقى أعداد قليلة من القوات الأمريكية لعامين على الأقل لتأمين المكاسب التي تحققت بعد هزيمة المتشددين وضمان ألا تتحول سوريا إلى قاعدة إيرانية دائمة". السؤال هنا.. هل يستجيب ترامب لدعوات "البنتاجون"؟ أحد كبار مساعدي ترامب للأمن القومي، أشار إلى أن البيت الأبيض لم يستقر بعد على استراتيجية للقوات الأمريكية في سوريا ليوصوا بها حتى ينفذها ترامب مستقبلًا. وفي حال انسحب الرئيس الأمريكي من سوريا، فربما يؤدي ذلك إلى خلاف بينه وبين مستشاره للأمن القومي جون بولتون الذي اختاره ترامب قبل أسبوع ليخلف إتش.آر. مكماستر. أما ريموند توماس، رئيس قيادة العمليات الخاصة في الجيش الأمريكي، فأكد أن شرعية الوجود العسكري الروسي في سوريا، بطلب من الحكومة السورية، تمنح موسكو نفوذًا يخولها حتى القدرة على طرد القوات الأمريكية من سوريا. في حين قال مهند الحاج علي، عضو مجلس الشعب السوري: إن "هناك تراجعا استراتيجيا للدور الأمريكي في المنطقة بشكل عام، وإذا نظرنا للقواعد الأمريكية غرب نهر الفرات، فهي لا تشكل أي خطورة من الناحية العسكرية".