واقعة جديدة أثارت القلق داخل البيوت المصرية، بعدما ترددت أنباء عن وفاة نجل البرلمانى الأسبق حمدى الفخرانى بسبب لعبة «الحوت الأزرق»، حيث قال أقارب النائب السابق عن مركز المحلة الكبرى فى الغربية إن وفاة نجله خالد بسبب الموقع الروسى الشهير «الحوت الأزرق»، الذى انتشر فى الآونة الأخيرة وتسبب فى انتحار أكثر من ضحية وليس بسبب حالة نفسية كما يقول البعض. وظهرت مؤخرا لعبة تُدعى «الحوت الأزرق»، أو «Blue Whale»، وهى لعبة على شبكة الإنترنت، تطلب من المشتركين عددا من التحديات، تنتهى بالانتحار أو ارتكاب جريمة ما، ويطلب القائمون على اللعبة من المشترك عمل «مشنقة» داخل الغرفة قبل الخوض فى باقى تفاصيل اللعبة، للتأكد من جدية المشترك فى تنفيذ باقى المهام، وما زاد من خطورة اللعبة، انتحار بعض المشاركين فيها بدول المغرب والجزائر والسعودية، وفى منتصف الأسبوع الماضى، قام أحد الشباب بقتل والده فى منطقة إمبابة، وكان ذلك لتنفيذ تحدٍّ داخل اللعبة، والتى طلبت منه قتل أحد أقاربه. بدأت لعبة الحوت الأزرق فى روسيا عام 2013 مع "F57"، كواحدة مما يسمى «مجموعة الموت» من داخل الشبكة الاجتماعية فكونتاكتى، لمؤسسها فيليب بوديكين، وتسببت فى أول واقعة انتحار فى عام 2015. واتخذت اللعبة نطاقا أوسع فى عام 2016 بين المراهقين، بعد أن جذبت الصحافة الانتباه إليها من خلال مقالة ربطت العديد من ضحايا الانتحار غير ذات صلة بالحوت الأزرق، وخلق موجة من الذعر فى روسيا، وبناءً على ذلك قامت السلطات الروسية بإلقاء القبض على "بوديكين" وأدين ب"التحريض ودفع ما لا يقل عن 16 فتاة مراهقة للانتحار"، إلاَّ أن اللعبة ما زالت موجودة حتى الآن فى أكثر من 50 بلدا. أساس تسمية اللعبة يُعرف عن الحيتان الزرقاء ظاهرة الانتحار، فهى تسبح جماعة أو فرادى إلى الشاطئ، وتعلَق هناك وتموت إذا لم يحاول أحد إرجاعها مجددا إلى المياه. والرابط هنا هو محاولة إيذاء النفس ووضعها فى موقف لا يمكن التراجع عنه، الدخول فى اللعبة بعد أن يقوم الشخص بالتسجيل لخوض التحدى، يُطلب منه نقش الرمز "F57"، أو رسم الحوت الأزرق على الذراع بأداة حادة، ومن ثم إرسال صورة للمسؤول للتأكد من أن الشخص قد دخل فى اللعبة فعلاً، لتبدأ سلسلة المهام أو التحديات، المتنوعة بين الجيد والسيئ والمباح والخطر وغير ذلك من التعليمات التى تتنوع لتنتهى بطلب الانتحار. وتستمر المهمات التى تشمل مشاهدة أفلام رعب والصعود إلى سطح المنزل أو الجسر بهدف التغلب على الخوف. وفى منتصف المهمات، على الشخص محادثة أحد المسؤولين عن اللعبة لكسب الثقة والتحول إلى «حوت أزرق»، وعقب كسب الثقة يُطلب من الشخص ألا يكلم أحدا بعد ذلك، ويستمر فى التسبب بجروح لنفسه مع مشاهدة أفلام الرعب، إلى أن يصل إلى اليوم ال50، الذى يطلب فيه من المشترك الانتحار إما بالقفز من النافذة وإما بالطعن بسكين. الهدف من اللعبة اعترف "بوديكين" مؤسس اللعبة، بالجرائم التى تسبب بحدوثها، وقد اعتبرها محاولة تنظيف للمجتمع من «النفايات البيولوجية، التى كانت ستؤذى المجتمع لاحقا»، وأضاف أن «جميع من خاض هذه اللعبة هم سعداء بالموت». حالات الانتحار سجلت فى المغرب أول حالة انتحار لمراهق، أفرط فى ممارسة لعبة الحوت الأزرق على الإنترنت، إلى أن فقد حياته، الضحية وهو تلميذ فى الثانوية العامة، ألقى بنفسه من سطح عمارة فى مدينة أكادير. مصر فى أوائل شهر يناير الجارى 2018، أقدم عاطل على قتل والده، بمنطقة إمبابة بالجيزة، وقال فى التحقيقات إن المسؤولين عن لعبة الحوت الأزرق هم من طلبوا منه قتل أحد أقاربه، وإنه قام باختيار والده بسبب كثرة المشكلات بينهما. انتحر طفل يبلغ من العمر 11 سنة بولاية سطيف شرق الجزائر، وقد أكدت نتائج التحقيق أن لعبة الحوت الأزرق وراء واقعة الانتحار، حيث كان الطفل يقضى معظم وقته بممارستها، مما دفع السلطات الجزائرية لحظر اللعبة داخل البلاد. فى السعودية وتحديدا يوم 6 مايو العام الماضى انتحر طفل يبلغ من العمر 13 سنة شنقًا بربط عنقه بحبل مشدود فى الدولاب فى مسكنه العائلى بجدة، وبعد التحريات اكتشفت الشرطة وجود لعبة الحوت الأزرق على هاتفه، وأنه كان يقوم بمهام اللعبة. طلاسم ورموز شيطانية أشارت عبير الفخرانى، إلى أن وفاة شقيقها نجل البرلمانى السابق حمدى الفخرانى، جاءت بسبب لعبة الحوت الأزرق، مشيرة إلى أنها وجدت العديد من الطلاسم وكتابات وكلمات غير مفهومة. داخل غرفته. وكتبت شقيقة المتهم، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك: «وجب التحذير عندما تحدث البعض أمس عن لعبة تسمى الحوت الأزرق متداولة بين المراهقين وهى عبارة عن 50 مرحلة تقريبًا». وأضافت قائلة: «يتم من خلالها السيطرة التامة على المراهق من خلال عدة مراحل بعضها يتطلب كتابة كلمات معينة وبعضها إحداث جروح باليد وقراءة بعض الكلمات التى أعتقد أنها رموز شيطانية حتى تأتى المرحلة الأخيرة وهى الانتحار بالطريقة التى يحددها الضحية.. مراحل اللعبة طويلة.. وموجودة على اليوتيوب وجوجل». وكشفت عبير الفخرانى قائلة: «بحثت فى أدوات أخى على مكتبه فوجدت كلمات بتطلب منهم فى بعض المراحل أن يكتبوها، بالإضافة لرسمة الحوت شعار اللعبة، وبعض الكلمات غير المفهومة وأغانٍ طويلة جدًا باللغة الإنجليزية عن الموت والoutsiders وكأنه يحفظها عن ظهر قلب.. من الممكن أن أنشر لكم هذه الكتابات، ولكن أعتقد أنه قد يحدث ضرر أو أذى من قراءة تلك الطلاسم». واختتمت قائلة: «خلاصة الأمر لله ما أعطى ولله ما أخذ ولكن احذروا وراقبوا هواتف أولادكم جيدًا.. ويجب على الإعلام أن يتناول الأمر بجدية وحرفية حتى لا يحدث انجذاب سلبى للعبة». تقمص الشخصيات أقوى وسائل الانتحار من الناحية النفسية، أكد أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى نجيب، أن المراهق يحب الإثارة، ويبحث عن كل ما هو جديد ومثير، بالإضافة إلى تقمصه لشخصية البطل فى أى لعبة، إلى درجة الوثوق بهذه الشخصية وتنفيذ أوامرها والالتزام بتعليماتها، ضاربا مثلا على ذلك، البوكيمون وغيرهما التى جعلت من يلعبها أن يدخل بيوت الناس من دون إذن، وبناء على أوامر من شخصية إلكترونية وهمية، وجاءت من بعدها لعبة الحوت الأزرق وهى لعبة الموت. ولفت خبير علم النفس إلى أنه من الممكن أن لعبة إلكترونية تتسبت فى تعريض حياة الأطفال للخطر، وحتى إلى دفعهم إلى الانتحار، لأن الطفل يندمج فى اللعبة بشكل كامل مع مرور الوقت خلال اللعب، وعند المراهقين يكون الأمر أكثر صعوبة لأنهم بالفطرة يميلون إلى روح التنافسية فيما بينهم، وكل مراهق يريد أن يثبت أنه أحق بالنجاح والفوز فى أى شيء حتى لو كانت لعبة إلكترونية، مما يجعله ينصاع إلى أوامر مثل هذه الألعاب "الحوت الأزرق وبوكيمون جو". ونصح نجيب أولياء الأمور بإشراك أبنائهم المراهقين، فى الحياة الاجتماعية والأسرية من خلال تكليفهم بمهام تعزز الثقة بأنفسهم وتشغل فراغهم، إضافة إلى التقرب من الأبناء وكسب ودهم . وعن كيفية مراقبة الأبناء، ذكر نجيب أن المراهقين الذين يستخدمون الألعاب الإلكترونية تظهر عليهم بعض الأعراض، مثل قضاء الوقت الطويل فى اللعب، ونسيان الأصدقاء، واضطراب النوم عندهم، والتخلف فى الدراسة، والانعزال فى غرفهم الخاصة أغلب الوقت، وانشغالهم بأجهزتهم الإلكترونية والبرامج التى لا يعرف عنها أولياء الأمور شيئا. وتابع: على أولياء الأمور دعم أبنائهم بالألعاب الجماعية التى تقى المراهق من الأمراض كالسمنة وغيرها، من جهة، ومن جهة أخرى تملأ فراغهم بما هو مفيد لهم بعيدا عن الانطوائية التى تخلقها الألعاب الإلكترونية حيث يتعامل الطفل معها ويتفاعل من جانب واحد فقط، مما ينمى لديه روح الانطوائية والأنانية ورفض التعامل والتعاون مع الآخرين، ويصبح صيدا سهلا للمتربصين، من أصحاب الأفكار الهدامة التى تكون نهايتها سيئة على المراهق. العذاب الأليم من الناحية الدينية.. استنكر الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، انتشار عمليات الانتحار التى تفاقمت فى الآونة الأخيرة والتى أصبح يلجأ إليها العديد من الأبناء وخاصة فئة المراهقين والأطفال هربا من الواقع الذى يواجهونه أو نتيجة عنف وكبت داخلى من لعبة إلكترونية كالألعاب المرضية المغيبة للعقل الدخيلة على المجتمع المصرى والعربى. وأشار كريمة إلى أن الله سبحانه وتعالى حرّم وجرم عمليات الانتحار وإهلاك النفس عمدًا بأى وسيلة من الوسائل، نظرا لأن الحياة هبة من الله عز وجل وهو وحده المتصرف فيها، مدللا على ذلك بقوله تعالى «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا». وتابع أستاذ الفقه أن الإنسان مهما واجه فى حياته من صعاب سواء عاطفية أو اقتصادية، فهى لا تعتبر مبررا له لارتكاب مثل هذه الجريمة، فالمسلم يجب أن يتحلى بالصبر، فقد قال الله تعالى «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون». ولفت إلى أن كثرة المصاعب التى تعرض لها الشخص المنتحر لن تخفف من عذابه يوم القيامة كما يعتقد البعض، بل إن الأمر محسوم ومصيره عذاب أليم. تحريض على الإنتحار يقول الدكتور محمد الجندى، رئيس منظمة أمن المعلومات وجرائم الإنترنت الدولية، إن «الحوت الأزرق ليست لعبة لها موقع معروف أو تطبيق معين، هى عبارة عن تحدٍّ على الإنترنت وليست لعبة ظهر فى 2013 على موقع V CONTACT وهو موقع للتواصل الاجتماعى على روسيا، وتم إنشاء جروب بعنوان (جروب الموت).. والتحدى اللى ظهر كان وراؤه فيليب بوديكين وسجن ل3 سنوات». وتابع «الجندي» رئيس منظمة أمن المعلومات وجرائم الإنترنت الدولية، أن «هناك تحريات يقوم بها مديرو الجروب من خلال متابعته لحساباته ضحاياه على (السوشيال ميديا) وعندما يطمئن أنه بالفعل لديه مشاكل نفسية، يبدأ فى تحريضه على الانتحار». لعبة الموت.. «الحوت الأزرق» تفاصيل 50 تحديا آخرها الانتحار ويضيف أن التحدى نهايته الانتحار، كما يتم اختيار الأطفال بعناية شديدة لسهولة السيطرة عليهم، ويطلب منهم أشياء صعبة جدا مثل الحفر على الجسم والاستماع إلى موسيقى غريبة وتشريح الذراع لكى يسمح له بدخول اللعبة بعدها.