الكذب إحدى المشكلات الشائعة لدى الأطفال، التي تشكو منها كثير من الأمهات، وقد تلجأ لمعاقبة الطفل كثيرا وتضربه كثيرا بسبب هذا الكذب إلا أنه لا يتوقف عنه رغم ذلك، عزيزتي الأم حتى تخلصي ابنك من هذا السلوك السيئ المرفوض، لا بد أولا أن تحددي نوع الكذب الذي يستخدمه ابنك وثانيا أسبابه حتى تستطيعي أن تساعديه على الصدق وعدم الكذب. وتتعدد أنواع الكذب التي يستخدمها الطفل، فهي ليست كذلك أبيض أو أسود كما يعتقد كثير منا، فإذا كان طفلك فقط يؤلف الأحداث والحكايات البعيدة عن الواقع كأن رأى بطلا خارقا أو مخلوقات خرافية أو أحداثا خيالية، فإنه عزيزتي الأم لا يعد كذبا ويسمي بالكذب الخيالي، لأن الطفل في هذه المرحلة لا يتعمد الكذب إنما هى مرحلة نمو خيال الطفل. أما إذا كان الطفل يكذب للحصول على فائدة ما، كالحصول على هدية أو نقود ليشتري به شيئا أو أي فائدة تعود عليه من ذلك، فهو يسمى الكذب ذو الغرض، أي يكذب الطفل لتحقيق غرض ما أو الحصول على شيء ما. وهناك أيضا الكذب التقليدي الذي يقلد فيه الطفل الكبار عندما يكذبون حتى ولو كانت تصرفات بسيطة، كأن تقول له الأم: "رد على التليفون وقول ماما مش موجودة"، وكثير من الأمهات يقمن بذلك فكيف يمتنع الطفل عن الكذب وهو يرى أمه تجعله يكذب في بعض الأحيان؟! أما عن الكذب الدفاعي، فهو الذي يقوم فيه الطفل بالدفاع عن نفسه عند القيام بأخطاء يترتب عليها عقاب، وبالتالي يكون الكذب خطوة دفاعية للتخلص من هذا العقاب. ويوجد أيضا الكذب العنادي، الذي يكون لمجرد العند مع طرف آخر، سواء كان الأم أو الأب أو المعلمين في المدرسة ولشعوره بالغضب منهم. أما الكذب الذي يقوم به الطفل ليورط أحدا آخر في العقاب بدلا منه، فهو الكذب الانتقامي، فهو يكره هذا الطفل ويورطه في العقاب، ويكون ذلك في بعض الأحيان ناتجا عن الغيرة من هذا الطفل أو نتيجة لتفرقة الأسرة في التعامل مع الأبناء وتفضيل أحد الأبناء على الآخر. عزيزتي الأم تتعدد أشكال الكذب وصوره لدى الطفل، ولكن كل نوع من الكذب وله أسبابه، وعليك عزيزتي معرفة هذه الأسباب حتى تتمكني من مساعدة الطفل للتخلص من هذه العادة السيئة، ومن الأسباب التي يمكن أن تكون موجودة لدى الطفل وتدفعه للكذب: 1- يخاف أي طفل كثيرا من العقاب، ونتيجة لوقوعه في المشكلات فإنه يحاول أن يتخلص من هذا العقاب الذي لا يريد أن يقع عليه، فيلجأ للكذب اعتقادا منه أنه سينجيه من العقاب بدلا من قول الحقيقة والمعاقبة على ذلك، أي يكذب ببساطة حتى لا يعاقب. 2- في بعض الأحيان يكون الكذب نتيجة لمعاملة الطفل السيئة من الأهل، فالقسوة الشديدة سواء في العقاب أو في المواقف الأخرى، حتى إذا كانت مواقف عادية، والتربية المتشددة تؤدي بالطفل إلى أشكال مختلفة من السلوكيات الخاطئة ومنها الكذب. 3- قد يكذب الطفل تقليدا للكبار، فالطفل يقلد الكبار في معظم أفعالهم، حتى الكذب. 4- في بعض الأحيان يحتاج الطفل إلى أن يشعر بتقدير الآخرين له وأن يثبت قيمته من خلال الحصول على تقدير الآخرين له، فإما أن يختلق مواقف أو أحداثا تجعلهم ينظرون له بشكل جيد، أو أنه ينكر أحداثا أو أخطاء يقع فيها حتى لا يظهر أمامهم بالمظهر السيئ الذي يجعلهم ينظرون له نظرة سيئة، ومن هنا يلجأ الطفل للكذب. 5- قد يكذب الطفل لجذب اهتمام الوالدين إليه، ففي بعض الأسر تغفل الأم أو الأب عن أحد الأبناء، إما نتيجة للانشغال بالعمل أو المنزل أو غيره، وعندما يرى الطفل أن أمه لا تعطيه اهتماما يكذب للفت الانتباه. ومن خلال معرفة الأسباب عزيزتي الأم ونوع الكذب تكونين قد حققت نصف الطريق لتخليص طفلك من هذه العادة السيئة، وإليك عزيزتي الأم تحذيرات وعدد من النصائح التي تساعدك مع طفلك: 1- لا تستخدمي العقاب الشديد والمبالغ فيه مع الطفل، خاصة العقاب البدني، الذي يسبب الكثير من المشكلات، وكذلك لا يؤدي إلى التخلص من الكذب، بل بالعكس فهو يؤدي إلى زيادة المشكلة، فقد أشرنا في الأسباب السابقة إلى أن الطفل قد يكذب للتخلص من العقاب. 2- حتى يتخلص طفلك من الكذب لا بد أن يعرف الطفل أن الكذب لا ينجيه من العقاب، بل يتسبب له في مشكلة أكبر وهي عدم تصديق الآخرين له، وأن يعلم أن الصدق يساعده على تخفيف العقاب. 3- لا بد أن يشعر الطفل أنه مقبول، حتى إذا أخطأ، وأنه يمكن مسامحته على الخطأ، ولكن بشرط أن يعترف بهذا الخطأ ولا يكرره مرة أخرى، فيشعر بعدم الحاجة إلى كذب. 4- عزيزتي الأم، لا بد من الالتزام بالوعود التي تم وعد الطفل بها، لأنه يعتبر عدم تنفيذها كذبا، وعليك أيضا بتقديم القدوة الصادقة له حتى يتعلم منها. 5- الابتعاد عن توبيخ الطفل والسخرية منه أمام الآخرين، ما يفقده الثقة في التعامل معك ويرى أنك تظهرينه بمظهر سيئ أمام الآخرين. وأخيرا يجب أن توفري للطفل المناخ المناسب له الذي يتصف بالهدوء والمحبة والتسامح والتقبل والتساوي مع إخوته حتى لا يلجأ للكذب أو السلوكيات غير المرغوبة.