من جديد فتحت الأزمة الصحية التي تعرض لها الكاتب الكبير علاء الديب قبل وفاته. ملف علاج الأدباء والمثقفين. فكل يوم يتعرض كاتب أو فنان لأزمة صحية ولايستطيع بإمكاناته المادية المحدودة أن يجد مكاناً لائقاً به لتلقي العلاج. فوزارة الثقافة ليس لديها بند للعلاج . واتحاد الكتاب إمكاناته محدودة ولايستطيع المشاركة إلا بمبلغ بسيط. وليس كل الأدباء والكتاب أعضاء بهذا الاتحاد. أصيب الكاتب الكبير علاء الديب . قبل أن يرحل عنا الخميس الماضي. بأزمة صحية . ودخل أحد المستشفيات وارتفعت فاتورة العلاج بشكل يفوق إمكانات الرجل . الأمر الذي أثار استغراب أسرته. كيف لقيمة وقامة في حجم علاء الديب لايستطيع تدبير نفقات علاجه وكيف لاتتدخل الدولة لعلاجه علي نفقتها. الذي أعلمه أن محاولات كثيرة جرت لعلاج علاء الديب علي نفقة الدولة. لكنها جميعاً باءت بالفشل حتي قام بعض الكتاب والمثقفين بالتواصل مع مكتب الرئيس الذي أصدر قراراً بتحمل الدولة نفقات علاجه في المستشفي الذي يقيم فيه. وحتي بعد إصدار القرار فوجئت الأسرة بفاتورة أخري وصلت إلي حوالي 300 ألف جنيه. ويبدو أن الروتين الحكومي أعاق وصول قرار الرئيس ولاأدري هل وصل فعلاً حتي الآن أم لا. رحل أديب كبير دون أن تسارع الدولة بعلاجه علي نفقتها. وهناك أديب كبير أيضاً يعاني مشكلة صحية صعبة ومازالت الدولة تماطل في علاجه . وهو الروائي والكاتب الكبير محمد جبريل الذي تم استصدار قرار بعلاجه في الخارج علي نفقة الدولة من رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب . ويقف المستشار الطبي لمجلس الوزراء له بالمرصاد متحدياً كل المناشدات والكتابات التي امتلأت بها جميع صحف ومجلات مصر ويرفض تفعيل هذا القرار. إلي أي قوة يستند هذا الرجل. وكيف لمثله أن يتحكم في قرار علاج واحد من أكبر كتاب مصر وأكثرهم عطاء. ألا يوجد مسئول في الدولة يقول له عيب أن تتعامل مع قيمة أدبية وثقافية رفيعة بهذه الطريقة الفجة الخالية من أي إحساس بالمسئولية؟ وفضلاً عن هاتين الحالتين فإن هناك من الأدباء والكتاب القابعين في أقاليم مصر يصابون بأرمات صحية طاحنة ولايستطيعون تدبير نفقات علاجهم . ومنهم علي سبيل المثال الشاعرالسكندري رأفت رشوان الذي تطلبت حالته الصحية تركيب دعامة للقلب وعمل قسطرة بتكاليف تفوق إمكاناته البسيطة. ورغم محاولات بعض الأدباء التواصل مع مسئولي وزارة الثقافة فإن أحدا لم يسأل فيه . ومعلوماتي أن الشاعر الكبير سيد حجاب سعي لدي بعض أصدقائه لتدبير نفقات علاج رأفت بشكل شخصي. وحتي بعد عمل الدعامة والقسطرة فإن الشاعر يحتاج إلي علاج شهري مستمرلن يستطيع الحصول عليه إلا بقرار علاج علي نفقة الدولة . فهو لاينتمي إلي أي مؤسسة وليس له تأمين صحي. حالة رأفت رشوان ليست الوحيدة . فهناك العشرات من الأدباء يعانون نفس المشكلة . فإذا كانت الدولة تتشدق صباح مساء بقوتها الناعمة من الأدباء والمثقفين . فمتي تحترم آدميتهم وتقدر عطاءهم وتخصص جهة تكون مسئولة عن علاجهم في أزماتهم الصحية التي تودي بحياتهم لأنهم لم يستطيعوا تدبير نفقات علاجهم؟ أما كاتبنا الكبير علاء الديب فقد كان أحد المتصوفين الكبار والزاهدين في الشهرة والمال.أصدر مجموعة كبيرة ومهمة من المجموعات القصصية والروايات . وترجم العديد من الكتب والمسرحيات. وإلي جانب ذلك قام الديب بدور مهم في تقديم مئات المبدعين من خلال باب " عصير الكتب الذي قدمه لسنوات عديدة في صباح الخير وجريدة القاهرة. فقد كانت كتابة علاء الديب عن رواية أو ديوان شعر بمثابة شهادة صلاحية مختومة ومعتمدة من كاتب كبير أن اقرأوا هذا العمل فقد قرأته وأعجبني. رحم الله علاء الديب كاتبا كبيراً وإنسانا محترماو وصادقاً . عكف علي تجربته الإبداعية في هدوء وزهد دون صخب أو ضجيج. ولم يجن مالاً أو منصباً لكنه جني محبة واحترام وتقدير كل من له علاقة بالثقافة والأدب في هذا البلد الذي ربما يكون الوحيد علي مستوي العالم الذي لايقدر مبدعيه ولاأريد القول إنه البلد الوحيد الذي لايحب المثقفين والثقافة أصلاً.