تشهد إيران أضخم حركة احتجاجية "أحوازية" على الإطلاق منذ انتفاضة عام 2005، على خلفية حالة الغضب والاستياء الشعبى من برنامج بُث فى التليفزيون الإيراني، ينزع عن الأراضى الأحوازية عروبتها، في محاولة لطمس الهوية العربية للإقليم والإساءة إلى سكانه العرب. وانطلقت احتجاجات حاشدة بعد بث البرنامج، للتنديد بصمت حكومة النظام الإيراني على "إهانة" التليفزيون الحكومي الرسمي للقومية العربية. وخلال الاحتجاجات المستمرة منذ 4 أيام، ردد المتظاهرون شعارات مناهضة لسياسة القمع العرقي والطائفي للنظام الإيراني، رافضين العنصرية الكبيرة التي يواجهها العرب في إيران. سر الظلام وهذه التظاهرات ليست الأولى، لكنها تشكل نقلة نوعية في حجم وأسلوب الاحتجاجات، وتتصاعد هذه الأيام بقوة حركة الشارع ويستغل المتظاهرون الأحواز "الليل" لتكثيف نشاطاتهم في محاولة لإخفاء وجوه المشاركين لتحاشي المزيد من الاعتقالات. ودفعت الشرطة والحرس الثوري بمئات العربات العسكرية والدراجات النارية لمسلحيها إلى مناطق الاحتجاجات لترهيب المواطنين وتخويفهم، وتبع ذلك حملة اعتقالات طالت العشرات من المشاركين في التظاهرات المستمرة منذ أيام عدة. كما استخدمت قوات الأمن الإيرانية الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق التظاهرات، التي تطالب بالحقوق القومية لعرب الأحواز ووقف حملات القمع الأمني والتعذيب، حيث يطالب المتظاهرون بحقهم في تعليم أطفالهم اللغة العربية، والعمل في المؤسسات البترولية الضخمة في مدنهم، وحقوق أخرى كثيرة. واستمرارا لسياسة القمع التي تنتهجها إيران، قرر النظام وقف استخدام تطبيق تلجرام للتراسل الفوري، وأعلن رئيس اللجنة البرلمانية للأمن القومي الإيراني علاء الدين بروجردي وقف خدمة تلجرام لدواع أمنية. وكان التطبيق الذي يستخدمه نحو 40 مليونا في إيران، قد أوقف مؤقتا خلال الاحتجاجات، غير أن كثيرا من المستخدمين وصلوا إليه عبر "خوادم بروكسي"، بحسب "سكاي نيوز". الإعلام الإيراني أشار إلى أن القرار اتخذ "على أعلى مستوى" وأن التطبيق سوف يتم استبدال نظام محلي مشابه به، ردا على ما وصف بدور تلجرام التدميري في الاحتجاجات. منظمة "هرانا" الحقوقية الإيرانية التي تتخذه من تركيا مقرا لها، أعلنت أن السلطات الأمنية شنت حملة اعتقالات بمناطق مختلفة، من محافظة الأحواز جنوب البلاد ذات الغالبية العربية، مشيرة إلى أن السلطات الإيرانية اعتقلت نحو مئة من المتظاهرين الأحوازيين في مناطق مختلفة، بحسب "إرم نيوز". تجاهل الوجود العربي مقطعا فيديو مسيئان تسببا فى اندلاع الانتفاضة الأحوازية الراهنة ضد النظام الإيرانى، ويظهر أحد المقطعين برنامجا تليفزيونيا فى قناة "نسيم" يقف فيه بعض المهرجين بملابس عربية ومرسوم عليها نخيل، بينما يمثلون دور القطط ويخرجون أصوات القطط، فى حين يسخر منهم مقدم البرنامج، قبل أن يشير إليهم بالانبطاح خلف طاولة يجلس عليها. أما المقطع الآخر فبُث بالقناة الثانية الإيرانية الرسمية، من خلال برنامج خاص بالأطفال تحت عنوان "كلاه قرمزي"، ومعناه "القبعة الحمراء"، وتضمن البرنامج فقرة استعراضية دعائية تجاهلت الوجود العربي بشكل كامل في منطقة الأحواز ذات الأغلبية العربية، وأظهر الفرس على أنهم السكان الأصليون للأراضي العربية، وليس العرب الذين احتلت أراضيهم منذ العام 1925. 93 عاما من الاحتلال "الأحواز" مدينة عربية احتلتها إيران منذ 93 عاما، وهمشت وضاعت قضيتها وأصبحت قضية منسية. تسكن الأحواز قبائل عربية متنوعة وعاصمتها هي "المحمرة" وتسمى الأحواز اليوم محافظة "خوزستان"، وهو اسم فارسي وتقع في الشمال الغربي من إيران ويخترق المدينة نهر قارون الشهير، وبالنسبة لاسم "خوزستان" فهو الاسم الذي أطلقه الفرس على جزء من الإقليم، وهو يعني بلاد القلاع والحصون وعند الفتح الإسلامي لفارس أطلق العرب على الإقليم كله لفظ "الأحواز". والأحواز أحد الأقطار العربية التى تقع شرق الوطن العربي، وهو شعب عربى عريق فى عروبته، ينتمى إلى قبائل عربية جاءت فى موجات متتالية إلى الأحواز من شبه الجزيرة العربية، واستقرت فيه قبل الإسلام وبعده، وهو الآن وطن عربى سليب، انفرد باحتلاله الفرس فى العشرين من أبريل 1925. تبلغ مساحتها 375 ألف كلم مربع وعدد سكانها حوالي 12 مليون نسمة، 99% من أصل السكان عربا، ولكن هذه النسبة اختلت فأصبحت 95% من العرب، وال5% الباقية من الفرس والقوميات الأخرى؛ وذلك بفعل سياسة الحكومة الإيرانية فى تشجيع الفرس على الهجرة إلى إقليم الأحواز والاستيطان فيه، وتهجير العرب السكان الأصليين منه، لإضفاء الصبغة الفارسية على هذا القطر لطمس هويته العربية. دخل الجيش الإيراني مدينة المحمرة بتاريخ 1925 لإسقاطها، ويعد السبب الأقوى لاحتلال إيران لهذه المنطقة، كونها غنية بالموارد الطبيعية من النفط والغاز، ويوجد فيها الأراضي الزراعية الخصبة، حيث يصب فيها أحد أكبر أنهار المنطقة وهو نهر كارون الذي يسقي السهول الزراعية الخصبة. فمنطقة الأحواز هي المنتج الرئيسي لمحاصيل مثل السكر والذرة في إيران، وتسهم الموارد الموجودة في هذه المنطقة "الأحواز" بحوالي نصف الناتج القومي الصافي لإيران، وأكثر من 80% من قيمة الصادرات في إيران وللمفارقة العجيبة فالأحواز من أغنى المناطق على وجه الأرض بالثروات الطبيعية الهائلة، ويعيش فيها أفقر شعب وهناك مقولة شهيرة تدل على تمسك الفرس بالأحواز، وهي للرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، يقول فيها "إيران با خوزستان زنده است" ومعناها "إيران تحيا بخوزستان". جرائم إيران ضد الأحواز كثير من المخالفات التي ترتكبها الأنظمة المتعاقبة على دفة الحكم في إيران منذ عام 1925 حتى يومنا هذا تجاه شعب وأرض الأحواز تتمثل في: 1- المحاولات الإيرانية الجادة لمحو الهوية العربية في الأحواز، وحرمان الشعب العربي الأحوازي من التمتع بالدراسة والتعليم باللغة العربية وحرمانه حتى من تسمية المواليد الجدد بأسماء عربية، وكذلك حرمانه من الاحتفال بالمناسبات والأعياد الإسلامية. 2- اقتطاع أجزاء كبيرة من القطر العربي الأحوازي وإلحاقها بالأقاليم الإيرانيّة المجاورة. 3- التمييز العنصري في الأحواز بين العرب وهم السكان الأصليون، وبين الفرس المهاجرين. 4- مواصلة الدولة الإيرانيّة في بناء المستوطنات الفارسيّة في الأحواز، وسلب الأراضي العربيّة ومنحها للفرس المهاجرين. 5- نهب كل الثروات الباطنيّة لأرض الأحواز، أهمّها الكميّات الهائلة من النفط الذي يشكل 10% من إجمالي الصادرات النفطيّة للعالم، إضافة إلى كميّات كبيرة من الغاز الطبيعي وثروات طبيعيّة أخرى، ولم يحصل الشعب العربي الأحوازي على أي شيء من عائداتها. 6- إنشاء مختلف المشاريع الواهية في الأحواز، على أساس أنها مشاريع وطنيّة إيرانيّة بغية سلب المزيد من الأراضي وتكريس الاحتلال. 7- جرّ مياه الأنهار الأحوازية إلى المناطق الفارسيّة، وتلويث العديد منها، الأمر الذي أدى إلى قطع أرزاق الآلاف من المواطنين الأحوازيين وإصابة الآلاف الآخرين بمختلف الأمراض التي لم يشهدها القطر من قبل. 8- إهدار كل الحقوق والحريّات المدنية للمواطنين الأحوازيين، كالحق في الرعاية الصحيّة والحق في التقاضي والحريّة الدينيّة وحق الملكيّة والحق في التعليم والحق في العمل وحريّة الإقامة والتنقل. 9- قيام الدولة الإيرانيّة بارتكاب الجرائم اليوميّة وشن حملات الاعتقالات واسعة النطاق في صفوف المواطنين الأحوازيين العزّل وتعذيبهم حتى الموت، وكذلك حملات الإعدام المتكرّرة أمام مرأى ومسمع العالم أجمع.