علاج الأدباء مشكلة مركبة فكل عام يمرض بعض المثقفين دون أن يجدوا من يعالجهم ويتحمل نفقات ذلك العلاج في ظل ميزانية محدودة لاتحاد الكتاب، خاصة أن الكتابة لا تدر على الغالبية العظمى من الكتاب ما يلبى احتياجاتهم الأساسية، وبالتالى يقفون عاجزين أمام أمراضهم المكلفة. انقسم المثقفون إلى قسمين، الأول يرى أن ميزانية اتحاد الكتاب محدودة وهذا ليس تجاهلا منها، ويرى الآخرون أن وزارة الثقافة مقصرة ويجب أن تتعامل بشكل أكثر جدية مع الموضوع، وبين هذا وذاك هناك معلومات تؤكد أن اتحاد الكتاب يملك وديعة يصل قدرها إلى نحو 20 مليون جنيه، بعائد وصل من 8% إلى 14.5% ينفق من عائدها على المعاشات والعلاج، وهناك إدارة مالية جديدة عملت مشروعا علاجيا باشتراك 450 جنيها في العام بقسط شهرى 36 جنيها في الشهر، ويتم علاج الكتاب حتى مبلغ أقصاه 20 ألف جنيه ويصرف للشخص أدوية مزمنة، ويتم عمل وثيقة تأمين على الحوادث، ولكن في النهاية تظل موارد اتحاد الكتاب محدودة، ومثله مثل أي نقابة هناك سقف للعلاج، وهناك أمراض علاجها يتكلف أموالا كثيرة تتخطى قدرة نقابة بموارد فقيرة، ويظل المرض والعلاج مشكلة مصر كلها وليس اتحاد الكتاب فقط. الناشر والكاتب فتحي المزين قال إنه من المتعارف عليه في الأوساط الثقافية أن العائد المادي للتأليف والكتابة ضعيف للغاية نتيجة تزوير الكتب وضعف القراءة، والمعاشات أو رسوم الاشتراك باتحاد الكتاب رمزية للغاية على المستوى المالي، ودور اتحاد الكتاب ضعيف نتيجة قلة الموارد وليس نتيجة تجاهل، ويجب على وزارة الثقافة أن تقوم بدور في علاج الكتاب وحفظ آدميتهم وهي أزمة قديمة جديدة لأنها أزمة حفظ كرامة الكاتب وقت المرض. وأكد المزين أنه من العار أن ننشر بوسات على الفيسبوك للتعاطف مع الكتاب المرضى، وعادة من يقوم بالدعم زملاء الكاتب في ظل غياب الدولة التي تنظر لهم على أنهم صداع ومزعجون، وكان رجل الأعمال محمد فريد خميس قد قال في تصريح سابق إن المثقفين صداع وخطر على البلد. وأكد المزين أن الحل في أن تكون وزارة الثقافة على قدر المسئولية، لأن حفظ حياة المرء وهو مريض واجب على الدولة وحفظ حياة المثقف واجب على وزارة الثقافة. من جانبه أكد الشاعر محمود قرني أن نظام التأمين الصحي باتحاد الكتاب نظام قاصر "وقد رأيت وقائع مؤسفة للعديد من الزملاء المثقفين، وللأسف فكرة التأمين الصحي تلقى إهمالا من الدولة وتعتمد على اجتهادات فردية، فالناس تمرض فتتصل بوزارة الثقافة التي تتصل بوزارة الدفاع، فالأمر يفتقد للنسق والنظام، وتنفق أموال كبيرة في النظام العلاجي ولكن دون جدوى، وبالتالي لابد من وجود نظام يقوم على دفع مبلغ بسيط مقابل خدمة محترمة خاصة أن معظم الكتاب من متوسطي الدخل وأبناء الطبقة المتوسطة ونظام العلاج غال جداً لكل الفئات والمستشفيات غالية، وهذا مردوده سلبي على الكاتب". ولهذا يطالب قرني بأن "يطور اتحاد الكتاب نظامه العلاجي لكي يشمل مظلة تأمينية محترمة، أو أن الدولة تعمل نظاما علاجيا للكتاب، ولأن بعض الكتاب موظفون ولهم نظام تأمين صحي في عملهم فيجب أن تقوم الدولة بإعطاء بقية التكاليف على النظام الذي يتلقونه وتستكمل الأجزاء المتبقية في العلاج". وناشد قرني الكتاب ألا يتعاملوا مع أنفسهم على أنهم فوق المجتمع وأن الدولة يجب أن توفر لهم كل شيء، وقال: "أنا ضد أي استثناء لأي فئة، ومع العدالة الاجتماعية وتطوير النظام العلاجي لكل أفراد المجتمع، وعلى الدولة أن توفر نظاما علاجيا محترما لكل الناس دون وساطة"، لافتاً إلى أن الدولة توفر علاجا على نفقتها لغير القادرين وكله حالات استثنائية. ويقول الكاتب الروائى أحمد الجويلى: "إن اتحاد الكتاب وقياداته الحالية ومراكز القوى بداخله يحتاجون إلى التسليم بأن قيادتهم لم تعد حكيمة وتناسب الوضع الحالي فالأمور المتردية وجب تقويمها ببساطة". ويؤكد الجويلي ضرورة أن يتم ضخ دماء جديدة من الشباب لأن المنصب تكليف وليس تشريفا، وهناك الكثير والكثير من الأنشطة لضخ الأموال إلى داخل الاتحاد، ولكن ما يحدث هو أن من على رأس الأمور داخل الاتحاد لا يسمح بضخ هذه الدماء الشابة، فحينما تكون عقول الأمة من الأدباء والمثقفين خارج سقف الحماية الاجتماعية وهم داخل الاتحاد فهذه كارثة، و"أطلب من الدولة أن تتدخل بشكل رسمي لإنهاء المهازل التي تحدث داخل الاتحاد وليس لتدير ولكن لتزيل بقوة القانون التجلطات البشرية التي تعيق الدماء الجديدة أن تسري في شرايين الاتحادات العربية والمصرية". يتابع الجويلى: "أستطيع أن أقول وبكل فم ممتلئ إذا تدخلت الدولة بقوة القانون ستكتشف مهازل وهذا التردي هو جزء من تردي منظومة الثقافة التي تحتاج إلى التراجع والتوقف والتعديل، نحتاج إلى الدولة بقوة القانون، وشباب مصر من الأدباء والمثقفين يستطيعون رفع الحالة العامة وإدارة ألف اتحاد وليس اتحادا واحدا".